«إلى شوقي شفيق في إكماله السبعين»
.jpeg)
قبل فترة كتبت عن شوقي مقالاً في موقع (صوت عدن ) الإلكتروني لصاحبته الإعلامية القديرة الأستاذة ضياء سروري بعنوان : (شوقي شفيق ...مازال في الشعر بقية )، وأشعر أن العنوان لايزال صالحا ًاليوم بمناسبة ولوجه عتبة العقد الثامن أطال الله في عمره ليثري الساحة بمزيد من شعره. ومن ضفاف ذلك المقال، أقتطف نزراً مما كتبته عنه : «عندما ارتكب شوقي شفيق قصيدته الأولى كان في الثالثة عشرة من عمره، فقط ! ويبدو أن الرقم 13فال حسن للشعراء في عدن، لأن أديب قاسم أيضاً كتب الشعر وهو في الثالثة عشرة، وكذلك الشاعر محمد سعيد جرادة على عكس الأوربيين الذين يتشاءمون من هذا الرقم!
الطفل الذي ولد في جبل العيدروس، في واحد من أقدم أحياء مدينة كريتر العتيقة في 21 ابريل سنة1955م، في مدينة عدن التي ترى فيها وجه الله أينما اتجهت . المسجد والكنيسة والكنيس والمعبد، جنباً إلى جنب حين كانت عدن لاتزال مدينة متسامحة تقبل بالآخر وبالتعايش الديني والثقافي والإنساني. حين كانت متيقنة من الآخر ولاتخاف، كانت دار أمن وسلام..
ذلك الطفل وجد في نفسه موهبة غريبة، لايدري كيف جاءت، لكنها ومضت. أحس بإرهاصاتها من قبل، لكن الذي فجرها شِعراً، كان حرق الصهاينة للمسجدالأقصى في2 أغسطس 1969في القدس الشريف على يد استرالي يُدعى «مايكل دنيس روهن.»
ذهب شوقي بأداة الجريمة على حد تعبيره إلى أبيه فرحاً بما ارتكب..ووقف ينتظر الحُكم مثل أي مُذنب !
القصيدة الأولى التي كانت «بيتية»، لم تثر حماس الأب الذي كان مثقفاً وقارئاً للشعر بامتياز، وكتب الكثير من القصائد العمودية التي لم ينشرها. خاف على ابنه من هكذا استعجال.أمسك برأسه، ولم يعطه الإجازة التي كان يتوقعها منه، لكنه أجل الحكم إلى حين . قال له : اقرأ.. وكررها ثلاثاً. وطلب منه التريث . طبعاً لم يقل له انسَ الشعر، أو انسَ أن تكون شاعراً، بل وفر له مايجعله أن يكون شاعراً ؛ دواوين ابي نواس، وابي تمام، وابي العلاء، وبشاربن برد، وغيرهم من شُعراء العربية ذات زمن . وفي مرحلة لاحقة دواوين الأخطل الصغير - بشارالخوري، وسعيد عقل، ونزار قباني وغيرهم في زمن عربي آخر . فنهل من الزمنين، ومن فحول الشعراء فيهما ..
في مدينة تتنفس شعراً، وفيها شعراء كبار أمثال محمد عبده غانم ومحمد سعيد جرادة ولطفي جعفر امان وادريس حنبلة وعبدالله فاضل فارع وعبدالرحمن فخري والأخوين زكي وفريد بركات ..في مدينة هي الأولى تقريباً في كل شيء، في القصة القصيرة والرواية والمسرح والسينما، والتجارة الحرة، والكهرباء، والتلفون، والراديو والتلفيزيون والغناء والصحافة ...كان لابد أن يكون لشوقي الشاعر مكان فيها يكون بين الأوائل..
كان الشعر دهشته الجميلة، فلم يتأخر كثيراً حتى يصبح أحد شعراء الحداثة في مطلع السبعينيات من القرن العشرين الماضي .
حين بدأ يبرز في الساحة جيل الشباب من شعراء الحداثة الشعرية الذين كان يقف على رأسهم في عدن بالإضافة إليه: محمد حسين هيثم، وجنيد محمد الجنيد، وسعيد البطاطي، وعبدالرحمن ابراهيم، وعبدالرحمن السقاف، ومحمد ناصر شراء، ومحمد حسين الجحوشي، وخالد حريري والذين بدأوا كباراً بتعريف الشاعرعبدالعزيز المقالح في كتابه : (البدايات الجنوبية ).
أصدر ديوانه الأول (تحولات الضوء والمطر) سنة 1983.وأعقبه في السنوات اللاحقة بست مجموعات : «أناشيد النزيف»، «مُكاشفات»، «شرك شاهق»، «الأرض في بهارات هاويتي»، «حين أنفق الكائن بصيرته»...وفي «رواية أخرى» 2010، وآخر ماصدرله : «مُحتشدا .. برايات ويقطين وغياب«. 2024.كماأصدر (خرائب الأنا...صلصال الملك)، بالاشتراك مع الشاعر نجيب مُقبل . وله ترجمات من الإنجليزية، ويكتب القصة القصيرة والمقالة الثقافية.
وترجم شعره إلى عدة لغات عالمية.
مشوار شوقي، كان طويلاً، استغرق سنوات من الاشتغال على قصيدة النثر والحداثة الشعرية، وتطوير تجربته الشعرية باستمرار. وفي كل قصيدة، وكل مجموعة جديدة تشعر بذلك حتى لايترك أي تفصيلة للصدفة. وبجهده ومتابعته الدؤوبة نقش لنفسه وشعره مكانة مرموقة واسماً بين الأوائل في عالم الشعر والقصيدة الحديثة.
شوقي شفيق .. مازال في الشعر بقية لم تقلها بعد ..
كل البهاء لك أيها الصديق الجميل ..
كل سنة وانت طيب .