قرطبة
قرطبة مدينة وعاصمة مقاطعة تحمل اسمها بمنطقة الأندلس في جنوب إسبانيا وتقع على ضفة نهر الوادي الكبير، على دائرة عرض (38ْ) شمال خط الاستواء ، يبلغ عدد سكانها حوالي 310,000 نسمة. اشتهرت أيام الحكم الإسلامي لإسبانيا حيث كانت عاصمة الدولة الأموية هناك و من أهم معالمها مسجد قرطبة .تأسست قرطبة كمستوطنة رومانية على الجانب الشمالي لنهر الوادي الكبير (نهر بيتيس قديماً) في عصر جمهورية روما سنة 206 قبل الميلاد، ثم صارت عاصمة لولاية بيتيكا (جنوب إسبانيا) ضمن الإمبراطورية الرومانية. و قد ظلت قرطبة مدينة رومانية لمدة تزيد عن سبعة قرون، و لذلك ما زالت في قرطبة آثار من الحكم الروماني، أبرزها الجسر الروماني («بوينتي رومانو») الذي يقطع الوادي الكبير، و أطلال معبد روماني، بالإضافة إلى ضريح روماني مكتشف حديثاً. و ظهر في قرطبة في تلك الفترة الفيلسوف سينيكا.وبعد سقوط الدولة الرومانية على يد الغزوات المتتابعة من قبل القبائل الجرمانية ( البرابرة )، انحدرت على شبه الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا و البرتغال حالياً) بعض هذه القبائل كالوندال و الآلان، و تبعهم القوط الغربيون الذين كان أمر الجزيرة بأكملها، بما فيها قرطبة، قد آل إليهم وقت وصول المسلمين في القرن الثامن الميلادي (الأول الهجري)، بعد صراع مع الروم البيزنطيين .وفتح الأمويون قرطبة على يد القائد المغربي طارق بن زياد سنة 711 م، بعد أن عبر بقواته إلى أيبيريا (التي سماها المسلمون ببلاد الأندلس) وقتل ملكها لذريق (رودريك). و قد جعل الأمويون الأندلس ولاية تابعة لولاية المغرب، حتى جعلها عمر بن عبدالعزيز ولاية الأندلس تتبع للعاصمة الأموية في دمشق بشكل مباشر. و جعل الأمويون قرطبة مقراً لولاتهم على الأندلس فظلت كذلك حتى سقوط الدولة الأموية على أيدي العباسيين عام 750 م.وهكذا أستمرت قرطبة بيد المسلمين إلى أن سقطت دولة المرابطين والموحدين اخر الدويلات الالامية التي حكمت الاندلس بيد الاسبان ففرغت قرطبة سريعاً بعد ذلك من معظم سكانها المسلمين، و سمح الملوك الإٍسبان لمن تبقى منهم بالبقاءعلى الإسلام بعد استيلائهم على المدينة، أسوة بباقي المسلمين في الأندلس، و استخدموا العمال و المهندسين المسلمين في تصميم مباني و قصور و كنائس لهم على الطراز الأندلسي، و سمي المسلمون الباقون تحت حكم الإسبان بالمدجّنين («مديخار» بالإسبانية)، و لكن ذلك لم يستمر طويلاً، إذ بدؤوا بعد ذلك بالتضييق عليهم ثم إجبارهم على اعتناق المسيحية من خلال محاكم التفتيش، إلى أن قرّرت إسبانيا طرد المسلمين و أحفادهم ممن اعتنق المسيحية من سائر البلاد، كما تم طرد اليهود منها أيضاً، و ذلك في بداية القرن السابع عشر، و تم توزيع الأراضي و الإقطاعيات على مهاجرين مسيحيين من الشمال أعادوا توطين المدن مثل قرطبة.و لا يزال الحيّان الإسلامي و اليهودي القديمان معروفين في قرطبة الحالية، كما بقي مسجدها الضخم قائماً في وسطها، إلا أنه تم بناء كنيسة في قلب المسجد في القرن السادس عشر، و يستخدم الجامع الآن ككاتدرائية تتبع الكنيسة الكاثوليكية. و قد جعلت اليونيسكو وسط مدينة قرطبة (أي الحي القديم بما فيه المسجد و الحي اليهودي) موقعاً من مواقع التراث العالمي، بالإضافة إلى مدينة الزهراء المجاورة لقرطبة .ومن ابرز معالمها قصر قرطبة (Alcazar) و هو قصر ابتناه حكام قرطبة المسيحيون بعد استيلائهم عليها على موقع قصر قرطبة القديم، ومنه تم السماح لكريستوفر كولمبوس عام 1492 بالسفر بحثاً عن طريق جديد إلى الهند. الجسر الروماني، الذي يقطع نهر الوادي الكبير، و قد تم ترميمه في العصر الإسلامي، و لا يزال مستخدماً اليوم. المعبد الروماني، إلى الشمال من المدينة القديمة. مسجدها الجامع من أجمل ما أبدعه المسلمون في الأندلس، وقد صنفه اليونسكو كموقع تراث عالمي ، الحي اليهودي بقرطبة ..