إن حواراً كهذا هو فعلاً ما سيخرجنا من دوامة الظروف والأوضاع التي كادت أن تدمر كيان وجودنا الوطني وتعصف بنا إلى أتون كارثة ماحقة نتائجها السلبية ستكون لها تأثيراتها على الأمن والاستقرار الإقليمي في منطقة حيوية وإستراتيجية بالنسبة للعالم كله الذي من منطلق إدراكه مخاطر ترك اليمن وحيداً يواجه مصيره بعيداً عن المنطقة والمجتمع الدولي أعلن وقوفه إلى جانبه ودعمه ومساندته ومساعدته لإحداث التغيير المطلوب الذي عبر عنه في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقرار مجلس الأمن 2014 و2015م متخذاً هذا الاهتمام باليمن طابعاً عمليا من خلال المشاركة المباشرة من الأشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربي والأصدقاء من المجتمع الدولي، وهم جميعا مستوعبون أن الحوار هو حجر الزاوية في إنهاء الأزمة على الصعيد السياسي في انجاز الانتقال السلس للسلطة وعلى الصعيد الاقتصادي في تمكينه من مكافحة البطالة والفقر وتعزيز التنمية في كافة المجالات التي تنهض بالوضع الحياتي المعيشي والخدمي للمواطنين وبوعيهم التعليمي والثقافي والمعرفي الذي كان وما يزال انحطاطه يوفر البيئة الخصبة لنمو وتكاثر الإرهاب واستفحال ظاهرته لتصبح وباءً عابراً للقارات.. من هنا يمكننا إدراك الترابط الوثيق في الأزمة التي يمر بها اليمن بين الوضع السياسي والاقتصادي والأمني والمخرج يبدأ من القناعة بحقيقة أن الحوار الوطني الشامل هو الطريق الذي علينا السير فيه لبلوغ غاية بناء يمن جديد لكل أبنائه.
والأشقاء والأصدقاء سيقفون معنا وهذا ما أكدوه ويؤكدون عليه، معلنين دعمهم لخطوات الرئيس عبدربه منصور هادي باتجاه الحوار الوطني الذي هو محل إجماع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة التي عبر أمينها العام عن ترحيبه بالتحضيرات لمؤتمر الحوار الوطني في اليمن، معتبرا انه يعطي القوى السياسية اليمنية الفرصة الكافية لتحقيق المصالحة الوطنية التي على بعض أطرافها التخلي عن نزاعاتها الانتهازية المريضة بهوس الاستيلاء على السلطة عبر ممارساتها الإقصاء والتهميش للآخرين وفرض منطق توازن وتقاسم يتعارض مع متطلبات الحوار واستحقاقات التغيير الذي خرج الشعب اليمني لأجله وقدم التضحيات في سبيل تحقيقه، لكن تلك القوى على ما يبدو أنها فهمته بشكل خاطئ وستكون له عواقب وأثمان باهظة عليها وعلى الوطن والشعب إن لم تعد إلى رشدها وتغادر التفكير السياسي الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه.. فاليمن يحتاج في هذه اللحظة الدقيقة والحساسة من تاريخه إلى مغادرة الماضي بالتعاطي مع القضايا الراهنة بعقلية سياسية مبدعة وخلاقة منفتحة على كل الحلول الجدية المتجردة من أنانية المصالح القبلية والمناطقية والطائفية التي أوردتنا المهالك في الماضي ولا يجب أن تستمر في حاضر ومستقبل اليمن الذي يتفق على الحوار بين أبنائه الذين عليهم أن يدركوا جسامة المسؤولية عن مصير هذا الوطن أمام الله والتاريخ.