جميعنا يعلم أهمية الكهرباء في حياة الناس ومدى الفوائد والنعم التي نجنيها من وراء هذا التيار الكهربائي الذي يدخل في كثير من الوسائل والآلات والاغراض التي لا تعد ولا تحصى .. فإذا حدث خلل فني طارئ أو عمل إرهابي استهدف محطة كهربائية فإن الناس ستجدهم في حالة حيص بيص خاصة في المناطق الحارة مثل عدن وغيرها .. ناهيك عن المشاكل الفظيعة التي يخلفها انقطاع التيار الكهربائي في المستشفيات ووفاة بعض المرضى فيها خاصة المعرضين للإصابة بالفشل الكلوي بالإضافة إلى فساد بعض الأدوية في الصيدليات والمواد الغذائية في البقالات ومحلات السوبر ماركات واتلاف الكثير من الاجهزة الكهربائية المنزلية أو الحكومية وغيرها.
والمساحة هنا لا تسمح بحصر المشاكل التي يخلفها غياب الكهرباء قال لينين: (أن الوصول للشيوعية معناه كهربة البلاد كلها) أو بما عناه بأن الكهرباء لو توقفت لتوقفت الحياة بأكملها وكأنها عصب الحياة .. وقد أخذنا من لينين هذا المعنى نظراً لأهمية الكهرباء بالنسبة لعملية التنمية في أي بلد من البلدان وعندما زار مهاتير محمد زعيم ماليزيا وبانيها نصح اليمنيين بالقول: (إذا اردتم تنمية البلاد والاستثمار فعليكم بتوفير الكهرباء).
إن هذه النعمة لا يشعر بأهميتها إلا من فقدها (وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر) .. والسؤال الذي يطرح نفسه كأمر واقع مع انقطاع التيار الكهربائي هذه الأيام هل هناك فائدة نجنيها من وراء انقطاع التيار الكهربائي بدلاً من الجلوس في أماكننا نندب حظنا العاثر ونلعن الظلام؟
وليس هذا السؤال تبريراً لمؤسسة الكهرباء لكي تتمادى في قطع التيار حتى ينسى الناس مع الزمن هذه الانقطاعات وتتحول إلى عادة مألوفة لديهم ..!!
وليس هذا السؤال (لكعة) من كاتب هذه المقالة بل على منوال عنوان مقالة (ماهي فوائد الزوجة النكدية) وعلى افتراض بأن هذا السؤال مشروع فهل هناك ايجابيات من وراء انقطاع التيار الكهربائي؟!
قبل الإجابة على هذا السؤال هل يمكننا العودة إلى ما قبل اكتشاف الكهرباء وتخيل حياة الناس وهم يعيشون بدون كهرباء وهل كان غياب الكهرباء عنهم مؤثراً في حياتهم كما يؤثر غيابها في حياتنا في هذا الزمن المعاصر؟!
لا بد وان الناس في أي زمان كانوا يتكيفون مع الوسائل والآلات والمخترعات المتاحة في زمانهم وعصرهم الذي يعيشون فيه فلو ظهرت الكهرباء في حياتهم فجأة ولم يعلموا أو يعرفوا فوائدها الجمة التي نعرفها اليوم لكانت بالنسبة إليهم بمثابة الكماليات لا الضروريات لكنها اليوم بالنسبة إلينا وكأنها الماء والهواء اللذان لا يمكن الاستغناء عنهما.
وبالعودة إلى سؤال عنوان مقالتنا وإلى البحث عن إجابة له نقول: نعم هناك فوائد وايجابيات من وراء انقطاع التيار الكهربائي خاصة لمؤسسة الكهرباء التي لم تستطع أن تضبط الناس غير الملتزمين بتسديد الفواتير ويستهلكون التيار ليلاً ونهاراً وكأن المؤسسة تريد أن تقول لأولئك المتهربين من تسديد الفواتير: استهلكوا واستنزفوا ما شئتم من الكهرباء فإن مفاتيح التيار لدينا في المؤسسة نستطيع أن ننزل بكم عقاباً جماعياً من لدينا ..!! ونستطيع تخفيف الضغط على الكهرباء من لدينا .. ومن فوائد انقطاع التيار عليكم تخفيض المبالغ المالية في فواتير استهلاككم للكهرباء فاحمدوا الله على نعمة هذه الانقطاعات الكهربائية وهناك فوائد أخرى من انقطاع الكهرباء قد يستفيد منها بعض الناس كأن يتعلموا أو يتعودوا الصبر على الشدائد والمحن حين يدخلون في تجربة الحرمان من الضوء والحرارة والطاقة وقد يؤثر انقطاع التيار على بعض الناس بصورة عكسية على نفوسهم خاصة بين أوساط النساء والعجائز الماكثات في بيوتهن الأسمنتية الحارة فيقتلهن الضجر والملل ويتملكهن اليأس والقنوط والإحباط.
وهناك فوائد من انقطاع الكهربائي عند شريحة التجار الذين يبيعون (ماطورات الكهرباء) وبائعي الشمع والفوانيس والبطاريات اليدوية (الترشلايت) وبائعي البترول والديزل.
ومن فوائد انقطاع الكهرباء خروج الناس إلى الشوارع والميادين العامة والمتنفسات والبحار هروباً من حرارة المنازل الخرسانية والبردين الحار حتى الذين كانوا يصلون صلاة الفجر والمغرب والعشاء في منازلهم أصبحوا بعد انقطاع الكهرباء يصلون في المساجد المضيئة بماطورات الكهرباء .. عجبي ...!
.. ولانقطاع الكهرباء شجون !
أخبار متعلقة