هادي الرجل الذي إذا حضر وظهر، كان حضوره وظهوره ينبئ به هو لا عن شخص آخر يطمع ان يختفي خلفه ووجه غير الوجه الذي له الناس تعرفه يستحضره يتقمصه .. إذا حضر وظهر كان حضوره وظهوره طبيعياً غير مصطنع .. لا بالمسبوق بمقدمات ومؤخرات، ورتوش ومحسنات .. وظنون وتوقعات .. واصطفاف اعلام وشعارات .. وصور وهتافات، ولا بالمحاط بهالات تزوير واشارات ترهيب وترغيب ووعيد .. وبكل ما يوحي بأنه الوحيد، المختار والمقدم .. فعال لما يريد.
وإذا انصرف انصرف بلا تخبط أو ضجيج .. وبلا حاجة لخطط تمويه، وتغيير وتبديل .. وتلاعب مقصود بالمواعيد .. وإطلاق اصوات ابواق النفير .. وطوابير مسوخ قبله وبعده تسير .. وأخرى تطير .. وعلى كل حدب وصوب تغير .. ترصد، تشتم، تصدم، تصادر، تستعدي وقد تقتل، كل شيء يتحرك يمشي، بالقرب وعلى سواء السبيل. وينصرف حين ينصرف بهدوء الإنسان المتعقل البسيط .. المتوازن الواثق غير الذليل .. خفيفاً غير مثقل بشطحات الخواء والقصور، ولا مثخن بثقوب العجز والبلطجة المطلقة المموهة بمقارع الطبول، وصخب البهارج والفسوق، ودوام استهواء الركون والهروب إلى مواخير الفاحشة والغيبة والنميمة والفجور.
انه هادي الرئيس الإنسان العامل بضمير، لا بالماجن ولا بالعابث ولا بالمتلون .. هادي الرجل الذي يخطئ ويصيب، دون ان يتحرج من الاعتراف بخطئه إذا أخطأ بلا تنطع أو مكابرة. ويصيب عندما يصيب دون ان ينتابه الغرور ويستهويه الضوء والحشود، وإقامة الولائم وتوزيع النقوط، وينتهي عند هذه الحدود .. لا يرى ما يدور غارقاً في الرسوب.