مقترح الوسطاء "شبه متطابق" مع طلبات تل أبيب والجيش يشن هجوماً على غزة مع دخول جزئي للإمدادات




غزة / عواصم / 14 أكتوبر / متابعات:
شدد مسؤول إسرائيلي بارز، اليوم الثلاثاء، على رغبة الحكومة بإعادة جميع الرهائن المحتجزين في غزة في أي اتفاق مقبل، غداة إعلان "حماس" قبولها بمقترح للتهدئة في القطاع المدمر والمحاصر. ونقلت "رويترز" عن المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن موقف الحكومة لم يتغير وأنها تتمسك بالمطالبة بإطلاق سراح جميع الرهائن.
وقال مسؤولان اليوم الثلاثاء إن إسرائيل تدرس رد حركة "حماس" على مقترح لوقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يوماً، يتم خلالها تحرير نصف الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين في القطاع.
واكتسبت جهود وقف القتال زخماً جديداً خلال الأسبوع الماضي بعدما أعلنت إسرائيل خططاً لشن هجوم جديد من أجل السيطرة على مدينة غزة، وتضغط مصر وقطر لاستئناف المحادثات غير المباشرة بين الجانبين في شأن خطة لوقف إطلاق النار تدعمها الولايات المتحدة.
وقال قيادي في "حماس" إن المقترح يتضمن الإفراج عن 200 مدان فلسطيني من سجون إسرائيل وعدد لم يحدد من النساء والقصر المعتقلين مقابل تحرير 10 رهائن أحياء وإعادة 18 جثة من غزة.
وأكد مصدران أمنيان مصريان هذه التفاصيل، وأضافا أن "حماس" طلبت الإفراج عن مئات المعتقلين من غزة أيضاً، ويتضمن المقترح انسحاباً جزئياً للقوات الإسرائيلية، التي تسيطر حالياً على 75 في المئة من القطاع، وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة التي يتعرض سكانها بصورة متزايدة لمجاعة.
أعلنت قطر، المشاركة في جهود الوساطة الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، اليوم الثلاثاء أن المقترح الجديد للهدنة الذي أكدت حركة "حماس" موافقتها عليه "شبه متطابق" مع ما وافقت عليه إسرائيل سابقاً.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري خلال مؤتمر صحافي في الدوحة "تسلمنا الرد كما قلنا من حركة ’حماس‘، بالنسبة إلينا هو رد إيجابي جداً ويمثل صورة شبه متطابقة لما تمت الموافقة عليه مسبقاً من الطرف الإسرائيلي".
وتشارك قطر إلى جانب مصر والولايات المتحدة في جهود الوساطة في المفاوضات في شأن غزة، إلا أن هذه المساعي لم تثمر حتى الآن عن تحقيق وقف دائم لإطلاق النار.
ويشهد قطاع غزة حرباً مستمرة منذ أكثر من 22 شهراً، أتت رداً على هجوم "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.
وانتعشت أمس الإثنين آمال التوصل إلى هدنة بعد إعلان "حماس" قبولها مقترحاً جديداً تسلمته من الوسطاء المصريين والقطريين في القاهرة، في شأن وقف إطلاق النار.
وكان مسؤول فلسطيني أفاد وكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق بأن "وفد ’حماس‘ برئاسة خليل الحية في القاهرة تسلم مقترحاً جديداً، يستند إلى مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف الأخير الذي ينص على هدنة لـ60 يوماً وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على دفعتين".
وأكد الأنصاري أن "اللغة الموجودة على الطاولة هي اللغة التي اقترحها المبعوث الأميركي (ستيف ويتكوف) في تصور سابق، وما زال هناك انتظام يومي ومباشر مع الإدارة الأميركية"، وأوضح أن المقترح الجديد يتضمن وقفاً لإطلاق النار لمدة 60 يوماً، وتبادل الأسرى ودخول المساعدات.
وكانت تعثرت جولة تفاوض غير مباشر بين إسرائيل و"حماس" في يوليو الماضي في الدوحة بعد أكثر من أسبوعين على انطلاقها.
وقال الأنصاري "نحن الآن لسنا فقط في لحظة محورية أو حاسمة، نحن الآن في لحظة إنسانية فارقة"، محذراً أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق الآن "فنحن أمام كارثة إنسانية ستجعل الكوارث التي سبقتها تتقزم أمامها".

