ليس هذا ما دعاني إلى معاودة الكتابة عن هذه القضية، بل مستجدات كثيرة، تلاحقت في بيانات وتصريحات الشيخ علي عبد ربه العواضي، وأبرزها قوله إن هذه القضية تعتبر من القضايا العصية على الحل.. لماذا هي عصية على الحل ياشيخ؟ الحل بسيط للغاية، وهو تسليم القتلة ومحاكمتهم، وأولياء الدم لا يطلبون أكثر من إعمال القانون وتقرير العدالة في هذه القضية، والشيخ العواضي نفسه قد فهم منهم ذلك، عندما قال إنه حاول إرضاء أوليا الدم وبذل لهم الدية (المحدعش)، لتحل القضية وفقا للأعراف والأسلاف والعادات والتقاليد، ولكن دون جدوى، كما قال.
وهذا الشيخ ليس متهما في القضية إلا من حيث هو غير متعاون في سبيل القبض على القتلة، حسبما نقل أعضاء في مؤتمر الحوار على لسان وزير الداخلية.. في تصريحاته وبياناته يكرر القول إن الأجهزة الأمنية تعرف اسم القاتل ومكانه ويجب عليها القبض عليه..القاتل ومكان تواجده معروفان للأجهزة الأمنية وعليها أن تلقي القبض عليه.. بينما عملية طرده من مؤتمر الحوار، والمطالبة بتجميد عضويته جاءت بعد أن كشف وزير الداخلية لنائب رئيس مؤتمر الحوار، وأعضاء فريق القضية الجنوبية أن العواضي لا يتجاوب مع الجهات الأمنية بشأن تسليم المتهمين..
إننا لا نؤيد طرده أو تجميد عضويته في مؤتمر الحوار، إذ يجب التركيز على القضية الجوهرية، وهي تسليم القتلة ومحاكمتهم، فتجميد عضويته لن يدفعه إلى التخلي عنهم، وعندما طردوه من الجلسة العامة الثانية السبت قبل الماضي، اكتفى بالقول إن هؤلاء سفهاء وغوغائيون ولا يعرفون عن الدولة المدنية شيئاً.. ولم يبد أي حرص على بقائه في مؤتمر الحوار. وقد قلنا في مكان آخر إنه إذا كان لا بد من تعليق عضوية أحد في مؤتمر الحوار، فإن الموقف السليم أن يعلق الجنوبيون مشاركتهم فيه ولو ليوم واحد، وعندها لن تجد الحكومة خيارا غير إلقاء القبض على القتلة بالطريقة التي تراها.. وبالمناسبة، الشيخ يتحدث عن قاتل واحد، بينما وزير الداخلية قال إن عدد المشتبه بهم أربعة.
وهذا الشيخ ليس من الأربعة، وليس متهما في القضية، ونستغرب من وضعه لنفسه موضع المتهم، ويصور المطالبة بتسليم القتلة بأنها تستهدفه شخصيا، فقبل أيام قال: “أوكد للجميع أنني لن أكون كبش فداء لأدعياء الدولة المدنية، ولن أكرر غلطة الشيخ أحمد عبد ربه العواضي حين قرر تسليم نفسه ودخوله السجن الحربي ليتم تصفيته داخل السجن”.. فقد عقد مقارنة غير موفقة بينه وبين الشيخ أحمد عبدربه العواضي، ولمن لا يعرف قضية أحمد عبدربه، نذكر بإيجاز أنه كان محافظا لتعز، وحدث مرة أن تعطلت سيارته في الطريق وبينما هو ومرافقوه يحاولون إصلاحها، مرت سيارة أجرة مسرعة وطارت حصوات أصابت بعضهم فقام مرافقوه بإطلاق النار على السيارة وقتلوا بعض من فيها، فقرر تسليم نفسه على ذمة هذه الحادثة، وأدخل السجن الحربي، وذات يوم حاول الفرار- كما قيل- وتبادل إطلاق النار مع الجنود فقتل.. وليس مطلوبا من الشيخ علي عبد ربه العواضي اليوم أن يسلم نفسه للسجن الحربي، ولا حتى لقسم شرطة، مطلوب منه فقط التخلي عن القتلة، وتمكين وزارة الداخلية من القبض عليهم.