مئات المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون الأقصى واعتقالات واسعة بالضفة الغربية
القاهرة / القدس / 14 أكتوبر / متابعات :
جددت جامعة الدول العربية، اليوم الثلاثاء، مطالبتها بوقف «الإبادة الجماعية»، في قطاع غزة، مشددة على ضرورة تمكين المنظمات الإغاثية الدولية من القيام بواجباتها، في وقت دعا فيه برنامج الأمم المتحددة الإنمائي إلى بدء التخطيط الفوري لإعادة إعمار القطاع.
وعقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين، اليوم الثلاثاء، اجتماعاً غير عادي لبحث مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة كما استضافت الجامعة فعاليات إطلاق «التقييم الثالث للآثار الاجتماعية والاقتصادية المتوقعة للحرب على دولة فلسطين»، الذي أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا).
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في كلمته خلال إطلاق التقرير الأممي، على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته، وبشكل فوري، لوقف حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل وجرائمها من قتل وتجويع وتهجير قسري وعرقلة للمساعدات..مشدداً على أهمية العمل أيضاً، بشكل مرحلي، من أجل قيام إسرائيل، بوصفها القوة القائمة بالاحتلال، بالوفاء بالتزاماتها، وتمكين وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية من أداء واجباتها.
وشدد أبو الغيط، في كلمته التي ألقاها نيابةً عنه الأمين العام المساعد، السفير حسام زكي، على أهمية إنهاء الأسباب الجذرية لمعاناة الشعب الفلسطيني على مدار 76 عاماً، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، وتفكيك نظام الفصل العنصري المفروض على الفلسطينيين جميعاً.
وقال أبو الغيط: بقدر ما قتلت حرب غزة آلاف الأبرياء، بقدر ما تعمدت تدمير المجتمع والاقتصاد بما كان له أثر بالغ على حياة السكان المدنيين، خصوصاً الفئات الهشة من الأطفال وكبار السن والنساء والفتيات، فضلاً عن الأضرار الجسيمة للنظم البيئية الطبيعية»، مرجحاً أن يستغرق إصلاح هذه الأضرار «أجيالًا كاملةً».
وعد أبو الغيط التقرير الأممي منطلقاً حقيقياً لعملية إعادة الإعمار والتنمية في قطاع غزة تمهيداً لإقامة الدولة الفلسطينية الصالحة للحياة..مشيراً إلى أنه تضمن «رصداً للآثار الكارثية لحرب الإبادة الجماعية على فلسطين، وقدَّم تحليلاً لثلاثة سيناريوهات توضح آفاق التعافي من خلال تقييم التأثير الفوري المتوقع لعام 2025، والتأثير الطويل الأجل المتوقع بحلول عام 2034، ما يوفر فهماً شاملاً للمسارات والتحديات المحتملة التي قد تواجه التعافي الاجتماعي والاقتصادي لفلسطين في السنوات المقبلة.
وأعرب أبو الغيط عن أمله في أن «يتحقق السيناريو الأفضل، وهو سيناريو التعافي المبكر غير المقيد»، لكنه أكد أيضاً ضرورة «التحسب للسيناريوهات الأخرى بما لها من تداعيات مدمرة على المجتمع والاقتصاد في فلسطين».
وتوقع التقرير الأممي أن «يرتفع معدل الفقر في دولة فلسطين إلى 74.3 في المائة في عام 2024، ليشمل 4.1 مليون من المواطنين، بما في ذلك 2.61 مليون مواطن ينضمون إلى مصاف الفقراء»، كما تَوَقَّعَ أن «ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 35.1 في المائة في عام 2024، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 49.9 في المائة». وقال التقرير إن آثار الحرب أدت إلى تراجع التنمية في غزة بنحو 69 عاماً.
بدوره، أكد السكرتير العام المساعد والمدير المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الدكتور عبد الله الدردري، في مؤتمر صحافي الثلاثاء، أن «التعافي في فلسطين يجب ألا ينتظر وقف إطلاق النار»، مشدداً على «ضرورة البدء في التخطيط لإعادة إعمار غزة الآن».
