د . زينب حزاميجسد متحف العادات والتقاليد بعدن رحلة الانسان اليمني الذي شيد الحضارات الاسلامية والثقافية العربية على أرض اليمن السعيد، مثلما قدم لنا صورا عن مراحل مختلفة من تاريخه الغني بالاحداث من معارك ورحلات تجارية إلى بلدان الشرق القديم وحضارات العالم القديم.ومن أشهر المناطق اليمنية التي تزرع فيها شجرة البخور حضرموت، المهرة، وجزيرة سقطرى، وقد كان قدماء اليمنيين يقومون بحرق البخور امام معبوداتهم في المعابد لارتباطهم بالطقوس الدينية في كثير من الديانات، وكذلك استخدموا البخور لاغراض علاجية، ومن هنا أصبح البخور سلعة تجارية مهمة للمزارع اليمني يكسب منها المال الوفير.ويجد الزائر لمتحف العادات والتقاليد في عدن، خرائط تجارة البخور في اليمن القديم في مدخل المتحف، كأنك تغوص في قلب التاريخ وسرعان ما تعيش ألفة مع المكان، حيث تجد عددا من الخرائط القديمة والحديثة لمدينة عدن وحضرموت وكذلك مفتاح بوابة منطقة كريتر. كما تجد قطعا اثرية لتاجر يمني قديم على ظهر الجمل. وصورة قوافل تجارة البخور وصورة شجرة البخور، وحذاء جلدي مصنوع من الجلد حيث اهتم اليمنيون القدماء بصناعة الجلود ذلك (2300ق.م) اضافة الى تحفة اختام يمنية قديمة، ولوحة تبين الخط المسند وترسم حروفه بشكل زوايا هندسية تسند أضلاعه بعضها لبعض ويكتب على هذا الخط على الحجار والصفائح الحديدية والبرونزية والنحاسية.وقد اشتهر في اليمن الخط الشعبي وهو خط الزبور الذي كانت به المعاملات اليومية ويكتب على شكل لين ومائل على قطع الاخشاب واعواد النخيل، وقد تضمنت النقوش الكتابية الرسمية منها والشعبية تواريخ واخبارا تعبر عن الاحداث السياسية والعسكرية ومظاهر الحياة اليومية كالمعاملات التجارية، فضلا عن القصائد الشعرية ومن اشهرها القصيدة المعروفة باسم (ترنيمة الشمس).[c1]متحف العادات والتقاليد اليمنية[/c]من النادران تجد مواطناً لم يزر المتحف مرة على الأقل في حياته، فهناك عدد من المواطنين يتمنى زيارة المتحف أكثر من مرة نظرا لوجود القطع الاثرية النادرة والقيمة، ومن العجائب والغرائب التي لاتخطر على البال، ونظرا للتغيير الدائم الذي يحدث في مختلف اقسام المتحف . هناك قسم يتطلب وقفة مع التاريخ المتجسد في صور وأشكال متعددة للاواني النحاسية والمعدنية والفضية والذهبية التي استخدمت في المطبخ اليمني في عصور مختلفة من العصر القديم حيث الاواني الحجرية والطينية حتى صناعة الاواني المعدنية المذهبية والمزخرفة في العصر الحديث مثل الصحون والفناجين والكؤوس القديمة التي تعود الى عهد الدولة الاسلامية. وهناك العديد من الاواني الفخارية المختلفة تعود الى مراحل تاريخية مختلفة.. ويعد متحف العادات والتقاليد اليمنية من المتاحف القليلة التي تجمع بين الفن والمعمار تحت سقف واحد.من اهم العلامات البارزة في المتحف (الازياء الشعبية اليمنية) لمناطق مختلفة من اليمن، ويعد هذا القسم اكبر قسم من المتحف ومن اهم المجموعات الاثرية والفنية. ويشتمل على الازياء اليافعية والعدنية والحضرمية والصنعانية، اضافة الى الحلي والمجوهرات الثمينة الفضية والذهبية، ويرجع تاريخ هذه الحلي الثمينة الى القرن السادس عشر الميلادي، وهي آية من آيات الفن اليمني القديم الذي يبعث في نفس المتفرج مزيجا من الشعور بروعة هذا الفن وجلال العبقرية للفنان والمبدع والصانع الماهر في اليمن، ويضاف الى هذه وجود بعض المجوهرات النادرة من الاحجار الكريمة والمصنوعة من اللؤلؤ الابيض الثمين والنادر ومن العلامات البارزة في هذا الجناح الذي يعتبر من أشهر اقسام المتحف لما يشمله من مجوهرات يمنية قديمة حيث يشتمل على القطع الاثرية كالصناعات اليدوية للاقمشة القطنية والحريرية والأثاث والتماثيل وغيرها مما يعكس عن اليمن القديم وتاريخه وديانته وعاداته وتقاليده وحياة شعبه من عادات وتقاليد يومية لمراحل مختلفة من التاريخ القديم حتى العصر الحديث.وفي المتحف اشياء كثيرة اخرى غاية في الروعة والاتقان وحسن الترتيب والتنظيم، مثل جلسات القات والبن المشهور شربه في اليمن (القهوة اليمنية) وغرف النوم المتنوعة، والاعمدة المنحوتة، والتحف المتعلقة بالزينة.
