فمن الملاحظ أيضا أن الهدف الأساسي من إصدار الفتوى في ذلك الوقت هو شرعنة الحرب ضد أبناء الجنوب والحث على القتال والعنف واستباحة دماء أبناء الشعب الجنوبي .. وفي نفس الوقت اعتبرت الفتوى أن الحرب هي ضد مرتدين عن الإسلام ولذا وجب قتالهم حتى لا يصل إلى صنعاء وينتقل إليها الكفر والشيوعية وبحسب ما جاء في نص الفتوى فإن الجمهورية اليمنية دولة إسلامية يجب الدفاع عنها ولو بقتل الأطفال والنساء والشيوخ وأن الجنوب ليست بدولة إسلامية فلا بأس في تدميرها ونهبها والسيطرة على مقدراتها وارتكاب ابشع الجرائم بحق ابنائها ..
وبعد ذلك اجتاحت القوات النظامية والقبائل والمجندون والمتطوعون من الوهابيين والسلفيين الجنوب حيث وعد المشاركون في الحرب بالفيد والنهب والغنيمة فالقبائل والمتطوعون كان نصيبهم نهب البيوت وممتلكات المواطنين والقيادات العسكرية وقيادات (الإصلاح) لها المعسكرات والمقرات والفلل والمساحات الكبيرة من الأراضي والمقدرات من الثروة السمكية والنفطية وغيرها .. وفي ذلك الوقت حظي أولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر واللواء علي محسن الأحمر وبعض قيادات (الإصلاح )بنصيب الأسد من الفيد والغنيمة والنهب والسلب في الجنوب فاللواء علي محسن الأحمر استحوذ على مساحة من الأرض في حضرموت تقدر بالهكتار مساحتها اكبر من دولة قطر ..
وفي المقابل أعطي حزب (الإصلاح) العمل الواسع في الجنوب عبر المساجد والخطب وبناء المدارس العلمية لكي يهتدي أبناء الجنوب لأنهم كانوا يعتبرونهم مرتدين وضالين وهذا ما حصل فكانت المساجد تعج بالوهابيين والسلفيين منذ ذلك الوقت إلى اليوم ..
ومع الثورة الشعبية تنفس الشعب الجنوبي الصعداء وانخرط في الحراك السلمي للمطالبة بإسقاط النظام الذي استعمرهم ونهب ممتلكاتهم .. فحين التمس الشعب الجنوبي الالتفاف الأمريكي السعودي على الثورة الشعبية استمر في نضاله السلمي وطالب بفك الارتباط كما أن أبناء الجنوب لم يطالبوا بهذا إلا عندما لم يروا أي شيء تغير تجاههم فلغة الحرب لازالت وكذلك الاستعمار لازال موجوداً في بلادهم ولم ترد الحقوق والممتلكات المسلوبة والمنهوبة إلى أصحابها ولم ترد البيوت والأراضي ولم يقرر لهم نصيب من مقدرات بلادهم البحرية والنفطية فظلوا يتمسكون بخيار فك الارتباط كخيار ينقذهم مما هم فيه من ظلم واستذلال واستعباد .. وكذلك تصريحات الفصيل القبلي لجناح الإصلاح على لسان صادق الأحمر حيث هدد الجنوبيين قبل أشهر في أثناء الثورة الشعبية بالحرب أذا ما انصاعوا لما يريدون فهكذا أصبحت الحرية لدى هؤلاء فمن يطالب بحقه وحريته يلقى الوعد والوعيد ويصبح في نظرهم انفصالياً أو مرتداً او متمرداً وهذا يأتي في وقت ينتفض فيه الشعب اليمني ضد الظلم والطغيان ويطالب بإسقاطه ..
وفي الواقع لو نلاحظ تلك الأطراف التي تتحدث عن الوحدة والحفاظ عليها وتتوعد من يطالب بفك الارتباط بشن الحروب عليها نجدها ليست حريصة على البلد ووحدته فالواقع هو انهم حريصون على ما نهبوه في الجنوب وعلى مصالحهم الشخصية ولو أدى هذا الى ان يشنوا حرباً جديدة وهذا كلة لا يأتي من باب المصلحة والحرص على الوحدة وعلى الشعب الجنوبي أو الشمالي بل تحرص هذه الأطراف على مصالحها وممتلكاتها وشركاتها ومصانعها وحصصها من الثروة البحرية والنفطية فقط ..
هنا لو كانوا حريصين على وحدة وترابط الشعب اليمني لردوا ما نهبوه من الجنوب والشمال خلال حروبهم الظالمة ولقدموا الاعتذار الرسمي لأبناء الجنوب والشمال وأن الحرب كانت خطأ وغير مبرر ة.. وبعد ذلك تجريمها وتقديم قيادات هذه الحروب ومن أطلق الفتاوى واستباح دماء الشعب اليمني إلى المحاكمة لكي ينالوا جزاءهم وما اقترفته أياديهم من ظلم وتجبر وارتكاب جرائم حرب وإبادة بحق أبناء الشعب الجنوبي والشمالي ورفض كل الدعوات التي تدعو إلى الحروب من جديد سواء في الشمال أو في الجنوب .. وبهذا لن يفكر الجنوبيون بفك الارتباط فعندما يروا أن حقوقهم قد عادت وممتلكاتهم وأرضيهم وكذلك قد رفع عن كاهلهم الظلم والاستعباد وردت الحقوق لأصحابها حينها سنرى الجنوبيين هم من سيتمسكون بالوحدة ويتشبثون بها لأنهم لا يريدون سوى هذه الحرية والكرامة وإعادة حقوقهم ونظام عادل لا يفرق بين احد ويكفل حقوق الجميع دونها هي بهرجة إعلامية لا غير ..
وبالتالي اعتقد ان الحل للقضية الجنوبية ولقضية صعدة وبقية القضايا في الوطن يكمن في اسقاط النظام واسقاط المشاريع الاستعمارية وهذا يتأتى في الاستمرار في الثورة الشعبية فيتحد ابناء الجنوب والشمال في التصعيد الثوري السلمي لما من شأنه اسقاط هذه المنظومة الظالمة .. وهنا سيمضي اليمن نحو مستقبل زاهر يحقق الامن والاستقرار ويبني دولة مدنية تكفل حقوق وواجبات الجميع دون تمييز عنصري ولا طائفي ولا مناطقي وبهذه الطريقة ستخرج اليمن من براثن المؤامرات الامريكية السعودية .. وسيصبح بلدا مستقلا ذات سيادة وقرار وتبنى المؤسسات العسكرية والاقتصادية وبقية المؤسسات على اسس وطنية تخدم الوطن دون ان يكون ولاؤها للخارج كما هو الحال اليوم .
. [email protected]