محمد عمر بحاح
ومثلما يعطي الألمان - والأوربيون - عموماً العمل حقه، ويخلصون فيه إلى حد القداسة، فانهم أيضاً يعطون الجسد حقه من الراحة.. ويخططون لإجازاتهم أسبوعية كانت او سنوية بنفس الدقة.. يدخرون، ويقررون إلى اين سيذهبون، وكم سينفقون على: المواصلات، الفنادق، الطعام والشراب، الاستجمام، والأماكن التي سيزورونها..كل مارك محسوب حسابه. والخيارات امامهم كثيرة في العاصمة برلين او المدن الشاطئية، او الجزر والمرتفعات الجبلية. ولم ينسوا أن يدرجوا من بين برنامج زيارة العبدلله قضاء السبت والأحد وهما عطلة نهاية الأسبوع عندهم في مكان مريح بعد أسبوع حافل بالعمل الكثيف: الزيارات والمقابلات بدون رحمة، زيارة مصانع ومزارع دولة وتعاونيات زراعية ومتاحف، ومدينة دردسدن ومرتفعات سويسرا السكسونية، وإجراء مقابلات مع مسؤولين. تخللها مشاهدة حديقة حيوان برلين، ومسرحية استعراضية، ولعب "البولينج" وزيارة مدينة العاب مائية، والانزلاق من اعلى مرتفع والهبوط على بركة ماء....
يبدو ان مرافقي الالماني كول، وهو بالمناسبة دليل سياحي وصحافي حر كما قال لي، كان له دور ما، في وضع لمساته على تنفيذ برنامج الزيارة خاصة في جانبها الترفيهي.. وبالمناسبة بعكس ما يقال عن الألمان من شدة وصرامة فقد وجدته في منتهى الكياسة واللطف، واضفى على زيارتي متعة وفائدة ما كنت لأشعر بها بدونه والمترجم المصري د.محمد عمر. وكسبت صداقتهما خلال فترة الزيارة إلى درجة انني رأيت الدموع في عيونهما لحظة ودعاني في مطار برلين عائداً إلى عدن عن طريق موسكو. لكنهما اخفيا عني المكان الذي سنقضي فيه العطلة إلى اللحظة الأخيرة..
فقط قالا لي اننا ذاهبون إلى روستوك.
وهي مدينة وميناء بحري تقع في شمال ألمانيا على مصب نهر "فارنوف" على بحر البلطيق.. ويعد اهم ميناء في المانيا الديمقراطية تم بناؤه بين أعوام 1957 – 1960م.
قبل ان نصل "روستوك" بقليل اسر لي الدكتور محمد عمر، بأننا اوشكنا الوصول إلى شاطئ العراة.. قلت وقد اذهلتني المفاجأة:
_ ماذا ؟!
_ شاطئ العراة..
لم اكن مصدقاً بعد.. ظننته يمزح كما هي عادة المصريين، فسألته مجدداً هنا. وفي المانيا الشرقية..؟! قال: نعم. قلت: لو قلت لي في المانيا الغربية، او فرنسا، لصدقت.
قال وهو يضحك من سذاجتي:
_ كلهم المان ! واوربيون !
وأضاف:
المذهب الطبيعي – ليس بالأمر الغريب في ألمانيا، ظهرت "ثقافة الجسم الحر" جنبًا إلى جنب مع شعبية الطب الطبيعي في القرن التاسع عشر وقيل إنها تعالج الأمراض الشائعة من الروماتيزم إلى التهاب الشعب الهوائية.
انشئ اول شاطئ للعراة في جزيرة "سيلت" في سنة 1920م ومن المعروف ان جزيرة سيلت Königin دير نوردسي (ملكة بحر الشمال). تقع في أقصى الطرف الشمالي من ألمانيا، وتشتهر بمناخها الصحي ومناظرها الطبيعية الخلابة وشواطئها البكر.. هناك أميال من الشواطئ الرملية الجميلة تؤدي إلى الكثبان الرملية والمياه الصافية. بعيداً عن الاكتظاظ، في بعض المدن والشواطئ.
وصلنا الشاطئ المقصود.. وهو واحد من أوسع الشواطئ على بحر البلطيق، عرضه 80 متراً، كنا في الصيف لهذا كان الشاطئ مزدحماً بالمصطافين.. الرمال المتلألئة والمياه النقية والممشى في أفضل شواطئ ألمانيا..