إن السياسة الإعلامية القائمة للأسف الشديد تسعى إلى تكريس الفوضى وتأزيم الوضع، والسؤال المطروح الآن كيف يتسنى لقيادات تلك الأحزاب المشاركة الأساسية في الحوار أن تقبل بتلك السياسات الإعلامية الصادرة عن وسائل إعلامهم؟ الإجابة بلا شك تصيب من يحاول البحث عنها بالخزي والعار من تلك الأحزاب وأبواقهم الإعلامية التي تنفث سموماً لا سلاماً، تلك الأبواق الإعلامية السامة التي لا تريد لليمن أن يسوده الأمن والاستقرار والسلام ولا تريد له أن يخرج من شرنقته ووضعه الراهن إلى آفاق رحبة ومستقبل مشرق، يمن جديد يسوده النظام والقانون والعدالة الاجتماعية ويتمتع بالحكم الرشيد.
إذن حان الوقت أن تعي تلك الأبواق الهدامة وأن تستمع إلى صوت العقل والحكمة، وأن تغلب المصلحة الوطنية العليا على مصالحها الحزبية الضيقة، والتعاطي مع المرحلة بجدية ومسئولية بعيداً عن دورها الهدام والاتهامات المتبادلة والمناكفات، والتوقف عن نكء الجراحات وتعميقها والتي لا تخدم قضايا الوطن والإنسان ولا تساعد على تهدئة الأوضاع فما بالنا بإنجاح الحوار، ومن هنا نجد أننا بحاجة إلى ميثاق شرف وقانون إعلامي فاعل لاحتواء هذه المهازل بحق الوطن.
فعلى الإعلام الحزبي - المرئي والمقروء - أن يقوم بدوره الوطني الهام والعاجل في التهدئة والتهيئة الجادة للحوار الوطني الشامل، وذلك بإتباع خطاب إعلامي يقوم على تنمية قيم التسامح وتضميد الجراح، ومعالجة ما أنتجته المرحلة السابقة من تناقضات، وانتهاج سياسة إعلامية تمهد وتساهم في بناء يمن جديد وديمقراطي مزدهر، وأن تستوعب مجمل الجهود التي بذلت في سبيل الخروج باليمن من أوضاعه الراهنة، وكما قلنا مراراً وتكراراً نريد إعلاماً يقرب ولا يفرق، إعلاماً يغرس في نفوسنا معاني الوطنية والأخوة وحب اليمن ونبذ الفرقة والشتات والانقسام والكراهية وتصفية الحسابات .. ومازال يحدونا الأمل الكبير في قيادة تلك الأحزاب ومسئولي إعلامها في تغيير نهجهم وسياستهم الإعلامية الحالية التي سئم منها المواطن الذي يتطلع إلى إعلام وطني حقيقي يعيش همومه وتطلعاته، إعلام يكون معه وليس عليه، وتحويل تلك الأبواق الإعلامية التابعة لهم التي تنفث السموم والفرقة والانقسام بين أبناء الشعب الواحد،إلى منابر وطنية تغرس المحبة والوطنية وتدعو إلى لم الشمل والوحدة والتلاقي والسلام والأمن والاستقرار، وأن تدرك جيداً خطورة هذا الجهاز الإعلامي وأثره على المجتمع،و التنبه إلى خطورة الاستمرار في السير بهذه السياسة الإعلامية وفي هذه المرحلة الدقيقة والحرجة للغاية على مستقبل اليمن الحبيب، فالتهدئة الإعلامية ضرورة حتمية وملحة ومهمة لانعقاد وإنجاح الحوار الوطني الشامل.