في أثناء فترة حكم المجلس العسكري، وتولي المستشار حسام الغريانى رئاسة مجلس القضاء الأعلى، أسند «الغرياني» إلى المستشار أحمد مكي الذي لم يكن قد تولى وزارة العدل، مهمة تشكيل لجنة لإعداد قانون جديد للسلطة القضائية، مما أغضب نادي القضاة فشكل لجنة لإعداد نفس القانون، ودعا الطرفان القضاة إلى تقديم الاقتراحات الخاصة بذلك، وانتهى الطرفان إلى إعداد قانونين، وحدث لقاءات بين الطرفين لتوحيد وجهتي النظر للخروج بقانون واحد وهو ما حدث، وحظي القانون بجدل كبير من القضاة والقوى السياسية، ورغم انتقادات لبعض نصوصه، خاصة تلك المتعلقة بالعلاقة بين القضاة والمحامين أثناء فترة العمل، إلا أن القانون حظي بإشادة وتقدير عام.
عبر الخلاف وقتها عن روح ديمقراطية، وعكس حقيقة أن أي شأن قضائي لابد أن يكون لأهله كلمته العليا فيه، والأهم في ذلك هو موقف المجلس العسكري من القانون حيث رفض استخدام صلاحياته بإصداره، «تذكر أن هذا الموقف تزامن مع القول بأن الجبالي كانت مستشارة المجلس»، ليس هذا فحسب بل إن المستشار حسام الغرياني قال أمام الجمعية العمومية لنادي القضاة والتي عقدت بالإسكندرية: «لن يتم تقديم القانون إلا بموافقة القضاة من خلال معايير شفافة».
كان هذا موقفا ديمقراطيا من المجلس العسكري لم ترق إليه جماعة الإخوان، لكن الرقي لهذا الموقف لم تصل إليه جماعة الإخوان وحزب الوسط، فكلاهما دخل في السباق دون قراءة لما حدث في الماضي، لم يعر حزب الوسط اهتماما يذكر برأي القضاة فتقدم بمشروع قانون السلطة القضائية إلى مجلس الشورى، نسي «الوسط» أن لعبة نظام مبارك في التشريع، كانت تستند إلى أغلبية مزيفة في مجلس الشعب، وهو نفس المنطق الذي يستند إليه «الحرية والعدالة» الآن في الشورى ومعه «الوسط»، والجماعة الإسلامية. ما يحدث الآن من معركة ضد القضاء يدعوك إلى إعادة تقييم ما حدث ضد تهاني الجبالي من اتهامات زائفة، ويدعوك إلى الإشادة بموقف المجلس العسكري الذي لم يقدم على إصدار قانون السلطة القضائية، وترك إعداده إلى أهله، عكس ما يفعل الإخوان والوسط.