

الخرطوم / عواصم / 14 أكتوبر / متابعات:
عاشت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان يوماً دامياً، إذ لقي 31 مدنياً في الأقل حتفهم وأصيب العشرات في أعنف قصف تشنه قوات "الدعم السريع" على المدينة.
وبحسب شهود، فإن قوات "الدعم السريع" جددت لليوم السادس على التوالي قصفها المدفعي المكثف والعنيف الذي ينطلق من منصاتها في أقصى المحور الشرقي على مواقع تابعة للجيش والأحياء السكنية الواقعة في الجزء الشمالي الغربي، فضلاً عن مخيمي نيفاشا وأبوشوك وحي الدرجة الأولى بالقطاع الغربي للفاشر.
ودانت شبكة أطباء السودان ما وصفته بـ"الجريمة البشعة" التي ارتكبتها "الدعم السريع"، باستهدافها المتعمد مخيم أبوشوك للنازحين، مشيرة إلى أنه جرى إسعاف المصابين لتلقي العلاج وسط ظروف إنسانية وصحية بالغة السوء.
وأكدت الشبكة في بيان لها أن الهجوم شن في وقت يعاني فيه المخيم نقصاً حاداً في الدواء والكادر الطبي والغذاء، جراء الحصار الذي تفرضه قوات "الدعم السريع" على المدينة منذ أبريل 2024، مما يضاعف من حجم الكارثة الإنسانية ويعرض حياة آلاف النازحين، من النساء والأطفال للقتل البطيء.
ونوهت إلى أن استمرار هذه الجرائم التي تمارسها "الدعم السريع" بشمال دارفور يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفق القانون الدولي الإنساني، مبينة أن استهداف المدنيين في أماكن نزوحهم المحمية دولياً يمثل انتهاكاً صارخاً لكل المواثيق الدولية والأعراف الإنسانية.
وطالبت شبكة الأطباء المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن باتخاذ إجراءات عاجلة، من خلال الضغط على قيادات "الدعم السريع"، والتحرك الفوري لإغاثة الضحايا وتوفير المستلزمات الطبية والغذائية بشكل عاجل.
من جانبها، أوضحت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر أن المدينة شهدت، أمس، قصفاً مدفعياً مكثفاً من قبل قوات "الدعم السريع" استهدف أحياء سكنية عدة، مما أسفر عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى من المدنيين، فضلاً عن أنه أحدث أضراراً كبيرة في الممتلكات والبنى التحتية.
وعدت التنسيقية القصف المدفعي بأنه الأعنف منذ فترة طويلة، إذ بدأ منذ ساعات الصباح الأولى واستمر حتى ما بعد منتصف النهار، مما خلق حالاً من الذعر
والهلع وسط السكان العزل، وأدى إلى موجات نزوح جديدة من بعض الأحياء المتأثرة.
في حين أشارت غرفة طوارئ مخيم أبوشوك للنازحين إلى أن الجزء الشمالي من المخيم تعرض، صباح أمس، لقصف مدفعي عنيف، راح ضحيته عدد من النازحين وجرح ما لا يقل عن 20 شخصاً.
وأفادت الغرفة في بيان لها أن من بين القتلى في الهجوم ناشطين في العمل الطوعي وأعضاء بارزين في غرفة الطوارئ والاستجابة الإنسانية.
وتمكنت قوات "الدعم السريع"، خلال الهجوم الذي شنته الأسبوع الماضي على المخيم من التوغل داخله، إذ تحقق الأمم المتحدة في تنفيذ تلك القوات إعدامات ميدانية لمدنيين، قبل أن ينجح الجيش في استعادة المواقع التي شهدت توغلاً.
وزادت قوات "الدعم السريع" من وتيرة الهجمات على الفاشر منذ الإثنين الماضي، وأظهرت مقاطع فيديو بثها أفراد من الجيش والقوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة مشاركة مرتزقة من كولومبيا في المعارك التي تخوضها من أجل السيطرة على المدينة.
في محور كردفان، شن طيران الجيش الحربي، أمس، غارات جوية دقيقة على مدينة بارا ومناطق أخرى بولاية شمال كردفان تسيطر عليها قوات "الدعم السريع"، أسفرت عن توجيه ضربات مركزة ضد عناصر تلك القوات المتمردة.
