في مثل هذا اليوم من عام 2012م قدم اليمنيون للعالم أروع الأمثلة في الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ونبذ العنف والاقتتال والحروب وتدمير بلادهم عندما أرتضى بالحل السلمي والتوافقي لأزمته السياسية وغلب المصلحة العامة للوطن على كل المصالح الأنانية الأخرى وخرج عن بكرة أبيه في الحادي والعشرين من فبراير إلى صندوق الانتخابات ليختار السلم والأمان, ليقول نعم للحرية والتغيير ليبحر صوب آفاق المستقبل المشرق ليرسو على شطآن الدولة المدنية الحديثة،دولة ينعم فيها بالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان ،ويسودها ويحكمها النظام والقانون لا تهميش فيها ولا إقصاء ، خرج الشعب اليمني ليقول نعم للتغيير وهو يتطلع لغدِ مشرق ومزدهر ،ذهب إلى الصندوق لوضع إشارة “ صح”ليغلق بها صفحة مظلمة عمرها ثلاثة وثلاثون عاماً مليئة بالمآسي والظلم ويفتح أخرى مضيئة بالأمل ويسودها السلام والأمن والاستقرار وتتسع لكل اليمنيين.
قال نعم لعبد ربه منصور هادي رئيساً من أجل اليمن،خرج بهذا الزخم الكبير والمنقطع النظير ليبرهن للعالم أنه شعب حضاري بكل معنى الكلمة، شعب الشورى منهجه والديمقراطية مبدؤه على مر العصور والدويلات والممالك اليمنية المتعاقبة،ليكون يوم الحادي والعشرين من فبراير 2012،يوماً عظيماً صنعوا فيه التاريخ من جديد وسطروا فيه أروع الأمثلة بالتداول السلمي والسلس للسلطة وأغلقوا تلك الحقبة المريرة من حياتهم عبر “صناديق الاقتراع” وجنبوا بلادهم السقوط في مستنقع الحرب الأهلية ليتجاوزوها وينتصروا عليها إلى مسار جديد لبناء الغد المشرق لليمن سياسياً واقتصاديا وديمقراطيا وتنموياً وضربوا للعالم أجمع صورة مثلى لحكمة الإنسان اليمني الذي وصفه رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) بقوله:«الإيمان يمان والحكمة يمانية”،وانتزعوا بذلك ثقة العالم المحبة للسلام من خلال تلك المواقف وذلك الدعم القويين والتي توجت بانعقاد مجلس الأمن الدولي جلسته في العاصمة صنعاء،ووجهوا بذلك صفعة قوية ومدوية لتلك القوى التي راهنت وما زالت تراهن على خيار العنف والخراب والدمار واستخدام القوة بهدف إرهاب المواطنين وإشاعة الخوف والرعب وخلق البلبلة في أوساطهم والعمل على إعاقة التسوية السياسية وعدم نجاحها بإفشال مؤتمر الحوار الوطني.
لذلك يجب علينا ومعنا كل الشرفاء والوطنيين من أبناء اليمن بكل شرائحنا العمل معاً بمسئولية وإخلاص لنعبر باليمن من أزمته الراهنة إلى المستقبل المنشود بقلوب بيضاء صافية متسامحة خالية من الكره للآخر حتى نتمكن من تعويض ما فات ومحاولة الالتحاق بمن سبقنا.. يتأتى ذلك من خلال عقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل والذي لا تفصلنا عن يوم انعقاده في الثامن عشر من مارس القادم سوى أيام قليلة والمؤمل فيه حل كافة القضايا المهمة والمشكلات العالقة مهما كانت صعبة ومعقدة، والتي ستطرح على الطاولة دون شروط مسبقة أو خطوط حمراء،وبعد أن قدم المشاركون أسماء ممثليهم للجنة الفنية للحوار سوف تكون الأيام القليلة القادمة صعبة للغاية تتطلب منا جميعاً تشمير السواعد والانطلاق نحو حوار جاد وشفاف نضع من خلاله ملامح لمنظومة الحكم القادم عبر دستور جديد يلبي طموحات الشعب اليمني في بناء الدولة اليمنية الحديثة والقوية ،بتفعيل المؤسسات الوطنية التي تنأى بنفسها عن الولاءات الشخصية، وبناء قدرات الإنسان اليمني القوي بتوظيف قدرات وطاقات الشباب الخلاقة في جميع مناحي الحياة العملية باعتبارهم المترجمين الحقيقيين والفاعلين الرئيسيين في مشروع التغيير،ولكن ليس عن طريق الإحلال والإقصاء والتهميش وبالبطاقة الحزبية مثلما هو حاصل اليوم في أغلب مرافق ومؤسسات الدولة بل بالكفاءة والخبرة والأحقية في الوظيفة العامة, إلى جانب فرض هيبة الدولة وترسيخ الأمن والاستقرار ليلمسه المواطن وتنطلق في ظله التنمية الحقيقية للبلد لتحقيق آمال وتطلعات شعبنا في بناء يمن جديد موحد وديمقراطي متقدم ومتطور,ومستقبل مشرق ومزدهر, وهو ما نتوقعه في ما تبقى من المرحلة القادمة بإذن الله.