وكان مصدر في حركة "الجهاد" أفاد وكالة الصحافة الفرنسية أمس الإثنين بأن المقترح يشمل "وقف إطلاق نار موقت لـ60 يوماً يتم خلالها إطلاق سراح 10 إسرائيليين أحياء، وتسليم عدد من الجثث (جثث الرهائن المتوفين)، على أن تكون هناك مفاوضات فورية لصفقة أشمل، بما يضمن التوصل إلى اتفاق في شأن اليوم التالي لانتهاء الحرب والعدوان في قطاع غزة بوجود ضمانات".
وأتى المقترح بعد إقرار المجلس الأمني الإسرائيلي خطة للسيطرة على مدينة غزة في شمال القطاع، ووسط تحذيرات دولية من انتشار الجوع في القطاع المدمر
والمحاصر وبلوغه حافة المجاعة، كذلك أتى في وقت يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطاً داخل إسرائيل وخارجها لإنهاء الحرب.
وقال القيادي في حركة "الجهاد" محمود مرداوي عبر منصة "تيليغرام"، "اليوم فتحت المقاومة الباب على مصراعيه أمام إمكان إنجاز اتفاق، لكن يبقى الرهان على ألا يعمد نتنياهو مجدداً إلى إغلاقه كما فعل سابقاً"، ولم يعلق نتنياهو بعد علناً على المقترح الجديد، لكنه أكد الأسبوع الماضي رفضه الإفراج التدريجي عن الرهائن وشدد على وجوب "عودتهم جميعاً في إطار وضع حد للحرب إنما بشروطنا".
ووصلت آخر جولة من المحادثات غير المباشرة بين الطرفين إلى طريق مسدود في يوليو الماضي، واتهم كل طرف الآخر بالمسؤولية عن انهيارها.
ووافقت إسرائيل في وقت سابق على الخطوط العريضة التي قدمها المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، لكن المفاوضات تعثرت بسبب بعض التفاصيل.
وأثارت خطط إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة منذ ذلك الحين قلقاً في الخارج وبين ما يقدر بمليون شخص يعيشون بها حالياً.
وعلى الأرض لا توجد أي مؤشرات إلى قرب التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وقال مسؤولو الصحة في غزة إن 20 فلسطينياً في الأقل قتلوا اليوم الثلاثاء جراء ما تقوم به إسرائيل من إطلاق نار وقصف بالمدفعية وغارات جوية.
وقال مسعفون إن الدبابات أكملت سيطرتها على حي الزيتون شرق مدينة غزة، وواصلت قصف حي الصبرة القريب مما أسفر عن مقتل امرأتين ورجل.
وذكرت السلطات الصحية المحلية أن عشرات الأشخاص حوصروا في منازلهم بسبب القصف، وقال الجيش الإسرائيلي إنه يتحقق من هذه الأنباء.
وقال الجيش الإسرائيلي الجمعة الماضي إن قواته تنشط في حي الزيتون لتحديد مواقع الأسلحة والأنفاق والمسلحين.
وفي غضون ذلك، تتواصل الضربات في أنحاء القطاع، حيث أفاد الدفاع المدني أن 28 فلسطينياً قتلوا بنيران إسرائيلية اليوم الثلاثاء.
وأشار المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل إلى أن 11 من هؤلاء قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي قرب مراكز لتوزيع المساعدات في القطاع.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن قواته "تعمل على تفكيك قدرات ’حماس‘ العسكرية"، و"تلتزم القانون الدولي وتتخذ الاحتياطات الممكنة للحد من الأضرار على المدنيين".
إلى ذلك حذر بصل من أن الوضع في حيي الزيتون والصبرة الواقعين في جنوب مدينة غزة "خطر جداً ولا يحتمل"، مؤكداً أن طواقم الدفاع المدني لا تتمكن من الوصول إلى كثير من الإصابات والضحايا مع تواصل العمليات العسكرية والقصف الإسرائيلي، وقال إن "عشرات آلاف المواطنين" ما زالوا في الحيين "من دون طعام ولا ماء".
وبحسب شهود عيان، نزح مئات الأشخاص من منطقة الصبرة باتجاه غرب غزة.
وتشير تقديرات إلى أن آلاف الأشخاص فروا من المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية.

وفي إسرائيل، دفع التهديد بالهجوم عشرات الآلاف من الإسرائيليين أول من أمس الأحد إلى تنظيم أحد أكبر الاحتجاجات منذ اندلاع الحرب، مطالبين بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال وإطلاق سراح من تبقى من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
وقال مسؤولان إسرائيليان إنه من المتوقع أن يدعو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قريباً إلى عقد مناقشات حول مقترح وقف إطلاق النار، ويواجه نتنياهو ضغوطاً من شركائه في الحكومة اليمينية المتطرفة المعارضين لإبرام هدنة مع "حماس".
ويدعو الوزيران بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير إسرائيل إلى مواصلة الحرب حتى هزيمة "حماس" وضم غزة.
وقال القيادي في "حماس" عزت الرشق إن اقتراح الهدنة الذي وافقت عليه الحركة هو اتفاق موقت من شأنه أن يفسح المجال لعقد مفاوضات في شأن إنهاء الحرب.
وذكر مصدر مطلع على المحادثات أن "حماس"، وعلى عكس الجولات السابقة، قبلت المقترح من دون أي مطالب أخرى، لكن احتمالات التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب تبدو ضئيلة، إذ لا تزال هناك خلافات في ما يتعلق بشروط الجانبين، وتطالب إسرائيل الحركة بإلقاء سلاحها ومغادرة قادتها غزة، وهي شروط ترفضها "حماس" علناً حتى الآن.
واندلعت الحرب باقتحام مقاتلين تقودهم "حماس" إسرائيل، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة، ومنذ ذلك الحين، أسفر الهجوم الإسرائيلي عن مقتل أكثر من 61 ألف فلسطيني، وتسبب في أزمة إنسانية في غزة، وتشريد معظم سكانها.
من جهة أخرى قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء إن إسرائيل تسمح بدخول بعض الإمدادات إلى قطاع غزة، لكن ليس بالقدر الكافي لتجنب جوع واسع النطاق.

وقال المتحدث باسم المفوضية ثمين الخيطان في مؤتمر صحافي بجنيف "خلال الأسابيع القليلة الماضية، لم تسمح السلطات الإسرائيلية بدخول المساعدات إلا بكميات تبقى أقل بكثير مما هو مطلوب لتجنب جوع واسع النطاق"، وأضاف أن خطر الجوع في غزة "نتيجة مباشرة لسياسة الحكومة الإسرائيلية في منع المساعدات الإنسانية".
تقول وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الوحدة العسكرية الإسرائيلية التي تنسق المساعدات، أن إسرائيل تبذل "جهوداً كبيرة" في إيصال المساعدات لغزة.