
الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات:
تجددت المعارك العنيفة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في محاور عدة داخل مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، إذ شن الجيش بمدفعيته الثقيلة هجوماً عنيفاً على مواقع "الدعم السريع" المتمركزة في المحور الجنوبي الغربي لمنع تقدمها بعدما توغلت في وقت سابق باتجاه معسكر أبو شوك للنازحين الواقع في الجهة الشمالية للمدينة، في حين ردت "الدعم السريع" بتصويب مدفعيتها على مقر الفرقة السادسة - مشاة التابعة للجيش، فضلاً عن الأحياء السكنية الواقعة شمال المدينة.
وبحسب مصادر ميدانية فإن الفاشر تعيش على واقع صفيح ساخن من شدة احتدام القتال بين الطرفين، فقد استيقظ سكانها، بخاصة الأحياء الجنوبية الغربية، على دوي المدافع التي أطلقها الجيش على تجمعات "الدعم السريع" في منطقة سوق المواشي القريبة من المناطق الاستراتيجية، بينما كثفت الأخيرة قصفها المدفعي طوال منتصف نهار أمس صوب مقر الجيش ومطار المدينة الواقع في الجهة الشمالية الغربية.
وأفادت المصادر نفسها بأن احتدام العمليات العسكرية زاد من سوء الأوضاع الإنسانية التي بلغت درجة لا يمكن وصفها، مما جعل سكان المدينة عرضة للموت البطيء بسبب انعدام السلع في الأسواق وتوقف تكايا الطعام، إذ اضطر المواطنون إلى تناول "الأمباز"، وهو عبارة عن بقايا الفول السوداني والسمسم بعد استخراج الزيت، ويستخدم كعلف للحيوانات.
وأشارت المصادر إلى أن الخروج من المدينة بات صعباً وغير آمن لانتشار المسلحين في الطرق المؤدية إلى المناطق القريبة من الفاشر.
في الأثناء قال رئيس الوزراء كامل إدريس إن "الأوضاع الإنسانية في مدينة الفاشر كارثية تتطلب العمل الجاد من أجل إنقاذ عديد من الأرواح، ووقف معاناة المواطنين"، ودعا إدريس، خلال لقائه الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لوكا ريندا، منظمات الأمم المتحدة إلى ضرورة تنسيق الجهود بين الحكومة السودانية والمنظمات الدولية لتلافي سوء الأحوال الإنسانية بمدينة الفاشر، وبقية المناطق بولاية شمال دارفور.
وناقش اللقاء كيفية معالجة الأوضاع الإنسانية في الفاشر ووقف معاناة المواطنين، فضلاً عن تعاون الحكومة في شأن إيصال المساعدات الإنسانية وتسهيل مهام المنظمات الدولية.
ومنذ مايو 2024 تفرض "الدعم السريع" حصاراً مطبقاً على مدينة الفاشر، مما حال دون وصول الغذاء والدواء إلى أكثر من 500 ألف مواطن، يعيشون في ظروف إنسانية بالغة السوء. وأدى الحصار إلى نفاد السلع الأساسية من أسواق المدينة، مثل السكر والبصل والدقيق والعدس، كما انعدمت الأدوية المنقذة للحياة بصورة كبيرة، مما تسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية بصورة خطرة.

وطالبت الحكومة السودانية الأمم المتحدة بالتدخل عبر طائراتها وناقلاتها، تحت إشرافها المباشر، لإنقاذ حياة مواطني الفاشر والمناطق المجاورة لها. في وقت دعت فيه جهات أممية ودولية إلى إنهاء الحرب، تجنباً لحدوث كارثة إنسانية تدفع الملايين إلى المجاعة والموت، جراء نقص الغذاء بسبب القتال المستمر 28 شهراً وامتداده إلى 13 ولاية من أصل 18.
في محور كردفان واصل طيران الجيش غاراته الجوية المكثفة على مواقع "الدعم السريع" في منطقة بارا بشمال كردفان أوقعت خسائر في الأرواح والعتاد وفقاً لمصادر عسكرية.
ويمتد مسرح العمليات في إقليم كردفان من مدينة بارا والقرى المحيطة بها في شمال كردفان، وصولاً إلى محاور الخوي والنهود وأبو زبد وبابنوسة غرباً، والدبيبات جنوباً، فضلاً عن خوض الجيش معارك مع قوات الحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو المتحالفة مع "الدعم السريع".
وتعاني مدن عدة في هذا الإقليم، بخاصة مدينتي كادوقلي والدلنج أكبر مدن ولاية جنوب كردفان، شدة الحصار، إذ تعاني هذه المدن انعدام الغذاء بعدما قطعت "الدعم السريع" والحركة الشعبية الطرق الرئيسة التي تؤدي إليها، لا سيما طريق الدلنج الأبيض والطريق الذي يربط سوق أبو نعامة بمدينة كادوقلي، مما زاد من حدة الأزمة الإنسانية في المنطقة.
وأفاد مواطنون بأن أسواق كادوقلي والدلنج تنعدم فيها السلع الغذائية تماماً، لذلك لجأ المواطنون لأكل أوراق الشجر والحشائش بعد توقف وصول المساعدات الإنسانية بسبب إغلاق الطرق التي تمثل شرياناً لحياة سكان جنوب كردفان، منوهين بأن استمرار إغلاق الطريق سيؤدي إلى حدوث مجاعة في المدينة.
عسكرياً، أجرى قائد الجيش عبدالفتاح البرهان تغييرات في رئاسة أركان القوات المسلحة السودانية، هي الأولى من نوعها منذ اندلاع النزاع العسكري القائم. وجاءت هذه التغييرات بعد يوم واحد من قرارات إعفاء عدد من كبار ضباط الجيش من مناصبهم، وإحالتهم للتقاعد بالمعاش، وترقية آخرين للرتب الأعلى. وأبقى القرار على الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين الحسن رئيساً لهيئة الأركان لدورة جديدة، إذ احتفظ بهذا المنصب منذ 2019. وشملت التعيينات الفريق الركن مجدي إبراهيم عثمان خليل نائباً لرئيس هيئة الأركان للإمداد، والفريق مهندس ركن خالد عابدين محمد أحمد الشامي نائباً لرئيس هيئة الأركان للتدريب، إضافة إلى تعيين الفريق الركن عبدالخير عبدالله ناصر درجام نائباً لرئيس هيئة الأركان للإدارة، والفريق الركن محمد علي أحمد صبير رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، والفريق الركن مالك الطيب خوجلي النيل نائباً لرئيس هيئة الأركان للعمليات. كما جرى تعيين اللواء معتصم عباس التوم أحمد مفتشاً عاماً للقوات المسلحة بعد ترقيته لرتبة فريق، إذ ظل هذا المنصب شاغراً منذ أسر المسؤول السابق الفريق مبارك كوتي كمتور من قبل "الدعم السريع" في اليوم الأول للحرب.
.jpg)
كذلك شملت القرارات تعيين الفريق طيار علي عجبنا جمودة محمد قائداً للقوات الجوية، والفريق طبيب زكريا إبراهيم محمد أحمد مديراً للإدارة العامة للخدمات الطبية، واللواء مهندس عمر سر الختم حسن نصر قائداً لقوات الدفاع الجوي.