إن هذه العقلية الاقطاعية الكهنوتية العسكرية القبلية عمقت وزادت من شرخ الجدار الاجتماعي على قاعدة فرق تسد لفتح الطريق أمامها للبقاء مسيطرة على مفاصل السلطة واستمرارية الاستحواذ على خيرات وثروات الوطن، فالشباب والمرأة الذين تعطلوا بفعل هذه السياسات المختلفة - المرأة بدأت في التصعيد وهي مؤمنة بعدالة قضاياها وتصدرت الواجهات والمواجهة المناهضة للإقطاعيات العسكرية القبلية وتيارات الإسلام السياسي - سخروا كل جهدهم بالكثير من الوعي السياسي والثقافي المواكب لحاجات التطور المدني الحديث، وكسبوا مساحات واسعة من دائرة الضوء في المشهد السياسي واتسعت بهم دائرة القبول والانتشار على امتداد ساحة الوطن الكبير فهزت المرأة وهي تتصدى للعقول المتخلفة الأرض من تحت الإقدام وكان ذلك المسمار الأخير على نعش المنصات في مختلف الساحات والميادين والمرأة تعتليها تتحدث بأعلى صوتها، تلقي الشعر وتردد الأناشيد والشعارات وتقود المسيرات نحو الآفاق الواسعة والانفتاح والحرية، وتوزع باقات الورد والابتسامات بكل حب وإخاء وتقدير واحترام للآباء وزملاء الحراك الشعبي للتغيير السلمي، وواجهت المرأة الكثير من الصعوبات والمضايقات والعناد والتكفير والتهديد والوعيد ولكنها صبرت وصابرت ووقفت بثبات في كل الميادين والساحات في كل مدن محافظات البلاد، فواجهت بإصرار لايلين وثقة وعزيمة قوية بقدرتها وبإرادة الشعب وانتصرت لحريتها وفتحت أمامها الطريق واسعاً ووفرت لها الحماية والغطاء لأنها الأم والأخت والبنت لأنها رمز لحرية وطن ينشد العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية، المرأة كائن اجتماعي متميز في القدرات والإمكانات فهي تخلق الأجواء المناسبة للخلق والإبداع التي تريد أن تكون فيها مشاركة وشريكاً فاعلاً وإيجابياً لهذا نجد الأحاسيس والمشاعر الطيبة تتوزع بنوع من التوازن الذي لايخل بوجودها ومكانتها.
لهذا فإن وجودها كشريك إلى جانب أخيها الرجل هو دافع محفز للتنافس الإيجابي ومساعد في ترتيب الأفكار المتناثرة والتركيز في الموضوع محل الدراسة والبحث وهي الأقدر في عملية الإعداد والتحضير والاشتراك بفاعلية وعناية إنسانية سياسية واجتماعية لأنها صاحبة الهم الأكبر في صناعة وخلق الأجواء المناسبة- ابتداء من البيت والشارع والمدينة - لمجتمع سليم أكثر أمناً واستقراراً والبحث عن وضع المناخات الاجتماعية المستوعبة كل المتناقضات والتباينات، وبذلك فهي عنصر مهم ومكون اجتماعي أساسي في الوجود والسكينة والهدوء الذي يتطلبه العيش المشترك والسلمي في هذه الحياة وفي الأزمات فهي الأهدى والأطول بالا واستيعاباً لمتطلبات وحاجات البحث المتعمق للوصول إلى الجذور ومعرفة وضع الحلول.
لقد حاول العقل الذكوري مراراً ومنذ زمن بعيد إخراجها من المشهد السياسي والاجتماعي بالاستعانة بفتاوى الإسلامي السياسي واستغلال الجهل وموروثات الظلم والظلام للعهود السابقة المتخلفة التي تقول أن ( صوت المرأة عورة ) وهاهي اليوم ترفض إلا أن تكون شريكاً فاعلاً وبصوت قوي وعال لتؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها الأجدر والأفضل في الإدارة والقيادة وان ( صوت المرأة ثورة وليس عورة ).
والله من وراء القصد