وهل سيأتي يوم لا نحصل فيه على شربة الماء... أو تنظيف أجسامنا وملابسنا، لتصل الحال إلى الكارثة... ومن لا يعجبه يذهب إلى البحر؟!
يستغرب المرء في هذه المدينة الحضرية الضاربة في عراقة التزام سكانها بالقوانين والأخلاق والمدنية الحقة... يستغرب المرء أن يصل بنا الحال إلى رفض دفع قيمة ما نستهلكه، حتى لو كنا رافضين للدولة وحكومتها افتراضاً فهل يعقل أن نظل دافعين الضرر حتى الكارثة، ثم نتحدث عن أمور الدولة واستعادتها، والنضال المرير الذي لابد أن يثمر بالإيجاب، وهل معقول أن تكون الممانعة وعصيان تنفيذ الواجبات هما السائدان وهل سنقبل بالمقابل بأن تقطع عن أحدنا أو جميعنا خدمة المياه، لأننا لم نف بالعقد المبرم بيننا وبين مؤسسة المياه... ثم هل نساوي أنفسنا كمواطنين بأولئك العتاولة الفاسدين ممن ينهبون الكهرباء والمياه والهاتف بقوة السلاح ( والقبيلة والجاه والطغيان) ثم هل نحن وهم سواء، حتى نمتنع؟ لكن الكارثة ستحل بنا نحن المواطنين فقط، أما هم فلديهم ما يستطيعون به توفيرها لأن لديهم المال والقوة... ونحن إنما نريد أن نكون عكس هؤلاء ولكي نكون كذلك فلنلتزم بدفع قيمة استهلاكنا للمياه والكهرباء، ولو بالتقسيط كما أوضح مدير عام المؤسسة في أكثر من تصريح ومناشدة.
إن الوطنية والمدنية تقتضي أن نلتزم بالقوانين، أما إذا جانبناها، فإننا نتساوى مع (الظلمة والناهبين) ونضيع حقوقنا وندمر مدينتنا.
إن مشكلة المياه تتضاعف يوماً بعد يوم، ومدير عام المؤسسة قد قدم عدة خيارات... ولو كنت مكانه، بعد كل ما عمله لقرأت الفاتحة ثم حوقلت وذهبت إلى منزلي أقلب كفي وأعض على أناملي، تاركاً هذه المسئولية التي لم تحض بدعم رئاسي أو حكومي مثلما يتم دعم جهات أخرى تستحق أو لا تستحق الدعم!
وعموماً نتوقع، بل نحن متأكدون أن أبناء وأهل وساكني عدن سوف يبادرون لإنقاذ أنفسهم ومدينتهم، وإذا حصل ذلك فإنه سوف يكون داعماً لمحاكمة الفاسدين وانتزاع الحق منهم بقوة القانون وقوة الموقف الذي نتخذه كمدنيين، وليس العكس.
الموقف لا يحتاج إلى كلام كثير فالكرة في مرمانا جميعاً.. والدولة ثم الحكومة .. إما أن يتحملا المسئولية كاملة أو فالرحيل هو البديل ولتسلمي يا عدن من كارثة الجفاف والظمأ، لا قدر له!