ومن حسن الطالع أنني زاملت بعضهم في مهنة التعب اللذيذ التي تأكل أبناءها لحماً وترميهم عظماً -كما يقال- وبعضهم الآخر ينتظر وما بدلوا تبديلا.
لقد فقدت الأسرة الإعلامية عامة وصحيفة (14 أكتوبر) خاصة خلال الأعوام الماضية كوكبة من هذه الأقلام، لعل أبرزها رحيل المغفور له بإذن لله تعالى إبراهيم الكاف الذي كان رئيساً لمجلس إدارة هذه المؤسسة الصحافية وصاحب يراع رشيق في كتابة القصة القصيرة ، فضلاً عن غياب الصحفي الكبير معروف حداد الذي عاش حياة حافلة بالبساطة ومعجونة بإبداع الصحافي والروح الإنسانية المترعة بحب الآخر مهما اتسعت شقة الاختلاف ..وكان يتميز ابن حداد بانسيابية قلمه الرشيق وكان متخصصاً في القضايا العربية ونسج علاقات متينة مع كبار القادة الفلسطينيين خلال سنوات عمله الصحافي.
ومن الزملاء الذين التقيتهم في أسرة تحرير هذه المطبوعة المغفور له بإذن لله تعالى المبدع شكيب عوض الذي كان له باع طويل في ميادين الثقافة والفن ..وممن كان له أيضاً اسهامات في عديد البرامج التلفزيونية وبعض المؤلفات عن حياة مشاهير الأدب والفن في عدن.
وبالمناسبة أحيي ثلة الزملاء في منتدى الطيب الثقافي وفي مقدمتهم الصديق نجيب صديق الذين أحيوا منذ أيام ذكـرى ميلاد هذه القامة الإعلامية ، في فعالية أثروا فيها جوانب الإبداع التي اجترحها الفقيد طيلة عمله الإعلامي.
ولست أنسى أيضاً فجيعتنا برحيل صاحب القلب الكبير والإعلامي المتميز المغفور له بإذن الله تعالى عصام سعيد سالم الذي تقلد عدداً من المواقع الصحفية ،سواء في هذه المطبوعة أو غيرها ،حيث كان آخر عمل تقلده كنائب لرئيس مجلس إدارة هذه المؤسسة قبل أن يرحل عام 2007م فضلاً عن إصداره مجلة ( صم بم) التي سجلت منذ مطلع التسعينيات سبق الإصدار الكاريكاتوري .
ولقد كانت فجيعة الأسرة الصحفية كبيرة في رحيل كوكبة أخرى ممن غيبهم الموت ومنهم الزميل محمد شرف صاحب التحقيقات الصحفية الرصينة والأسلوب المتفرد والكاتب أحمد مفتاح الذي تميز بفلسفة خاصة تجاه مختلف القضايا الوطنية وصاحب القلم الرشيق في ميدان الرياضة حسين يوسف والصحفي محمد حمزة الذي كان يرسم بحبر مراراته كلمات في عشق الوطن , فضلاً عن رحيل أسماء أخرى كالزميلين مختار البطر ومحمد الميوني والزميلات ضياء محمد عبدالله ونجيبة قعطبي وجميلة مكرد والمصورين جان عبدالحميد وعلي فارع وغيرهم ممن زاملتهم خلال تلك الفترة ،إذ كانوا جميعاً يتميزون بحس مرهف وتفانٍ في الإخلاص لرسالة الحرف وجمالية الصورة وصدقية الانتماء للمهنة وللوطــن .
وفي الوقت الذي ألتمس من القارئ الكريم العذر لنسيان بعض رفاق الحرف الذين ترجلوا و خانتني الذاكرة في استحضار أسمائهم والتذكير بأدائهم الرائع ، فضلاً عن الأعمال الجليلة في بلاط هذه المهنة التي أفنوا زهرة أعمارهم دون من أو أذى ،متمنياً أن تكون ذكرى الراحلين العطرة دروساً يستفاد منها وعنواناً يذكر المسؤولين في وزارة الإعلام والقيادة الجديدة في هذه المؤسسة العريقة و نقابة الصحفيين تقديم التحية لهم والاهتمام بأسرهم وكافة الذين رحلوا على هذه القاعدة من التفاني في حب المهنة والوطن على حد سواء.