جميعنا -دون استثناء- نعيش هذه الأزمة المعيشية بمختلف مفرداتها المأساوية، المتنامية بشكل يصعب معه مواكبتها بل وتقبلها كونها ببساطة حولت حياة المواطن إلى فاجعة كبرى لا يمكن تحملها أو التنبؤ بنتائجها الكارثية على المجتمع اليمني على المدى البعيد والقريب.
هذه الأزمة التي نعيشها ونعيش مخرجاتها، فيما البقية الباقية من الشعب من ميسوري الحال سيلحقون بمن سبقوهم إلى هاوية الفقر الشديد،بل إنهم ماشون في الطريق الى تلك الهاوية المخيفة من العوز والفاقة،إذا لم نعد إلى الصواب ونعمل على تحكيم العقل ونأتي بالحلول من ذات أنفسنا،خاصة أولئك المدندنين على أوتار الخراب الذي اعتادوا عليه وظلوا يراهنون عليه ويجسدونه في الواقع دون أن يركنوا إلى العقل والمنطق ويحتكموا إلى الحوار الوطني الشامل لإخراج هذا البلد والشعب إلى آفاق رحبة ومستقبل أفضل خال من البطش والظلم ،تسوده المساواة والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم.
الكل يعلم علم اليقين أن هذا الوضع المتأزم صار أرضية خصبة لضعفاء النفوس المتاجرين بحياة الناس وأقواتهم الأساسية التي لاغنى عنها.. نعم ، صارت حياة المواطن المعيشية والأمنية أشبه بمن يعيش على جمر إن لم يكن يعيش هذا الوضع بتفاصيله المؤلمة..آلام طالت كل متطلباته واحتياجاته المشتعلة أسعارها دون هوادة.
اليوم ولا ندري ما يكون غداً،ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 500 % مع غياب الرقابة والحزم من الأجهزة الحكومية المختصة على الداخل إلى البلد من مواد غذائية من الدول المجاورة منتهية الصلاحية ولا تصلح حتى لاستخدامها كأعلاف للحيوانات إلى جانب المتوفر الآن على الأرصفة والأسواق من تلك المواد المهربة والمنتهية الصلاحية،اليوم أصبح الإنسان اليمني المطحون بفعل الأزمة ومن يديرونها يتوجه إلى براميل القمامة أعزكم الله عله يجد ما يبحث عنه،او ينتظر ما يجود به الميسورون من الأشقاء ليشبع به بطنه ومن يعول.
ليعذرني الجميع إن تأخرت مني التهنئة بحلول شهر رمضان المبارك في مستهل الحديث لأني أدرك جيدا أن الحديث عن هذا الشهر الفضيل في ظل هكذا أوضاع يجعل فرائص الجسد ترتعد، والعرق يتصبب من كل الخلايا -لا اخفي عليكم أن الشعور بتلك الأعراض بدأ يصيب جسدي- الله يجازي سوء الجزاء من كان سبباً في هذه الأزمة..ومن أوصل الشعب اليمني إلى هذه الحالة من استجداء المساعدات والتبرعات الخارجية،واليمن بلد زراعي مليء بالخيرات والثروات المعدنية والسمكية و.. و.. و.. و ..الخ،ولكن لا سامح الله من خدموا جيوبهم وملؤوا كروشهم وسرقوا ونهبوا اليمن.
لا أريد العودة بالحديث إلى شهر رمضان الفضيل خاصة وان عرق الفاجعة من توفير متطلباته لم يبارح جسدي ولكن عسى أن يأتي الله بالخير لذا سأواصل الحديث عن المأساة: حقيقة لم يبق أحد من الناس باختلاف شرائحهم وفئاتهم بعيداً عن قول النقد والتذمر من ارتفاع الأسعار لكل منتجات وسلع السوق المحلية دون استثناء ارتفاعا جنونياً فاق الخيال واكبه تدن في دخل المواطن وفي حالات عديدة فقد ذلك الدخل نهائياً،وواكبه أيضاً شلل تام أصاب بيئة الأعمال ،وهو ما دفع الملايين من الطبقة الميسورة الحال إلى أن تنحدر في مستواها المعيشي إلى الطبقة الفقيرة والأشد فقراً.
المشكلة أن مصاصي الدماء من التجار لم يتوانوا لحظة عن تحقيق المكاسب المادية الكبيرة زاعمين أن الأزمة طالتهم وخفضت من أرباحهم التي تعودوا عليها وهي أرباح خيالية لأنهم لا يرضون بالفائدة التي تقل عن المائتين بالمائة بل يرون ذلك خسااااااارة.. ولو أن تحقيق تلك الأرباح سيصل بمن يعيش حالة الكفاف من المواطنين للانضمام إلى قافلة المتسولين ..حسبنا الله ونعم الوكيل.
والمحزن عدم ظهور أية بوادر حلول للأزمة السياسية ونتائجها الكارثية على حاضر ومستقبل اليمن في ظل غياب كلي لضوابط السوق والأخلاق والضمير ،حيث اختلط الحابل بالنابل والصالح بالطالح.. ويبدو أن عجلة الزمن تعود بأهل الإيمان والحكمة إلى زمن الغاب حيث لا قوانين ولا مبادئ تسيرنا؟! .
الله المستعان يا من تتلذذون بعذابات الناس وتستمرئون تخريب الوطن..الشعب يا هؤلاء لم يجن من أوهامكم وغيكم غير المأساة والجوع والقتل والتشريد والحقائب والأجساد المفخخة فلا أنتم استطعتم ترك نزواتكم وعبثيتكم - التي تنشر روائحها وسمومها في كل مكان- ولا أنتم احتكمتم للعقل والمنطق والذهاب للحوار،لتنقذوا هذا الوطن من كل إساءاتكم.
في الأخير علينا تذكير المتلاعبين بأقوات الناس واحتياجهم بحديث خاتم الأنبياء سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم حيث قال: ”من دخل في سلعة الناس ليغليها أقعده الله بعظم من نار يوم القيامة”.
لك الله يا شعب اليمن.. ورمضان كريم.