
واشنطن / طهران / 14 أكتوبر / متابعات:
جدد الولايات المتحدة موقفها المتشدد تجاه البرنامج النووي الإيراني مع انطلاق جولة جديدة من المحادثات، واضعة شرطين لا تهاون بشأنهما: وقف التخصيب عند مستويات منخفضة، وتفكيك البرنامج الصاروخي الإيراني.
وبينما يُظهر مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليونة في نبرة الخطاب، كان الرئيس الأميركي أكثر صراحة، ملوّحًا مجددًا بـ"ضربة عسكرية قاسية" لمنشآت إيران النووية في حال استمرت طهران في تطوير قدراتها.
أكد المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن "المحادثات تتركز على نقطتين: التخصيب والبرنامج الصاروخي"، مشددًا على أن أي نسبة تخصيب تتجاوز 3.67% "غير مقبولة"، وأن تجاوز إيران مستوى 60% يُفقد الثقة بسلمية البرنامج النووي.
وصرّح ويتكوف: "لسنا هنا للتهديد، بل لنقل الحقائق. الرئيس لا يمكنه السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية، وسنتصرف إذا لزم الأمر".
بدوره، قال الرئيس دونالد ترامب: "أريد لإيران أن تكون أمة مزدهرة، لكن عليها التخلي عن حلم القنبلة النووية. إذا اقتضى الأمر، سنقوم بإجراء قاسٍ من أجل أمن العالم". وأكد أن الخيار العسكري يبقى مطروحًا، "لأن المتطرفين لا يمكنهم امتلاك هذا النوع من السلاح".
في المقابل، شدد أستاذ القانون الدولي في طهران، الدكتور هادي دلول، على أن إيران "ترفض تمامًا مناقشة فكرة تفكيك برنامجها النووي، لأنه مشروع مرخّص وتحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وأضاف: "لا توجد أي نية في عسكرة البرنامج النووي، ولا توجد تصريحات رسمية بإيران تدعم هذا الاتجاه. الفتوى الدينية التي تحرّم السلاح النووي ما زالت قائمة، وهذه مسألة لا تقبل النقاش".
رغم تطمينات طهران، أشار المحلل السياسي في سكاي نيوز عربية، موفق حرب، إلى أن الغرب "لا يثق بالسلوك الإيراني"، مشيرًا إلى مواقع نووية سرية كـ"فوردو" و"أراك" تم اكتشافها سابقًا، ونسب تخصيب مرتفعة "لا يمكن تبريرها بالاستخدام المدني".
وقال حرب: "المعرفة النووية، التخصيب العالي، وأنظمة إطلاق الصواريخ.. كلها مؤشرات على أن إيران تسعى لامتلاك القدرة النووية العسكرية، سواء اعترفت بذلك أم لا".
في تطور لافت، كشفت صحيفة الغارديان أن واشنطن اقترحت خطة لنقل مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب إلى دولة ثالثة مثل روسيا، وهو ما رفضته طهران بشدة، مُصرة على إبقائه داخل البلاد تحت رقابة الوكالة الدولية.
واعتبر موفق حرب أن هذا الاقتراح "ليس جديدًا"، وقد طُرح خلال اتفاق 2015، لكنه اليوم يواجه عقبات سياسية ودبلوماسية، خاصة مع غياب الثقة المتبادلة.
وفيما تشتد الضغوط، أظهرت إيران ما اعتُبر "مغازلة اقتصادية" لإدارة ترامب، حيث أعلن مسؤولون إيرانيون استعداد بلادهم لتخصيص ما يصل إلى تريليوني دولار للاستثمارات الأجنبية، مؤكدين عدم ممانعة المرشد الإيراني في التعامل اقتصادياً مع واشنطن.
لكن د. دلول نفى أن تكون هذه العروض بمثابة تنازل، قائلاً: "لسنا بصدد صفقة. إيران لن تدخل أي اتفاق ما لم يتضمن ضمانات حقيقية تردع أي انسحاب أميركي مستقبلي كما حدث بعد اتفاق 2015".
وفي موقف متشدد، حذر المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني من أن القدرات الدفاعية والصاروخية غير قابلة للتفاوض، مشددًا على أن أي ضغط أو تهديد بهذا الخصوص "لن يُجدي نفعًا".
ورغم ما وُصف ببداية "إيجابية وبنّاءة"، خفف المرشد علي خامنئي من التوقعات، قائلًا إنه "متشائم للغاية بشأن المحادثات النووية مع واشنطن"، في مؤشر على حجم الفجوة بين الطرفين.
ويخلص موفق حرب إلى أن "المفاوضات لم تعد فقط حول اليورانيوم أو الصواريخ، بل حول مستقبل النظام الإيراني نفسه. فأي فشل دبلوماسي اليوم قد يقود إلى مواجهة غير محسوبة".