تساؤلات حول جدوى مخرجات اللجنة الأمنية ومراقبون يقولون إن "اختراق ترتيبات المجلس الرئاسي دليل على أنها وُلدت ميتة"

طرابلس / واشنطن / 14 أكتوبر / متابعات:
في اختراق واضح للتعليمات الصادرة من لجنة الترتيبات الأمنية والعسكرية في المجلس الرئاسي توجهت أرتال مسلحة عدة من مدينة مصراتة شرق طرابلس ومسقط رأس رئيس حكومة "الوحدة الوطنية" عبدالحميد الدبيبة إلى العاصمة الليبية طرابلس، ومن جهتها دفعت قوات الجيش الليبي في المنطقة الشرقية بتعزيزات عسكرية إلى مدينة سرت (وسط) والشوريف (جنوب غربي ليبيا)، فيما اندلعت فجر اليوم معارك بجزيرة الغيران وسط طرابلس.
وسُمع دوي إطلاق نار ورصدت تحركات مكثفة لآليات عسكرية في مناطق من طرابلس ليل أمس الإثنين وصباح اليوم الثلاثاء في ظل أجواء من التصعيد دفعت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى إصدار بيان تحذيري.
قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إنها "تجدد الإعراب عن انزعاجها البالغ إزاء التقارير التي تفيد بتصاعد التوترات واستمرار التعبئة العسكرية التي قد تؤدي إلى اندلاع مواجهات مسلحة" في العاصمة. وأضافت في بيان أنها "تدرك أن المفاوضات مستمرة بإشراف المجلس الرئاسي، وتدعو الأطراف إلى مواصلة الانخراط فيها ومناقشة القضايا المتبقية بحسن نية والعمل لما فيه المصلحة العليا لسكان طرابلس المدنيين، الذين يجب حمايتهم".
وتابع البيان "حياة كل إنسان ثمينة، وأي صراع جديد لا يهدد أمن طرابلس فحسب، بل قد يمتد إلى مناطق أخرى في البلاد، وقد يؤدي ذلك إلى حرب الجميع خاسر فيها، وتعرض حياة المدنيين لخطر جسيم". ودعت البعثة "بشكل عاجل جميع الأطراف إلى وقف أشكال التصعيد كافة، والامتناع على الفور عن أي أعمال من شأنها تعريض المدنيين للخطر. يجب حماية أرواح المدنيين والبنية التحتية في جميع الظروف". واستطردت "إذ تحذر البعثة من أن تجدد الاشتباكات ستكون له عواقب وخيمة على ليبيا وشعبها، فإنها تؤكد مواصلة دعمها لجهود الوساطة وتعرض مساعيها الحميدة للانخراط بشكل مباشر في المفاوضات تحت رعاية المجلس الرئاسي". وحثث "جميع الأطراف المعنية على اغتنام هذه الفرصة لحل الخلافات بالحوار وبعيدا عن العنف".
وكانت لجنة الترتيبات الأمنية والعسكرية بالمجلس الرئاسي شددت على ضرورة رجوع جميع القوات والوحدات إلى مناطقها ومعسكراتها فوراً، مطالبة بالامتناع من أي تمركز أو انتشار غير مشروع داخل المدن أو خارج نطاق التكليفات الرسمية.
كما دعا بيان اللجنة جميع القوات المسلحة إلى الالتزام الصارم بوقف إطلاق النار باعتباره أساساً للحفاظ على الأرواح والممتلكات وضمان استمرار العملية السياسية والأمنية، مذكراً بالتمسك بمبدأ الشرعية في التحركات العسكرية والأمنية كافة، وموضحاً أن أي نشاط خارج الأطر الرسمية يعد مخالفة جسيمة للقوانين والاتفاقات النافذة.
واقترح الدينالي تعديل صلاحيات جهاز الردع وإعادة المرافق التابعة للدولة إلى حضن الحكومة لأنه من المنطقي أن تكون جميع المرافق الرسمية خاضعة لحكومة الدبيبة، منوهاً بأن المجلس الرئاسي يعلم أن قرار إزاحة القوات المسلحة غير الشرعية أصبح أمراً واقعياً ونافذاً، سواء اتخذ إجراءات أم لم يتخذ، متابعاً أنه لا بد من حلول جدية لنزع فتيل هذه الأزمة من خلال تقليص صلاحيات جهاز الردع، باعتبار أن هناك تشكيكاً من الجهاز ذاته بالشروط التي وضعتها الحكومة، وبخاصة أنه تعهد شروطاً ثم خالفها.
ونوه الدينالي بأن ما يحدث الآن في طرابلس من محاولة لبلورة القوة الأمنية مخطط له منذ مدة طويلة، والهدف منه الانتهاء من توحيد المؤسسة العسكرية لتكون الخطوة الأولى تذويب هذه الميليشيات وصهر الصالح منها داخل القوى الرسمية المنضوية تحت راية القوة الشرطية والقوة العسكرية.
وكشف المتحدث ذاته عن أن الولايات المتحدة الأميركية هي من ترعى هذه العملية بطريقة دبلوماسية، ولعل تصريح مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا مسعد بولس الذي قال إن الولايات المتحدة لديها حل للمشكلة الليبية خير شاهد على ذلك، وقد يكون هذا هو الحل لأن تغيرات جذرية طرأت على جميع الأطراف ومنها تلك التي تحمل طابعاً عسكرياً، ففي الشرق الليبي استجدت تعيينات على معسكر الرجمة، قابلها تحرك لعبدالحميد الدبيبة في طرابلس لاسترجاع قوة الدولة، وهي تطورات يقول الدينالي إنها جاءت مباشرة بعد وصول بولس إلى ليبيا، وأيضاً بعد زيارة عدد من الشخصيات الليبية إلى واشنطن التي أرادت القول إنه من المهم أن تكون هناك مؤسسة عسكرية واحدة على مستوى البلاد، ويجب إزاحة كل هذه الميليشيات وتذويب الصالح منها داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية الشرعية، ولذلك يعد الأمر نافذاً ولا يمكن إيقافه إلا بتحقيق الهدف المنشود.
وسبق أن كشف بولس عند الزيارة الأولى لليبيا أواخر يوليو الماضي عن أن "إدارة ترمب تطور تصوراً للحل في ليبيا يشمل جميع الأطراف"، وقال إن هناك "عدداً من الحلول المطروحة ومنها مشروع حكم موحد يشمل جميع الفرقاء بشكل شراكة فعلية".
يذكر أن إدارة ترمب مددت في فبراير الماضي حال الطوارئ الأميركية لعام آخر على ليبيا لأنها لا تزال تشكل تهديداً غير عادي واستثنائياً للأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية، وفق إدارته.