
الرياض / 14 أكتوبر / متابعات:
شهدت العاصمة السعودية في وقت مبكر من مساء اليوم الأربعاء وصول العاهل الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، الذي حطت طائرته في مطار الملك خالد الدولي، واستقبله فيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في زيارة قصيرة وصفها الجانب الإماراتي بـ"الأخوية".
تأتي الزيارة على وقع التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة، إثر قيادة الرياض جهداً دولياً حثيثاً للضغط على إسرائيل، من أجل وقف النار في غزة وحشد اعتراف دولي واسع بدولة فلسطين، في "مؤتمر حل الدولتين" برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوي في نيويورك 22 سبتمبر الجاري.
وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية (وام) أن الشيخ محمد بن زايد قام "بزيارة أخوية إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة"، على رأس وفد من مسؤولين كبار في الدولة، أمثال الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان نائب حاكم إمارة أبو ظبي مستشار الأمن الوطني، والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني ووزير الاستثمار وغيرهم، مما يشير إلى أن الزيارة ذات أبعاد استراتيجية ولا تتوقف فقط عند التعاون الأخوي والثنائي.
وأكدت السعودية أن المسؤولين استعرضا خلال الاستقبال "العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى استعراض تطورات الأوضاع الإقليمية، وفي مقدمتها مستجدات الأحداث في فلسطين".
واعتادت دول الخليج تنسيق مواقفها في القضايا الدولية، ولا سيما في الأزمات المصيرية مثل القضية الفلسطينية، وذلك على رغم اختلاف مقارباتها في العديد من الملفات والتفاصيل المتعلقة بمعالجتها، مثل السلام مع إسرائيل، والأزمة في السودان، التي تتحدث وسائل إعلام دولية عن اختلاف وجهات النظر بشدة فيها بين الرياض وأبو ظبي.
وكان مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون آل نهيان عقد محادثات في يوليو الماضي مع ولي العهد السعودي، في خطوة قد تكون جاءت تمهيداً للزيارة التي حدثت اليوم، إذ قال طحنون في حينه، إن مهمته كانت "في إطار التشاور
المستمر بين قيادتي البلدين الشقيقين حيال مختلف القضايا التي تتعلق بأمن واستقرار المنطقة، والتنسيق بخصوص التطورات الراهنة التي يشهدها الإقليم".
تتزامن القمة مع تنديد مجلس التعاون الخليجي بالدعوات "الخطيرة والمشبوهة" إلى تعميق الاستيطان وضم الضفة الغربية المحتلة.
وقال الأمين العام للمجلس جاسم محمد البديوي على حسابه في "إكس"، إن "هذه الدعوات التحريضية تؤكد نهج الاحتلال المتواصل والممنهج في زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، بما يعكس إصراره على تقويض فرص السلام، وتحديه الصارخ للمواثيق الدولية".
في غضون ذلك، أعلنت إسرائيل حشد قواتها البرية للهجوم على مدينة غزة لتهجير سكانها المنكوبين البالغ عددهم نحو 800 ألف، وسط تنديد خليجي ودولي واسع، ألمحت قوى عالمية إلى أن الجانب الإسرائيلي يستهدف منه مساومة الجانب العربي والأوروبي على مراجعة خطواته الحثيثة نحو "مؤتمر حل الدولتين"، الذي شكل ضغطاً سياسياً كبيراً على تل أبيب، وجعلها في موقف حرج أمام العالم، وهو ما جعل الرئيس الأميركي دونالد ترمب يدعوها إلى إيجاد حل لقضية غزة قبل تفاقم المشهد ضدها، على رغم مساندته الموقف الإسرائيلي بتعليق إدارته تأشيرات المسؤولين الفلسطينيين بمن فيهم الرئيس محمود عباس إلى نيويورك لعرقلة حضورهم مؤتمر حل الدولتين.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون البارحة في اتصال هاتفي مع الأمير محمد بن سلمان اتفاقهما على المشاركة معاً في رئاسة مؤتمر حلّ الدولتين، المقرر عقده في نيويورك في 22 سبتمبر، مؤكداً أن "الهدف هو حشد أوسع دعم دولي لهذه الصيغة بوصفها السبيل الوحيد لتحقيق تطلعات الفلسطينيين والإسرائيليين المشروعة"، بينما انتقد قرار واشنطن رفض منح تأشيرات للمسؤولين الفلسطينيين، داعياً إلى التراجع عنه لضمان تمثيل فلسطيني يتوافق مع اتفاق الدولة المضيفة.
