في وقت المحن والأزمات تظهر معادن الرجال خاصة أصحاب القرار ومن لهم سلطة ونفوذ ويستطيعون أن يغيروا شيئاً في بلدانهم إلى الأحسن وتكون لهم إرادة سياسية قوية ومبادرة ومواكبة للأحداث ومستشعر الخطر الذي يحيق بالبلد فيسارع باستغلال صلاحياته المخولة له بعمل مايراه مناسباً لتدارك ذلك الخطر وهنا تظهر وطنيته وحبه لبلده ووطنه.
اما من يملك صلاحيات واسعة والوطن في حاجة لتفعيل هذه الصلاحيات لأنه يمر بأزمة وصاحبنا يتفرج ولا يقوم باتخاذ أي إجراءات مناسبة تعمل على تهدئة الأمور أو إستتباب الأمن والاستقرار وتخفيف معاناة الناس فهل نعتبر تصرف هذا المسؤول تصرفاً وطنياً ام هروباً من المسؤولية وعدم إكثرات وشعاره نفسي نفسي أم أنه انتهازي ووصولي وأناني لا يهمه الا مصالحه الفردية الشخصية الضيقة وأياً كان هذا وذاك فإنه ولا شك يمثل عبئاً على هذا الوطن الذي يعيش فوق ترابه وتحت سمائه ويأكل من خيراته فهل جزاء الإحسان الا الإحسان ولكن يبدو ان من لا يهمه امر الناس ولا المصلحة العامة والعليا للوطن يفتقد منذ الطفولة للتربية الوطنية ولا تشغله القضايا الكبرى للمجتمع ولا يفكر الا في منزله ودائرته الضيقة ومنطقته المحصورة وحزبة وجماعته وقبيلته وعشيرته وهذا يعود الى أصحاب العقليات الجزئية الصغيرة اما من يتميزون بالرؤية الكلية الشمولية فلا يرون أمامهم الا الوطن الكبير ويعملون من اجل الآخرين اما الشخص الأناني فلا يرى الا صورته في المرآة وعندما تشتد الأزمة داخل الوطن يأخذ هذا الأناني ماخف وزنه وأرتفع ثمنه وحزم امره وفر الى خارج الوطن وكأن الوطن الكبير لا يعنيه ينتقل من بلد الى آخر ومن فندق الى آخر وقبل هذا كان داخل الوطن نسمع له خطباً رنانه تدور حول الوطنية وحب الوطن والإخلاص لهذا البلد وتدور حول الأمانة والصدق والوفاء والبذل والعطاء والنضال والتضحية من اجل الوطن والحفاظ على المال العام والممتلكات العامة والخاصة وتدور حول النزاهة والتجرد وكم سمعنا كثيراً من هذه الخطب ولكن لا نلمس بعد ذلك على أرض الواقع شيئاً يذكر من ذلك الكلام المعسول الذي يشبه ذر الرماد على العيون ويشبه قول من قال الله عز وجل فيهم: «لمَ تقولون مالا تفعلون».
فعلى كل فرد من أبناء هذا الوطن المعطاء والغالي على النفس ان يكون عند مستوى المسؤولية الوطنية وان يبذل قصارى جهده في المساهمة في إنقاذ الوطن بما يستطيع كل بحسب جهده واستطاعته وإمكاناته وصلاحياته وحسب موقعه سواءً كان أستاذاً جامعياً او شيخ علم اومسؤولاً في الدولة والحكومة او عضواً في حزب او جماعة او فئة او في اتحاد اونقابه او مركز او منتدى او تاجراً او مستثمراً او شباباً اوشيوخاً اونساء او أي عنصر في الجيش او الامن والشرطة او محرراً وكاتباً او اعلامياً في صحافة او إذاعة او تليفزيون او عبر موقع اليكتروني اوتواصل اجتماعي وهذه هي الوطنية الحقة تجاه هذا الوطن الذي اذا لم نقم بهذه المهمات تجاهه والاصطفاف من أجله سيضيع من بين ايدينا وربما يظل غارقاً في قلاقل وفوضى وصراع وقتل ودمار .
لنكن مع الوطن
أخبار متعلقة