هذه الظروف والأوضاع أدت إلى نشوء الحركة الوطنية اليمنية التي لعبت الصحافة وبالذات الصحافة العدنية دوراً ليس فقط في ظهورها وإنما في تطورها وتنوعها واتجاهاتها السياسية والفكرية مسهمة في تشكل وعي اجتماعي وطني مواكب لمسارات حركة التحرر العربية والعالمية التي شهدتها عقود الأربعينات والخمسينات والستينات وكان دورها أساسياً في قيام ثورة 26 سبتمبر 62م و14 أكتوبر 63م, اللتين مثل انتصارهما نهاية 67م بنيل الاستقلال الناجز ومطلع 68م انتصار النظام الجمهوري.
في هذه الفترة ظهرت صحيفة 14 أكتوبر والتي أخذت تسميتها من اليوم الذي فيه انطلقت الثورة التحررية ضد المستعمر البريطاني وتحديداً في 19 يناير 68م,قبل أن يصدر القرار بإنشاء المؤسسة بيومين أي في21 يناير 68م, والاستباق بإصدار الصحيفة يحمل دلالة تزامن ذلك مع يوم احتلال قوة المستعمر لعدن عام 1839م لتعطي من خلال هذا التوقيت وقبله التسمية معاني ومضامين عبرت عنها طوال تاريخها الذي يصادف هذا العام الذكرى الخامسة والأربعين لتأسيسها وخلال هذه الفترة مرت الصحيفة بمخاضات صعبة في مسارات تطورها التي هي نتاج للواقع السياسي والاجتماعي والثقافي, الذي كان يعيشه اليمن عامة والدولة الفتية في جنوب اليمن بعد الاستقلال خاصة، مشكلة علامة فارقة في مسيرة الصحافة اليمنية وهذا يرجع بشكل أساسي إلى القيادات التي تحملت مسئولية إدارة ورئاسة تحرير 14 أكتوبر المؤسسة والصحيفة ويكفي الإشارة إلى أبرز الشخصيات التي تحملت مسئوليتها طوال أربعة عقود ونصف.
فقد كان المؤسس وأول رئيس مجلس إدارة رئيس التحرير المناضل السياسي والمثقف الوطني الأديب والكاتب الصحفي الثوري عبد الباري قاسم وتعاقب على رئاسة تحرير وإدارة تحرير الصحيفة بعده شخصيات صحفية لامعة أمثال محمد البيحي وسعيد الجناحي والأستاذ الأديب عمر الجاوي وواثق شاذلي, ومحمد عمر بحاح, وعبد الله شرف, وعبد الرزاق شائف, , واحمد عبدالرحمن بشر وغيرهم.
وبعد إعلان الوحدة اليمنية عام1990 أعيد ترتيب أوضاع مؤسسة 14 أكتوبر للصحافة والطباعة والنشر لتصبح مطابع دار الهمداني جزءاً منها, ورغم الأزمة السياسية للفترة الأنتقالية ما بين 94-90م حافظت صحيفة 14 أكتوبر على خطها السياسي الوطني المتوازن لتشهد احتجابا بسبب حرب صيف 94م امتد إلى مطلع 95م عندما تحمل مسئولية رئاسة مجلس إدارتها ورئاسة تحريرها محمد علي سعد .
لكن التغيير الجوهري الذي شهدته الصحيفة بدأ مع تحمل السياسي والصحفي المخضرم الأستاذ الكبير احمد محمد الحبيشي عام 2005م مسؤولية قيادتها وقد واجه أوضاعاً صعبة ومعضلات وتحديات أمام تطوير هذه المؤسسة الصحفية والصحيفة الوطنية الوحدوية العريقة ولكن بهمته وحسه المهني تغلب على كل ذلك محققاً تغييراً ثورياً على مستوي العمل الصحفي التحريري والفني والطباعي والإداري محدثاً نقلة نوعية ارتقت بصحيفة 14 أكتوبر إلى مستويات تليق بتاريخها ودورها لا على مستوى صناعة الرأي العام من حيث نوعية المادة الصحفية التي تقدمها بل والكيفية في إيصالها إلى القارئ أو المتلقي وذلك من خلال تعميم التقنية المعلوماتية على كل مكونات العمل التحريري والفني الإخراجي والطباعي المتميز, وهذا كله جاء في سياق تغير كلي تجلى في تطوير البنى التحتية وتعميم استخدام تقنية الكمبيوتر في تراسل المعلومات والبيانات والصور على كافة الإدارات والأقسام في الصحيفة, في مبناها الجديد, وإدخال الطباعة الحديثة الملونة للصحيفة في إطار خطة تحديثية تطويرية استكملت بدخول آلات طباعية جديدة ليحدث ذلك قفزة كبرى في عمل مؤسسة 14 أكتوبر الطباعي الصحفي والتجاري لينعكس ذلك كله إيجابياً على وضع الكادر البشري الصحفي والإداري والفني من حيث الاستحقاقات ومنح المكافآت والحوافز والعلاوات وكافة الحقوق المالية التي انعكست على أوضاعهم المعيشية والعمل في المؤسسة والصحيفة إيجابياً.
ختاماً نتوجه بالتهنئة لقيادة مؤسسة وصحيفة 14 أكتوبر وكافة الزملاء الصحفيين والفنيين والعاملين بالذكرى الخامسة والأربعين ونبارك لهم التغيير والتطور الذي تشهده مؤسستهم العريقة والتي كان لرسالتها الإعلامية دور وتأثير وحضور في تشكيل الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي للمجتمع اليمني خلال هذه الفترة الزمنية من عمرها لتكون مدرسة إعلامية لتخريج أجيال من الصحفيين والإعلاميين وهي اليوم تواصل هذا الدور بصورة أكبر في الحاضر والمستقبل.!!