
.jpg)


الخرطوم / 14 أكتوبر / متابعات :
وسط إدانات دولية وأممية لهجمات قوات "الدعم السريع" الأخيرة على معسكرات النازحين بمدينة الفاشر على مدار اليومين الماضيين، يتواصل التوتر ويحتدم التصعيد حول المدينة وسط ترقب لتطورات عسكرية كبيرة تعبر عنها تأكيدات الطرفين المتحاربين بقرب حسم معركة الفاشر لمصلحته.
وقتل 56 مدنيا على الأقل في يومين بمدينة أم كدادة بإقليم دارفور غرب السودان في هجمات نسبت الى قوات "الدعم السريع" التي سيطرت أخيراً على المدينة، حسبما أفاد ناشطون.
وقالت "تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر" في بيان اليوم الأحد إنه بعد سيطرة قوات "الدعم السريع" على مدينة أم كدادة "أقدمت على تصفية.. 56 من سكان المدينة على أساس عرقي... وارتكبت انتهاكات واسعة وهجرت المواطنين بالقوة من المدينة وأوقفت جميع شبكات الاتصالات".
وفيما أكدت الحكومة السودانية أنها لن تسمح بسقوط الفاشر وأن لديها خطة لتحرير المدينة وكامل الإقليم من قبضة "الدعم السريع"، أعلنت "الدعم السريع" أن قواتها اقتربت من السيطرة على المدينة بعد المعارك الطاحنة خلال اليومين الماضيين وتقوم الآن بتمشيط ما تسميه "قاعدة زمزم العسكرية" وتتقدم كل لحظة نحو عمق الفاشر.
وأعلنت قوات "الدعم السريع" عبر قناتها الرسمية على "تيليغرام" تمكن قواتها من الاستيلاء على منطقة الهلبة القريبة من مدينة الدويم بولاية النيل الأبيض وتتقدم في إقليم النيل الأزرق.
من الجانب الآخر كشفت مصادر ميدانية، عن شن قوات الجيش هجوماً برياً كبيراً ومباغتاً على قوات "الدعم السريع" في مناطق الجموعية بغرب أم درمان وأجبرتها على التراجع والانسحاب والتراجع نحو غرب البلاد.
وأعلنت قيادة الفرقة السادسة مشاة بالفاشر، صدها هجوماً عنيفاً آخر شنته الميليشيات على المدينة، أمس السبت، وإجبارها على الانسحاب من معسكر زمزم للنازحين وتكبيدها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
وقال منشور للفرقة السادسة على صفحتها بمنصة "فيسبوك"، إن عناصرها مع القوات المشتركة وعناصر المقاومة الشعبية والمستنفرين، خاضوا معارك عنيفة، أمس، وتمكنوا من صد هجمات جديدة شرسة للمتمردين على المعسكر.
لفت المنشور إلى أن الميليشيات عمدت في هجومها الثاني على حرق المنازل وقتل المدنيين وسرقة ممتلكاتهم، وتصدت المقاومة الشعبية مدعومة بسلاح المدفعية للهجوم بقوة وأجبرتهم على الفرار نحو منطقة كولقي جنوب المدينة، مشيرة إلى أن هذه الهجمات المتتالية كانت مخططاً يمهد للسيطرة على المدينة، إلا أن المقاومة أحبطته، مؤكدة أن الفاشر لا تزال عصية على السقوط، إذ سجلت انتصارها رقم 201 على الميليشيات المتمردة.
على الصعيد ذاته أكد المتحدث الرسمي باسم القوات المشتركة لحركات دارفور المسلحة العقيد أحمد حسين مصطفى، أن الحرب ضد ميليشيات "الدعم السريع" هي "حرب وجود لا تقبل الحياد، ومعركة مصيرية لا مجال فيها إلا للبقاء أو الفناء".
بدورها أوضحت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور، في بيان، أن الهجمات المتتالية على المدينة استمرت ثلاثة أيام، وحولت مخيم أبوشوك للنازحين، مساء أمس، إلى ساحة مأساة جديدة إثر استهدافه أثناء صلاة المغرب، مما أدى إلى مقتل عدد من أهالي المخيم، كما تسببت الهجمات في تدمير المنازل والأسواق وتوقف كل مرافق الخدمات.
ووصف بيان المنسقية، الوضع الإنساني في الفاشر بأنه ينحدر بسرعة نحو كارثة غير مسبوقة، بوقوع مجاعة حقيقية وانعدام تام للغذاء والدواء.
