وما أن جاء اليوم الذي نفتح أعيننا صوبها متلهفين ومتشوقين لتسهيل سبل الانتقال إليها والوقوف على ملامح الدهشة فيها، حتى كانت قد سبقتنا إليها أيادي النهب والسطو والمصادرة.. تتخطفها وتعبث فيها وتنتهك - مشوهةً- عذريتها ونواميس الإبداع الكوني فيها.
تعديات وتجاوزات قبيحة فاحشة مستنكرة، رحنا نستقوي عليها ونهون من قدرتها مهللين ومصدقين ما تلاحقت من أخبار رسمية وقرارات حكومية ورئاسية قرأناها باعيننا وسمعناها بآذاننا. بعضها يقر جزيرة سقطرى محمية طبيعية، وبعضها يعتمدها جزيرة سياحية، وبعضها يتحدث عن اتفاقات وبروتكولات مع شركات ومؤسسات دولية اختصاصية تعمل وفق ماهو مخطط لهذه الجزيرة. وأهم من كل تلك القرارات الرسمية ذلك القرار الرئاسي الذي قضى بسرعة تعقب وحصر وضبط كل الذين قاموا بالسطو، والنهب والتصرف بأراضٍ على هذه الجزيرة، وتقديمهم دون استثناء أمام القضاء للمحاكمة ونيل جزائهم العادل لقاء ما اقترفته أيديهم الآثمة، وأطماعهم الدنيئة على وفوق مساحات جزيرة سقطرى.
وفيما كنا ننتظر بارتياح وسعادة أنباء عن تطبيق ذلك التوجيه الرئاسي الذي به سيعاد الاعتبار للقرارات السابقة وسيعيد تصحيح الأوضاع على الجزيرة، تناقلت الأخبار أن الحقيقة الوحيدة القائمة والباقية هناك هي أعمال السطور والعبث والنهب العشوائي والممنهج للسهل والجبل معاً، وأن ما سمعناه وقرأناه وفهمناه من وجود اهتمام وحرص على سلامة تكوين هذه الجزيرة لا يعني في واقع الأمر إلا إعطاء الحق بمزيد من العبث والتدمير والإلغاء لمكوناتها ومعالمها وقيمها الطبيعية الجمالية النادرة وليس أي شيء آخر مما كنا نتوقعه ونحلم به.