وأوضح ماكرون على "إكس" أن الأولويات تتمثل في "وقف دائم لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن، وضمان تدفق واسع للمساعدات الإنسانية إلى غزة، إلى جانب نشر بعثة لتثبيت الاستقرار هناك". كما شدد على أن المرحلة التالية يجب أن تشمل نزع سلاح حركة "حماس" وإقصاءها عن أي حوكمة للقطاع، مع إصلاح السلطة الفلسطينية وتعزيزها، وإعادة إعمار غزة بالكامل.
واعتبر في رسالة موجهة إلى إسرائيل أن "أي عمليات عسكرية أو ضم أو تهجير لن توقف الزخم الذي انطلق بدعم سعودي وفرنسي وانضم إليه شركاء دوليون آخرون".
أعلنت دول عدة ولا سيما في أوروبا عزمها الاعتراف بفلسطين أثناء المؤتمر المرتقب، بما فيها بريطانيا وفرنسا وبلجيكا، إضافة إلى مجموعة أخرى تقودها إسبانيا والنرويج وإيرلندا أعلنت اعترافها من قبل، في إطار حملة الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف حرب غزة، وإقرار "حل الدولتين"، طبقاً لقرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية.
على رغم انضمام دولة الإمارات إلى "اتفاقات أبراهام"، فإنها تنتقد سياسات إسرائيل الرامية إلى ضم الضفة والانتهاكات بحق الفلسطينيين في غزة، إذ قالت مساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية لانا نسيبة، إن "ضم إسرائيل للضفة الغربية سيشكل خطاً أحمر لدولة الإمارات، ينذر بإنهاء رؤية التكامل الإقليمي وينهي حل الدولتين". وهو ما اعتبرته صحيفة إسرائيلية بمثابة "جرس إنذار صادم" من أبو ظبي قبيل الذكرى الخامسة للتطبيع، الذي بادرت إليه الإمارات العربية المتحدة لتصبح أول دولة عربية تطبع العلاقات مع إسرائيل منذ أكثر من ربع قرن، بحسب قولها.
وأشارت نسيبة في تصريحات نقلتها "تايمز أوف إسرائيل" على هامش زيارة محمد بن زايد السعودية، إلى أن الضم من شأنه إن حدث أن "يقوض بشدة روح اتفاقيات أبراهام التي أدت لتطبيع العلاقات مع إسرائيل"، مما يشير إلى أن القضية الفلسطينية في صلب الموضوعات المطروحة على طاولة الزعيمين الخليجيين في قمتهما بالرياض، التي سبقتها محادثات أخرى وصفت بالمحورية بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل نحو أسبوعين في "نيوم".
ومن المقرر أن يعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مشاورات وزارية كبرى بعد يومين بشأن ما إذا كان ينبغي المضي قدماً في خطوة الضم المثيرة للجدل للغاية.
المسؤولة الإماراتية أضافت أنه "بالنسبة لكل عاصمة عربية تتحدث إليها، فإن فكرة التكامل الإقليمي لا تزال احتمالاً قائماً، لكن ضم (الضفة الغربية) لإرضاء بعض العناصر المتطرفة الراديكالية في إسرائيل سوف يزيل ذلك من على الطاولة".
كان الرئيس الفلسطيني أكد في حوار أخيراً مع قناة "العربية" أنه تلقى تأكيدات سعودية بأنها "لن تقدم أي مصلحة على تأسيس الدولة الفلسطينية"، في إشارة إلى موقفها الصارم من رفض أي علاقة بإسرائيل قبل إقرارها حل الدولتين.