مدن عربية وعالمية
[c1]* ملتقى الطرق القديم[/c]
كانت الثقافات اليونانية والهندية والفارسية القديمة تنتقل الى داخل آسيا والصين عن الطريقين الجنوبى والشمالى ، وهناك منطقة صينية لا يمكن لأي مار تجنبها سواء اختار الطريق الجنوبي أو الطريق الشمالي، الا وهي منطقة (كاشغر) ، وكانت مكانا يتوقف فيه المارة من داخل الصين والمارة من الدول الغربية، ان الذين يتوجهون الى الغرب يتوقفون فيها للاستراحة والتزود بالمؤون استعدادا لاجتياز الجبال الشاهقة، اما الذين يتوجهون الى الشرق، فكانوا ينزلون توا من جبل كونلون، ويحتاجون الى استعادة قوتهم الجسدية او تلقي علاج طبي فيه استعدادا للجولة القادمة ، وبهذا فقط يمكن القول ان منطقة (كاشغر) ملتقى طرق في التاريخ القديم.. وفى عام 128 ق م، وصل تشانغ تشيان الى كاشغر(اطلق عليها اسم سوله حينذاك)، وكان يباع فى اسواق تلك المنطقة الحرير الصينى والمينا الملونة من روما القديمة والعصور الفارسية على حد قوله. وبعد ذلك، حسب السجلات التاريخية، انطلق قان ينغ من منطقة كاشغر واجتاز سلسلة من الجبال حتى وصل الى الخليج الفارسي. حيث نصحه الآخرون بالتخلى عن مغامرته قائلين:ان عبور البحر يستغرق نصف عام على الاقل حتى ثلاثة اعوام فى حالة الابحار عكس الريح. فتوقفت خطوات قان ينغ هناك. وحينما وصل الرحالة ماركو بولو إلى منطقة (كاشغر) عام 1271م، وجد أن أهالي هذه المنطقة يؤمنون بالدين الاسلامي. وما ترك انطباعات عميقة فى ذهنه هو أنه حيثما ذهب، وجد بساتين وكروما جميلة بالاضافة الى الوعي التجاري العالي لأهالي منطقة (كاشغر)، اذ قال : ترك تجار منطقة ( كاشغر)آثارهم فى كل ركن من العالم. وبالرغم من وجود قنوات ووسائل اسهل للتبادلات بين الشرق والغرب في الوقت الحالي، ما زالت مدينة (كاشغر) التى شهدت 2000 عاما من تاريخ التبادلات بين الحضارات الشرقية والغربية ما زالت اقرب المدن الصينية من اوربا. عندما تصل الآن الى مدينة (كاشغر)، تجد انها مدينة عصرية جميلة ، ولا يمكنك ان تشعر بالملامح التاريخية لهذه المدينة القديمة والقومية العريقة الا بزيارة مدينة (كاشغر) القديمة ، حيث ان المدينة هادئة والبيوت نظيفة ومبنية من الطوب اواللبن، وبعض الناس يبيعون الخبز الطازج خارج بيوتهم، اما البعض الاخر فيصنعون الحلى الذهبية والفضية فى بيوتهم، فتنبعت منها اصوات الدندنة. وهناك منظر غريب فى مدينة كاشغر القديمة ، اذ ان هناك كثيرا من الغرف المعلقة فوق الشوارع، ويمر المارة تحت هذه الغرف ، وسبب بناء هذه الغرف المعلقة، يعزى إلى كثافة السكان العالية فى هذه المدينة القديمة ، اذ بلغت 80 الف نسمة في كل كيلومتر مربع، وتجاوزت الى حد كبير نظيرتها فى مدينة شانغهاي.