قبل اعتصام جماعة الإخوان في رابعة العدوية بالقاهرة، كان الدكتور صفوت حمودة حجازي يكافح في سبيل الجماعة ورئيسها عبر مختلف المنابر، ويقول: “اللي يرش مرسي بالمية نرشه بالدم”، وبعد أن انتقل إلى رابعة كان البطل الحقيقي في منصتها طوال ليالي رمضان، وبعد رمضان.. كان أكثر تشددا وحماسا من أمين حزب الإخوان محمد البلتاجي، لجهة الهتاف لمرسي، والتحريض على القتل والتخريب. وبعد فعلة الإخوان المنكرة غير حجازي هيئته وحلق لحيته وتنكر بزي بدوي، واتجه نحو ليبيا، لكنه اعتقل، وتحول أمام النيابة إلى شخص مختلف تماما، انتقد جماعة الإخوان، وقال: “ هذه جماعة بتاعت دم وعنف، ومش عارفين يشتغلوا يعملوا حاجة صح، وأنا لست ضد عزل مرسي أو محاكمته..” وزاد أنكر أنه من جماعة الإخوان!
حسنا.. فما الذي كان صفوت حجازي يفعله طوال شهر ونصف في رابعة، وقبل رابعة، ولماذا غير هيئته وتنكر بزي البدو وحاول الفرار إلى ليبيا إن لم يكن مذنبا؟.. لقد تنصل عن كل أفعاله ونسبها لغيره، وزيادة في التأكيد شتم الجماعة، ونفى صلته بها.. فأصبح موضوعا للتندر بعد أن حلق لحيته وغير معالم شخصيته، وكان كلامه السابق سببا في السخرية منه، وبعضهم تعجب من هذا الانقلاب.. بينما صفوت حجازي لم يأت بشيء جديد، غير ما تعلمه من الجماعة.. فللجماعة منهج خاص بالنكير والإنكار، وإذا لزم الأمر التضحية بأعضاء الجماعة الذين يورطونهم في أعمال عنف وإرهاب.. لقد أدرك حجازي أنه حرض على العنف والقتل، واشترك في احتجاز مواطنين وجنود واقتيادهم إلى خيمة في رابعة العدوية وتعذيبهم.. لذلك لجأ إلى منهج الجماعة.. النكران والنكير، والتنصل من المسئولية، ورمي التهم إلى جهة أخرى، ولا بأس أن تكون هذه الجهة الجماعة التي قال إنها “ بتاعت دم وعنف”.. وهو صادق في هذه فقط.. ومرشد الجماعة محمد بديع، هو الآخر شاهدناه يحرض على القتل والتخريب، وهو مصدر الأوامر بتسليح عناصر الجماعة.. وهذا لما يكون المرشد مع الجماعة، أما وهو بين يدي سلطات التحقيق، ويعرف أن الفأس وقع في الرأس، فالأمر مختلف.. فقد قال: الدماء حرام.. أنا أدين حمل السلاح.. الذين استخدموا السلاح مندسون.. الذين كانوا في رابعة العدوية ليسوا إخوانا، بل هم جميع الطوائف المصرية، وفيهم بعض الإخوان!
منهج الجماعة قائم على النكران والنكير والتضحية بالآخرين بعد أن يورطوهم في الجرائم والشرور، وهذا المنهج متأصل لدى الجماعة، ويتوارثه قادتها جيلا بعد جيل. في عام 1948 أسندت الجماعة لعدد من أعضائها، وفي مقدمتهم عبد المجيد أحمد حسن، مهمة قتل رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي، وبعد اغتياله خرج المرشد العام للجماعة حسن البنا يعلن إن القتلة لا ينتمون لجماعة الإخوان، ولا يمكن أن يكونوا مسلمين حتى.. وقال عنهم: “ليسوا إخوانا، وليسوا مسلمين”!.. وكلف عبد الرحمن السندي المسئول عن “النظام الخاص” للجماعة أعضاء منها بينهم حسن عبد الحافظ، ومحمد زينهم، باغتيال القاضي أحمد الخازندار رئيس محكمة استئناف القاهرة عام 1948، بجريرة أن القاضي حكم بحبس شباب عشر سنوات لرميهم قنابل على جنود انجليز، وحكم بالحبس سبع سنوات لرجل اغتصب أطفالا، ولأن حكم القاضي لم يعجب الجماعة قررت قتله، ثم خرجت تتحدث لوسائل الإعلام عن إدانة الجريمة، وتتبرأ من القتلة، وتنكر أن يكونوا من جماعة الإخوان.. هذا في العلن، أما في السر، فإن مرشد الجماعة حسن البنا استدعى عبدالرحمن السندي، وعاتبه، ولكن ليس على القتل، بل لأن السندي لم يستأذنه.. قال له: لماذا فعلت هذه الفعلة بغير إذن أمني، وبغير عرض على مجلس إدارة النظام الخاص؟ وهل أصرح لكم وأنا لا أدري؟!.. وقررت الجماعة اغتيال الزعيم جمال عبد الناصر، فسلحت محمود عبد اللطيف وأمرته، وسوغت له قتل عبد الناصر وهو في ميدان المانشية بالاسكندرية، وبعد فشل محاولة الاغتيال، أنكرت علاقتها بالجريمة وتنصلت عن الجاني، وقال المرشد حسن الهضيبي إن هذه جريمة لا يقرها دين، ولا يرضى عنها المسلمون، ومحمود عبد اللطيف ارتكب خيانة وطنية عظمى يستحق عقابها!
منهج الجماعة.. النكران والنكير والتضحية بالأتباع
أخبار متعلقة