نعود لموضوعنا المعنون بـ(لماذا التهميش)؟!مثل هكذا سؤال أصبح اليوم على لسان كل الشباب والساسة والمثقفين والمواطنين المتطلعين للتغيير الحقيقي والجذري لمنظومة الحكم والممارسات الخاطئة التي أوجدت الحراك الجنوبي السلمي من خلال تلك الممارسات الممنهجة التي أتبعتها في إطار مشروع التوريث الفاشل والمتمثل بالإقصاء والتهميش والاستحواذ على كل مفاصل أجهزة ومؤسسات الدولة العسكرية والمدنية وحصرها على الأقارب والمقربين ثم تتسع الدائرة للشلة والعصبة والقبيلة حتى أنه لم يتبقي شيء لأبناء اليمن ودون الأخذ بمعيار الكفاءة،أما المواطنة المتساوية فكانت من القضايا المحرم الخوض فيها أو حتى ملامستها عن بعد، وبلغ الظلم والتهميش ذروته وانتشر الجوع والفقر ليشمل أكثر من نصف سكان اليمن في وقت كانت موارد البلاد تذهب إلى جيوب فاسدين معدودين بالأسماء والمناصب، ونحن هنا لسنا بصدد نظام ما قبل 21 فبراير 2012م الذي لا مجال لحصر مساوية في سياق هذا الموضوع, ولكن الإشارة إليه ضرورة لاسيما في ظل استمرارية ذلك التهميش المتعمد لأبناء محافظة تعز الذين بفضل نضالهم وتضحياتهم بأرواحهم ودمائهم وصل البعض إلى مناصب قيادية رفيعة كانت بالنسبة إليهم في الماضي مجرد أحلام وخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها أو حتى التطلع إليها، وبمجرد وصولهم تنكروا وتراهم عن كثب يقولون ما لا يعملون ولكن بشكل جديد ومضمون قديم.. غير مستوعب بأن الشعب اليمني وفي طليعته قواه الحية يدرك تماماً ماذا يدور في الكواليس والغرف المغلقة، وعلى سبيل المثال القرارات الأخيرة الخاصة بتوحيد وإعادة هيكلة القوات المسلحة رغم أهميتها المتمثلة بالهيكل التنظيمي الجديد لقيادة الدفاع والأركان العامة والقوات البرية والبحرية والجوية والعمليات الخاصة أي أنها وفقاً للتعيينات المعلنة للقيادات العسكرية الميدانية لا تحمل أي جديد فالقادة هم القادة والجمعة هي الجمعة كما يقولون، ومن خلال ذلك نعتبر القادم في التعيينات للمناصب القيادية عبارة عن مناقلة من موقع إلى آخر دون إجراء أية تغييرات جوهرية، وهو الذي أصاب الشعب الذي كان يتطلع إلى تغيير حقيقي بخيبة أمل عبر عنها برفضه للهالة الإعلامية التي رافقت تلك القرارات الجديدة في شكلها ومضمونها القديمين، أعتبرها الكثيرون بأنها موضة قديمة مأخوذة من أساليب التجهيل للنظام السابق الذي طبقها بحق الشعب اليمني لعقود من الزمن وبالمقابل كانت الصورة أكثر تجلياً لدى أبناء تعز الذين يمثلون القلب النابض لحركت التغيير والتجديد وبناء اليمن الجديد الذي يقوم على مبدءأ المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية ويسهم كل أبنائه في بنائه ونمائه وتطوره وازدهاره عبر مؤسسات ديمقراطية عادلة لا مكان فيها لتسلط الفرد وهيمنة القبيلة فكان موقفهم أكثر وضوحاً تجاه تلك القرارات التي أقصت أبناء هذه المحافظة تماماً من أية تعيينات في المناصب القيادية العسكرية والأمنية رغم وجود الكوادر القيادية المؤهلة المهمشة والتي تعتبر الأساس الذي ثار من أجله اليمنين وتطلع إليه الشباب في كل ساحات الحرية والتغيير, وهذا ما كان البعض قد رأى بأن هذه التغييرات الشكلية التي جرت هي عبارة عن فكفكة للمنظومة العسكرية والأمنية السابقة وحينما يعاد تركيبها سيتم الأخذ بالاعتبار الخارطة الوطنية في التعيينات بالمناصب القيادية وفي نسب التجنيد في المؤسستين الدفاعية والأمنية لتكون هناك مؤسسة وطنية موحدة وقوية نجد مثل هذا الطرح بقدر ما هو مضحك في الوقت ذاته مغالط هش وركيك لا معنى له إلا الاستمرار على ذلك النحو المسرحي الهزيل الذي لا يزال يؤديه ببراعة وخبث ولؤم أركانات النظام السابق بشكليه القديم الجديد, وفي هذا السياق تبقى الأمور مرهونة في إذا ما كان هناك تغيير حقيقي أم لا, وفي حالة النفي لم يتوقف العمل والنضال والتضحيات في سبيل الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية التي لا مكان فيها لأي شكل من أشكال الإقصاء والتهميش.
وختاما ما كان لليمن أن يصل إلى ما وصل إليه لولاء ذلك العمل الممنهج من إقصاء لأبناء محافظة تعز كان دائماً مشروعهم كبيراً سياسياً وثقافياً وأخلاقياً.. مشروعهم كان دائماً وسيبقى حضارياً وطنياً وإنسانيا, وكل عام والجميع بألف خير,واليمن أمن مستقر مزدهر.
وداعاً .. الحسني
بعد معاناة طويلة مع المرض فارقنا الزميل والكاتب المتميز والصحفي الحر العميد الركن الخظر الحسني الذي وافاه الأجل وهو على سرير المرض في أحد مستشفيات الهند نسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ويغفر له ويسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون.