هي حرب بين أطراف قبلية وسياسية تتصارع على النفوذ في مناطق شمالية.. فأولاد الشيخ الأحمر شعروا بخطورة نفوذ الحوثيين الذين وصلوا إلى مركز نفوذهم في محافظة عمران، وحزب الإصلاح يشعر أن الحوثيين الزيديين الشيعة أخذوا يتمددون، وينافسونه في الساحة الدينية التي ظلت حكرا عليه، فنقلوا حربهم إلى صعدة، مركز نفوذ الخصم.. والسلفيون لديهم مشكلة مع من يسمونهم الرافضة، وقد استدعوا لذلك ما يسمى حلف النصرة.. فلماذا يتبرع جنوبيون بأنفسهم ودمائهم وأموالهم في حرب لتدار لمصلحة هؤلاء الجبابرة؟ هي حرب لا علاقة لهم بها، ولا مصلحة دينية أو دنيوية لهم فيها؟
ما مصلحتكم في قضية صار تنظيم القاعدة في قلبها؟ ألم تقرأوا وتسمعوا تنظيم القاعدة وهو يعلن بلسان القيادي النظاري انضمام التنظيم إلى السلفيين.. ليس فقط في دماج، بل أيضا في كل مناطق أهل السنة، في عمران وحجة والجوف وإب وغيرها، كما قال النظاري.. والدليل على أن تنظيم القاعدة في قلب هذه المعركة القذرة، أن كثيرا من أعضاء التنظيم قد قتلوا في دماج وكتاف، ومنهم مغربيون وسعوديون وصوماليون.
لقد قدر الأستاذ حسين زيد بن يحيى عدد السلفيين الجنوبيين الذين يقاتلون في صعدة بنحو 400 مقاتل، وقتل وأسر الحوثيون منهم كثيراً، وما يؤكد ذلك أن صالح هبرة رئيس المكتب السياسي لجماعة الحوثي طلب من الحراك الجنوبي أن يرسل وفدا من الحراك إلى صعدة لاستلام الدفعة الأولى من الأسرى، وعددهم 9 مقاتلين قدموا من عدن، للقتال في صفوف السلفيين في كتاف ودماج، بينما تقدر بعض المصادر أن 50 سلفيا جنوبيا على الأقل قد قتلوا بحلول نهاية الأسبوع الماضي.. فلماذا تقاتلون وتقتلون ووقتلون من أجل آخرين لديهم مشاريعهم الخاصة، ويغشونكم باسم الدين ونصرة المظلومين؟
جربوا الاستماع إلى الشيخ الحبيب علي زين العابدين الجفري، وهو كما تعلمون فوق مستوى الشبهة، ومترفع على العصبيات.. استمعوا إليه وهو يدين الحشد إلى صعدة من حضرموت وشبوة ولحج وأبين والبيضاء ويافع والضالع وإب وحجّة وتهامة وغيرها.. استمعوا إليه وهو يقول لكم إن ما يدور في دماج فتنة تتصل بالصراع الداخلي بين المتنافسين على الحكم، ودخلت فيها التوازنات السياسية الإقليمية بين دول المنطقة.. يقول لكم: ليس للإسلام ناقة ولا جمل في ما يدور هناك.. يقول لكم: لا يجوز الحشد لهذه الفتنة، ولا المشاركة المباشرة فيها.. وإن قتلاها ليسوا بشهداء! فهل تسمعون؟