[c1]الزي اليمني الإسلامي[/c]كما يوجد قسم الازياء الشعبية اليمنية الاسلامية، حيث نجد أقمشة حريرية كتب عليها الحروف الابجدية العربية، وبعض القصائد الشعرية التي كتبت بالخيوط الحريرية الملونة كما توجد صور ومعامل صغيرة نموذجية لتطور صناعة المعاوز الرجالية والملابس النسائية، حيث يقدم نموذجا لتطور صناعة هذه الملابس وتلوينها وتاريخ قيام هذه الصناعة في اليمن والالوان المميزة والاشكال الهندسية التي تزين هذه الاقمشة وهذا القسم الخاص بالازياء الشعبية الاسلامية والازياء الشعبية المعاصرة يقدم ابتكار الفنان اليمني في الرسم على الاقمشة ونقله ثم بداية التطريز فالغرزة السحرية ونلاحظ ان صناعة الاقمشة البدائية خاصة في صناعة المعاوز الرجالية مستمرة حتى وقتنا الحاضر، والالوان التي تتميز بها الازياء الشعبية اليمنية والتي كانت سائدة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين هي الالوان الاساسية مثل احمر الدم والورد، ازرق السماء، اخضر المرج، والقلب والورد، الصحراء والشمس الأقل استخداما لقربه من البني اضافة الى نسج الآيات القرآنية على الأقمشة المخملية والحريرية.كما يوجد في المتحف قسم خاص بالأدوات والاواني الشعبية القديمة والحديثة التي توضح الحياة الاجتماعية ومظاهرها في اليمن عبر مراحل مختلفة، وتبين هذه الأدوات مظاهر الأسواق والحارات وهي من التراث المحلي والعربي والإسلامي.[c1]قسم الملابس الشعبية الحديثة[/c]كما توجد في متحف العادات والتقاليد بعدن، قسم الملابس الشعبية الحديثة المطرزة بالألوان الحريرية المتنوعة ترتديها الدمى المخصصة للعروض وحول اعناقهن العقود الذهبية، ويرتدين حللا رائعة من الحرير الثمين واغطية الرأس مقصبة بالذهب، ويجد الزائر للمتحف في هذا القسم مظاهر الحياة اليومية، والابداع الفني في صناعة وزخرفة الازياء الشعبية، والاقتباس من المناظر الطبيعية في زخرفة الألوان مع ادخال عناصر زخرفية متنوعة في نسج القماش وألوانه مما يبعث الاحساس برشاقة خيوط النسيج.[c1]نماذج لتطور صناعة الأواني الفخارية في اليمن [/c]وفي القسم الثالث من المتحف يوجد المطبخ اليمني ونماذج من صناعة الفخار وتطوره في اليمن، حيث يعرض هذا القسم بعض الاواني الفخارية القديمة التي استخرجت من المواقع الاثرية اضافة الى نماذج من الادوات البدائية مثل العجلة التي تدور بالارجل والفرن البلدي ثم تلك النقوش والزخارف الجميلة التي تزين المجموعة من المزهريات والاواني الفخارية بمختلف الالوان واحجامها وبعض الاواني الفخارية والثريات وبعض الاواني الفخارية التي استخدمت في عصور مختلفة ومراحل تاريخية مختلفة ايضا، كما يوجد في هذا القسم نماذج لصناعة السجاد والصناعات الجلدية التي اشتهرت في اليمن منذ القرون الوسطى وصناعة الفضة والذهب وهناك العديد من النماذج لتطور صناعة الحلي والمصاغات التي تخرج من ايدي امهر الصياغ، وهذه النماذج التي توجد في المتحف اليمني للعادات والتقاليد بعدن تدل على اهتمام الدولة اليمنية بالصناعات المحلية التي تعد عناصر قوة ونماء للمنتج السياحي اليمني.يستقبل المتحف كل عام عددا كبيرا من الزوار المحليين، اضافة الى السياح الذين يأتون لزيارة المتحف وفي مقدمتهم الألمان والفرنسيون والإيطاليون والأسبان ثم بقية السياح من الاوروبيين، والسياح العرب، واعدادهم في ازدياد ملحوظ من سنة إلى أخرى.إننا ومن خلال زيارتنا لمتحف العادات والتقاليد اليمنية في عدن ندعو إلى ضرورة تشجيع الدعاية الإعلامية عبر الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون حتى يزداد عدد الزوار لهذه المتاحف الوطنية التي تعد جزءا هاما من السياحة والثقافة اليمنية، وحتى لايضيع عمل الدولة في تشجيع الاستثمار والنشاط السياحي، وفتح المجال أمام المستثمرين لبناء الفنادق وتشجيع الدعاية الاعلامية للمتاحف وقيام المعارض المحلية والدولية للآثار اليمنية، فالسياحة في اليمن تعد اختيارا استراتيجيا ورهانا اقتصاديا اقدمت عليه الدولة اليمنية منذ قيام الوحدة اليمنية المباركة 1990م، وكان رهانا ناجحا، إذ أصبح القطاع السياحي يساهم بنحو 5،5 % من الناتج المحلي الاجمالي، كما يوفر حاليا عددا لايستهان به من مواطن الشغل المباشر وغير المباشر، لذلك حرصت الحكومة اليمنية على وضع سياسة سليمة لتنويع المنتوج السياحي وإثرائه والعمل على بناء العديد من المتاحف المحلية والاهتمام بالمواقع الاثرية وتوثيق القطع الاثرية، والاهتمام بتطوير المعهد الفندقي بعدن، والاهتمام بالصناعات التقليدية وفتح مراكز لاعداد وتدريب كوادر الصناعات التقليدية وتقديم القروض المالية للحرفيين للنهوض بالصناعات التقليدية من اجل الحفاظ على العادات والتقاليد اليمنية الاصلية وتكثيف المشاركة في المعارض الدولية التي تقام بالخارج للتعرف على المنتج التقليدي واعداد الافلام والنشرات التوثيقة حول الصناعات التقليدية وقيام معارض في المتاحف الدولية للتعرف على القطع الأُثرية والتعرف على العادات والتقاليد اليمنية القديمة والحديثة.