ولن تجانب الصواب طالما أنك على معرفة حقيقية بذاتك حيث تعرف مكامن الضعف ومواطن القوة في شخصيتك وعلى أساسه، فأنت تتقن وتجيد فنون التعاطي والتعامل مع الذات إلا أن زحمة الأعمال وتداخل المهام، وأنماط التنافس مع الزملاء والاقتراب والاقتران قد تنسيك الواجب الإلزامي تجاه ذاتك. ومع مرور الأيام وتقادم الشهور والأعوام ( وأنت على هكذا حال ) حتماً ستفقد الرؤية السليمة للعناية والرعاية بذاتك حيث ستقرب من هاوية خسران ذاتك على الدوام.
بيد أنه ينبغي عليك وأنت تمر بهذا المنعطف الخطير أن تعطي لنفسك فرصة نهائية لانتشالها من براثن الخسران المبين، وفق ما يستوجب عليك من تدارس الوضع القائم وما فيه من استلاب وتماهٍ لقد راتك وطاقاتك ومواهبك الفذة إذ يجب عليك أن تربأ بنفسك عن خسارة ذاتك وتدرك فهم التعريض والتلميح من الأتراب المخلصين المحبين الذين عادة ما يجتهدون على إبعادك من مواطن الخسارة.
وتعد خسارة الذات من أفدح الخسائر على الإطلاق، فخير لك أن تكسب ذاتك ولو خسرت جميع الناس، فخسارة الذات من أبشع المصائب والرزايا والبلايا، وهي فاجعة تدع القلب حزيناً ومكلوماً وموجوعاً، فمن خسر ذاته هو إلى الموت أقرب، فهو الحي الميت إذ يموت في كل لحظة سبعين مرة، ولا يقوى على العيش معا في البدن سليم الوجدان حيث يتذمر من المواجع المتكررة التي يحدثها سوء تصرفه وعدم تقديره للأمور بروية وفطنة وكياسة، وعادة ما تفضل حياة الانطواء والانزواء جانباً في ظلمة موحشة.
فثمة سبل تؤدي إلى خسران الذات، فالتوبيخ الدائم للذات عقب مواقف الإخفاق والفشل يعد من أخطر السبل التي تدفع المرء باتجاه الخسارة الذاتية، كما أن التفكير التشاؤمي والنظر إلى الحياة بنظارة سوداء سبيل يفضي بالمرء إلى خسران ذاته، زد على ذلك محدودية الثقافة للفرد واستسلامه للأوهام والوساوس، هذا فضلاً عن عدم ممارسة البرمجة النفسية والعصبية الذاتية التي لها عظيم الأثر الإيجابي البالغ على كسب الفرد لذاته وعدم جعلها فريسة للاختلال والاضطراب النفسي والعصبي ، هذا إضافة إلى الجزع وعدم التحلي بالصبر أثناء الملمات والمدلهمات والخطوب في جو نفسي كئيب.
نوافذ
* كل مأساة تصيبك فهي درس لا ينسى، وكل مصيبة تصيبك محفورة في ذاكرتك، ولهذا هي النصوص الباقية في الذهن.
* *النجاح قطرات من المعاناة والغصص والجراحات والآهات والمزعجات، والإخفاق قطرات من الخمول والكسل والعجز والمهانة والخور.
* هنيئاً لمن بات والناس يدعون له، وويل لمن نام والناس يدعون عليه، وبشرى لمن أحبته القلوب، وخسارة لمن لعنته الألسن.