.jpg)
في المقابل أوضحت قوات "الدعم السريع" أنها تقوم الآن بتمشيط ما وصفته بأنه (بات قاعدة عسكرية في زمزم وليس معسكراً للنازحين) وتتقدم كل لحظة نحو عمق الفاشر.
وشكك المتحدث الرسمي باسم قوات "الدعم السريع" في حقيقة أعداد ضحايا المدنيين في معارك معسكر زمزم، متهماً الجيش والقوات المشتركة بفبركة فيديوهات ومشاهد تمثيلية مفضوحة بغرض تشويه سمعة قوات "الدعم السريع"، مطالباً الجهات المعنية محلياً ودولياً، بتحري الحقيقة وتجنب تبني روايات منحازة تنطلق من أجندات مغرضة.
وقال بيان صحافي لتحالف "تأسيس"، إن قواته التي تضم "الدعم السريع" و"حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي"، و"تجمع قوى تحرير السودان"، تواصل جهودها الإنسانية لليوم السابع على التوالي في تنفيذ عمليات إجلاء المدنيين القادمين من مدينة الفاشر والمعسكرات المجاورة بولاية شمال دارفور في ظل الأوضاع الأمنية والإنسانية الحرجة.
وأوضح البيان، أن تلك القوات تمكنت حتى الآن من إجلاء أكثر من 8500 أسرة إلى مناطق طويلة وكورما، وعدد من القرى المجاورة، ولا تزال عملية الإجلاء متواصلة بوتيرة متصاعدة، مع توفير حاجات النازحين، من مياه الشرب والطعام.
من جهة أخرى قتل نحو خمسة من عناصر "الدعم السريع" بينهم ضابط برتبة لواء وجرح ثلاثة آخرين، في اشتباكات دامية استمرت حتى مساء أمس السبت، بين مجموعتين قبليتين مختلفتين من نفس القوات بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.
واندلعت الاشتباكات وفق مصادر محلية على خلفية اقتياد لجنة مكافحة الظواهر السالبة المكونة بواسطة قيادة "الدعم السريع"، أحد عناصرها لكنه رفض تسليم سلاحه لقسم الشرطة وأبدى مقاومة، إلا أنه توفي لاحقاً نتيجة إطلاق الرصاص عليه، مما أدى إلى تحشيد ومواجهات بين عناصر "الدعم السريع" رافقتها أعمال نهب واسعة بالمدينة.
ضمن ردود الفعل المحلية والدولية على هجمات "الدعم السريع" الأخيرة على معسكرات النازحين بالفاشر التي راح ضحيتها نحو 100 شخص من المدنيين، دانت الحكومة السودانية الاعتداءات الوحشية التي ارتكبتها الميليشيات المتمردة ضد المدنيين الأبرياء في معسكر زمزم والفاشر، داعية المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في مواجهة هذه الفظائع.
وأوضح وزير الثقافة والإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة خالد الأعيسر، أن "هذه الهجمات الوحشية تعد انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي وجميع الاتفاقات والمعاهدات التي تحمي المدنيين في الصراعات المسلحة".
كما دانت الأمم المتحدة الهجمات على مخيمي زمزم وأبوشوك للنازحين، التي نفذتها، بحسب التقارير، قوات تابعة لـ"الدعم السريع" التي راح ضحيتها أكثر من 100 مدني بمن فيهم أطفال وعمال إنسانيون.
وأعربت المنسقة المقيمة ومنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كليمنتين نكويتا سلامي، أمس، عن شعورها بالفزع والقلق البالغ إزاء التقارير الواردة من مخيمي زمزم وأبوشوك للنازحين، وكذلك مدينة الفاشر في شمال دارفور.
وأشارت المنسقة الأممية، إلى أنه وفقاً للتقارير شنت قوات تابعة لـ"الدعم السريع" هجمات برية وجوية منسقة على المخيمين ومدينة الفاشر من جهات عدة، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة وعواقب وخيمة على المدنيين.
وأضاف بيان المنسقة، أن أكثر من 100 شخص، بينهم أكثر من 20 طفلاً، يخشى أن يكونوا قد لقوا حتفهم، كما تأكدت وفاة ما لا يقل عن تسعة من العاملين في المجال الإنساني أثناء قيامهم بمهمة دعم الفئات الأكثر ضعفاً.
حض البيان بشدة الذين يرتكبون مثل هذه الأعمال على الكف عنها فوراً، وفقاً لمقتضى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2736، الذي يطالب بإنهاء الهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الإنساني في السودان.