وأشارت مصادر عسكرية ميدانية إلى أن الغارات جرت بدقة عالية ونجحت في تدمير مواقع مهمة واستراتيجية للقوات المتمردة، مما عزز من السيطرة الأمنية للجيش في مناطق عدة بالمدينة، مع الحفاظ على سلامة المدنيين الموجودين في تلك المواقع.
وتأتي هذه التحركات ضمن جهود الجيش لفرض الأمن والاستقرار في مناطق النزاع بإقليم كردفان، وضمان حماية المواطنين من اعتداءات "الدعم السريع".
في غضون ذلك، أباد المركز القومي لمكافحة الألغام في السودان، أمس السبت، آلاف القذائف والألغام المضادة للدبابات والمركبات المدرعة والذخائر في قاعدة وادي سيدنا العسكرية بمدينة أم درمان.
وأفاد مدير مركز مكافحة الألغام، اللواء خالد حمدان، في تصريح صحافي، أن المركز فجر وأباد 4500 دانة ولغم أرضي مضاد للدبابات، وكمية من الذخائر بمختلف الأعيرة في منطقة وادي سيدنا العسكرية، مشيراً إلى أن المركز يخطط للتخلص من 50 ألف قذيفة ولغم مضاد للدبابات، وكمية من الذخائر المختلفة خلال أغسطس الجاري، فيما لا تزال عملية جمع المخلفات مستمرة.
ونجح الجيش في إزالة القذائف غير المتفجرة والألغام المضادة للدبابات والألغام المضادة للأفراد المحرمة دولياً، التي زرعتها قوات "الدعم السريع" في مناطق عديدة خلال سيطرتها على ولاية الخرطوم، والتي تسببت في مقتل 49 شخصاً في الأقل وإصابة 51 آخرين.
وأباد المركز في يوليو السابق نحو 14 ألف قذيفة، وتعد عملية التفجير التي نفذت أمس الثانية من نوعها منذ استعادة الجيش ولاية الخرطوم خلال مارس الماضي.
من جهته، دعا رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس في خطاب وجهه إلى الشعب الكولومبي بوقف تجنيد المرتزقة وإرسالهم إلى دارفور.
وأشار إدريس إلى أنه يرسل هذا النداء انطلاقاً من روح التضامن والالتزام بالسلام، بغرض الوقوف مع السودان من أجل إنهاء الحصار على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور ووقف تجنيد المرتزقة وإرسالهم إلى البلاد، مشيداً بنداء الرئيس الكولومبي لإنهاء تجنيد المرتزقة الكولومبيين في دارفور.
ولفت رئيس الوزراء السوداني إلى أن العالم الناطق باللغة الإسبانية قدم إسهامات بارزة للبشرية، من فن بابلو بيكاسو إلى شعر بابلو نيرودا، وسرديات غابرييل غارسيا ماركيز، وأدب ماريو فارغاس يوسا.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرها الجيش والقوات المشتركة التابعة للحركات المسلحة الأسبوع الماضي مشاركة مرتزقة كولومبيين إلى جانب قوات "الدعم السريع" في معارك الفاشر بشمال دارفور، من بينها فيديو يوضح مقتل أجانب في اشتباكات اندلعت في المدينة.
وقدمت الحكومة الكولومبية في ديسمبر عام 2024 اعتذاراً رسمياً للسودان عن مشاركة عدد من مواطنيها كمرتزقة ضمن صفوف "الدعم السريع"، فيما طالب الرئيس الكولومبي في أغسطس الجاري بضرورة وقف إرسال المرتزقة من بلاده إلى دارفور.
.jpg)
دولياً، أكد المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان لعمامرة، أن عدد القتلى المدنيين في الحرب المندلعة منذ 28 شهراً بين الجيش وقوات "الدعم السريع" غير معروف.
وأوضح لعمامرة، أن عدد الضحايا في السودان بسبب الحرب مذهل ويزداد سوءاً يوماً بعد يوم، لافتاً إلى أن واحداً من أصل أربعة سودانيين، أي زهاء 12 مليون شخص، اضطروا إلى النزوح من منازلهم، مما تعد أكبر أزمة إنسانية في العالم، إذ إن أكثر من 30 مليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.