القصة ليست حقوق إنسان وديمقراطية، فهؤلاء الذين يشدون زناد السلاح الآن ضد سوريا لا يشغلهم ذلك، القصة هي الحفاظ على إسرائيل وتفوقها حتى تبقى رأس الحربة فى المنطقة للحفاظ على المصالح الأمريكية والغربية، على أن يتم ذلك بالقضاء على كل المقدرات العربية، وأهمها على الإطلاق إنهاء قوة الجيوش العربية التي هي ليست ملكا لنظام حاكم، وإنما ملك لكل عربي.
تحدثت فى هذه المساحة منذ أسابيع عن دراسة إسرائيلية بعنوان «استراتيجية لإسرائيل فى الثمانينيات» تكشف عن مخطط إسرائيل للمنطقة بتقسيمها إلى دويلات، فمصر تتحول إلى دولتين واحدة فى الشمال وأخرى فى الصعيد (لاحظ المنشورات التى تم توزيعها فى الأيام الماضية عن انفصال الصعيد)، أما سوريا فيتم تقسيمها إلى دويلات، واحدة علوية شيعية على ساحلها فى الشمال، وفي حلب دويلة سنية، وفي دمشق دولة سنية أخرى معادية للشمال، وربما دويلة لـ«الدروز» في الجولان، قلت إنه على الرغم من أن الدراسة تقوم وفقا لنظام دولي وإقليمي مختلف عما هو موجود الآن، فإن الهدف مازال واحدا، بدليل تحقيق جانب مما تحدثت عنه هذه الدراسة وأهمه تقسيم السودان إلى شمال وجنوب، وها هي سوريا فى الطريق.
القضية إذن ليست بشار ونظامه وإنما هي سوريا الدولة والشعب، وعلى كل الذين يهللون فى مصر من تجار دكاكين حقوق الإنسان، وتجار الليبرالية والمتسترين بالدين، عليهم أن يصمتوا في هذه اللحظات التى يحدد فيها الغرب مصير أمة بأكملها وفي القلب منها مصر، عليهم أن يفيقوا من أن ما سيحدث هو مجرد ضربة لأهداف فى سوريا، ومجرد عملية قد تؤدي إلى إسقاط نظام بشار، فاليوم الذى سيحدث فيه ذلك سيكون مقدمة حقيقية لإضعاف مصر، ودروس التاريخ منذ عصر الفراعنة حتى العصر الحديث تؤكد ذلك، ومن يغفلها الآن هو جاهل.
الحرب على سوريا هي حرب إقليمية بامتياز فهناك أطراف تجهز خططها هي الأخرى، فكما جاء فى تقرير لجريدة السفير اللبنانية أمس بعنوان: «هى الحرب الأمريكية على سوريا وليست ضربة لنظامها»، «حزب الله الذى يضع يده على الزناد منذ أكثر من 24 ساعة لا يريد أن يكشف أوراقه»، أما إيران فذهب إليها السلطان قابوس حاكم سلطنة عمان، حاملا رسالة أمريكية مفادها، الاستعداد لمناقشة كل الملفات مع القيادة الإيرانية الجديدة، شرط الأخذ والرد فى الملف السوري، وكان الرد الإيراني: «لن نفاوض على بديل للنظام السوري، وعلى حماة المجموعات التكفيرية المحمية من بعض دول المنطقة (الخليج) أن تعلم أن هذه النار ستطالهم على حد تعبير آية الله على خامنئى»، يحدث هذا فى الوقت الذى ترتكب فيه الجامعة العربية جريمة تهيئة المسرح للعدوان المحتمل.