وأضاف أن التخطيط للتعافي يستلزم جهداً إقليمياً ودولياً حتى يمكن تحضير المجتمعات في المنطقة لتحمُّل الصدمات التنموية الناتجة عن آثار حرب غزة»، مشيراً إلى أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يحتاج إلى نحو 280 مليون دولار للقيام بنشاطاته اليومية، وليس التعافي، في غزة من توفير المياه الصالحة للشرب، وهو مبلغ غير متوفر». وتابع: «تكلفة إعادة إعمار غزة قد تتجاوز 50 مليار دولار.
بدوره، جدد الأمين العام المساعد السفير حسام زكي، التأكيد على أهمية تنفيذ حل الدولتين»، وقال، في مؤتمر صحافي، إن هذا الحل تؤيده الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ولا سبيل للخروج من الدائرة الجهنمية التي ترغب إسرائيل في إلزامنا بها سوى خلق قاعدة للترويج لهذا الحل بوصفه الحل الوحيد»، لكنه أشار إلى أن ذلك يتطلب إرادة ليست موجودة لدى جميع الدول الغربية التي بدأت بعضها تتحدث عن حلول أخرى. وأضاف: هذا أمر مرفوض وخارج السياق، والشيء الوحيد المقبول هو حل الدولتين.
في سياق متصل ناقش المندوبون الدائمون بجامعة الدول العربية، في اجتماع غير عادي، الثلاثاء، مستجدات «العدوان الإسرائيلي» على قطاع غزة. وقال علي صالح موسى، نائب مندوب اليمن لدى جامعة الدول العربية، في كلمته خلال الاجتماع، إن «القضية الفلسطينية تمر بمرحلة هي الأكثر وحشية في تاريخها وسط حالة من العجز والصمت الدوليين»، داعياً إلى «حشد الجهود لإرساء عملية السلام، وإقامة الدولة الفلسطينية».
وقد عُقد الاجتماع بناءً على طلب فلسطين، واستعرض السفير مهند العكلوك، المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية، تطورات الوضع في غزة منتقداً العجز الدولي عن إيقاف الجرائم الإسرائيلية الوحشية، وقال: المناشدات والدعوات لم تعد تُجدي نفعاً.
وفي القدس أفادت دائرة الأوقاف الإسلامية باقتحام 774 مستوطنا باحات المسجد الأقصى المبارك اليوم الثلاثاء، تزامنا مع سادس أيام ما يسمى "عيد العُرش"، وسط حماية من جيش الاحتلال الإسرائيلي. في غضون ذلك، اعتقلت قوات الاحتلال 28 فلسطينيا خلال اقتحامها مناطق متفرقة من الضفة الغربية فجر اليوم، بينهم طفل وأسرى سابقون وفق بيانات فلسطينية رسمية.
وقالت مصادر فلسطينية إن مجموعات متتالية من المستوطنين اقتحمت الأقصى بأعداد كبيرة، وأدوا طقوسا تلمودية في باحاته، كما أدى مئات المستوطنين صلوات تلمودية أمام باب القطانين، أحد أبواب المسجد الأقصى، حاملين ما تسمى القرابين النباتية.
وعززت قوات الاحتلال من وجودها في البلدة القديمة، والمسجد الأقصى ومحيطه، لتأمين اقتحامات المستوطنين.
وقد نشر الاحتلال عشرات من عناصر شرطته على أبواب الأقصى، وطرقاته، وعلى أبواب البلدة القديمة، وعرقل وصول المصلين. كذلك أغلق الطرقات في منطقة باب الأسباط، وسمح للمركبات والحافلات التي تقلّ المستوطنين بالمرور باتجاه باب المغاربة وصولا إلى ساحة البراق.
وتشهد باحات الأقصى تصاعدا مستمرا في أعداد المستوطنين المقتحمين، فقد كانت أعدادهم قبل سنوات لا تتجاوز 5 آلاف سنويا، في حين وصلت هذا العام إلى أكثر من 60 ألف مستوطن مقتحم.