وأعربت سلامي عن أسفها لمقتل زملاء من منظمة دولية غير حكومية خلال أداء واجبهم بأحد المراكز الصحية القليلة المتبقية في المخيم، معتبرة ما تم بأنه يمثل تصعيداً مميتاً وغير مقبول آخر في سلسلة من الهجمات الوحشية على النازحين وعمال الإغاثة في السودان منذ اندلاع هذا الصراع قبل عامين تقريباً.
من جانبها نددت الولايات المتحدة، بهجمات قوات "الدعم السريع" على مناطق عدة في أنحاء السودان وأسفرت عن مصرع العشرات، بينهم تسعة من موظفي الإغاثة، مطالبة بفتح ممرات إنسانية آمنة للفارين من العنف وتمكين وصول المساعدات الإنسانية.
وأعربت الخارجية الأميركية في بيان على حسابها بمنصة "إكس" عن بالغ قلقها إزاء التقارير التي تفيد بشن قوات "الدعم السريع" هجمات على مخيمي زمزم وأبوشوك شمال دارفور.
في هذا الوقت أكد وزير الخارجية السوداني علي يوسف، تصميم الجيش والقيادة العليا للبلاد على الحفاظ على إقليم دارفور وخصوصاً مدينة الفاشر ومنع سقوطها في يد ميليشيات "الدعم السريع"، مؤكداً وجود خطة حكومية لتحرير الإقليم بالكامل من قبضة المتمردين.
أوضح يوسف خلال لقاء تلفزيوني أن القيادة السودانية قدمت مبادرة رسمية إلى الأمم المتحدة لمعالجة الوضع الراهن، معتبراً أن التناقض بين أهداف الجيش وميليشيات "الدعم السريع" وصل إلى مرحلة لا يمكن فيها إيجاد أرضية مشتركة.
ووصف الوزير، تصريحات قائد "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بأنها وهمية كذبتها الوقائع على أرض الواقع، مشيراً إلى أن التفاف الشعب السوداني حول الجيش هو السبب الرئيس وراء الانتصارات المتتالية واستعادته السيطرة على المواقع الاستراتيجية.
إلى ذلك وخلال لقائه بوزير خارجية السودان علي يوسف، على هامش أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التزام بلاده التام بدعم شرعية الحكومة السودانية بجميع المحافل الدولية.
وجدد لافروف، موقف بلاده الثابت والداعم للسودان، مؤكداً التزام روسيا بدعم شرعية الحكومة السودانية في المحافل الدولية، وبخاصة في مجلس الأمن.
وقدم الوزير السوداني خلال اللقاء شرحاً مفصلاً للافروف حول تطورات الأوضاع في السودان، مستعرضاً الانتصارات الميدانية التي حققتها القوات المسلحة السودانية في الآونة الأخيرة باستعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم، مشدداً على التزام الحكومة السودانية بإعادة الأمن والاستقرار إلى كافة أرجاء البلاد.
في الأثناء تعيش العاصمة الخرطوم حالاً من الإظلام التام وأزمة مياه خانقة لليوم الخامس على التوالي نتيجة انقطاع الكهرباء بقصف "الدعم السريع" لمحطة كهرباء سد مروي بالطائرات المسيرة نهاية الأسبوع الماضي.
وكشف مدير هيئة مياه ولاية الخرطوم محمد علي العجب، أن ميليشيات "الدعم السريع" المتمردة دمرت 13 محطة مياه بالولاية بما في ذلك مكونات الكهرباء ومعامل فحص المياه الملحقة بتلك المحطات.

وبحث والي الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة، أمس، مع ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالسودان مساهمات البرنامج في إعادة تأهيل الخدمات الأساسية بالعاصمة السودانية.
وأكد عضو مجلس السيادة الانتقالي ومساعد القائد العام للجيش الفريق ياسر العطا، خلال لقاء مع حكومة ولاية الخرطوم ضم مدير المخابرات ووزير المعادن، ضرورة دعم الحكومة الاتحادية لجهود ولاية الخرطوم في استعادة الحياة وإعمار ما دمرته الميليشيات كونه يفوق إمكانات ولاية الخرطوم.
ووصف العطا ما يحدث في معسكر زمزم ومدينة الفاشر بأنه جريمة مكتملة الأركان ضد المدنيين، مؤكداً التزام الدولة تقديم دعم عاجل لمواطني الفاشر.