وعادة ما تزداد وتيرة الاقتحامات للمسجد خلال فترات الأعياد اليهودية، وتنفذ على فترتين؛ صباحية وبعد صلاة الظهر بتسهيلات ومرافقة من شرطة الاحتلال.
ومنذ 2003 تسمح شرطة الاحتلال أحاديا للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى لعدة ساعات يوميا ما عدا يومي الجمعة والسبت، رغم المعارضة المتكررة من دائرة الأوقاف الإسلامية التي تدعو لوقف هذه الاقتحامات.
وفي السياق، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية تعمّد الحكومة الإسرائيلية تغيير الواقع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى جزءا من تهويد القدس ضمن حرب إبادة وتهجير للفلسطينيين.
وأوضحت الوزارة -في بيان- أنها تنظر بخطورة بالغة إلى التصعيد اليومي الحادث في اقتحامات غلاة المستوطنين المتطرفين للمسجد الأقصى وتصعيد قيامهم بأداء مزيد من الطقوس والصلوات التلمودية في باحاته.
وقالت إن ذلك يعدّ محاولة لتحويل هذا المشهد إلى واقع ملموس ومألوف بسبب تكراره كل يوم، بهدف التسريع في حلقات تقسيمه المكاني ريثما يتم هدم المسجد وبناء الهيكل المزعوم مكانه.
وأشار البيان إلى إطلاق يد المستوطنين المتطرفين للقيام بمزيد من الخطوات الأحادية الجانب غير القانونية لضم الضفة الغربية المحتلة.
ولفتت الخارجية الفلسطينية إلى أنها تواصل بالشراكة مع الأشقاء في الأردن حراكها السياسي والدبلوماسي والقانوني الدولي لفضح انتهاكات الاحتلال للمسجد الأقصى، وحشد أوسع جبهة دولية ضاغطة لحماية القدس ومقدساتها.
وفي إطار اقتحامات قوات الاحتلال اليومية لمدن الضفة الغربية وبلداتها، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، في بيان مشترك، اعتقال قوات الاحتلال الليلة الماضية وفجر اليوم 28 فلسطينيا، بينهم طفل وأسرى سابقون، ليتجاوز بذلك إجمالي عدد المعتقلين في الضفة 11 ألفا و400 معتقل منذ 7 أكتوبر 2023.
وأوضح البيان المشترك أن من بين المعتقلين 15 فلسطينيا من مخيم العروب للاجئين بشمال الخليل جنوبي الضفة، بينما توزعت بقية الاعتقالات على محافظات رام الله، وسلفيت، وبيت لحم، ونابلس، وقلقيلية.
وبحسب البيان، فقد رافق حملة الاعتقالات عمليات تنكيل واسعة واعتداءات بالضرب المبرح، وتهديدات بحق المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب "عمليات التخريب والتدمير في منازل المواطنين".
ويواصل الاحتلال تنفيذ عمليات اقتحام وتنكيل واسعة، ترافقها تهديدات بحق المعتقلين وعائلاتهم، إضافة إلى عمليات تخريب وتدمير في منازل المواطنين الفلسطينيين.
وأشار البيان إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل التحقيق الميداني مع عشرات الفلسطينيين في بلدة دير أبو مشعل غربي مدينة رام الله وسط الضفة.
ولفت إلى أن عمليات التحقيق الميداني تصاعدت كثيرا في المدة الأخيرة في كل محافظات الضفة، وشملت مئات الشبان.
وبموازاة حرب الإبادة الجماعية -التي ترتكبها إسرائيل بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر 2023- وسع جيش الاحتلال عملياته بالضفة، كما صعّد المستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم، لتسفر إجمالا عن استشهاد 759 فلسطينيا، وإصابة نحو 6 آلاف و250 آخرين، واعتقال 11 ألفا و300 فلسطيني، وفق معطيات رسمية فلسطينية.
وقد أسفرت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة على غزة عن أكثر من 142 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة خلفت عشرات الشهداء من الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.