الكاتب الكبيــــــــــــــــــــــرمحمد حسنين هيكل:
أجرت الحوار : لميس الحديديالقاهرة/ متابعات :أكد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أن مرحلة الانتهاء من صياغة الدستور تعد الأهم في الفترة الانتقالية في مصر، وأن الجدول الزمنى ضيق ولا يمكن معه الالتفات إلى بعض المعارك الجانبية وتصويرها على أنها حياة أو موت، مشيراً إلى أن تجربة كتابة الدستور في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي جعلت المصريين يؤمنون بأن الدساتير لا تضع الحلول الدائمة. واستعرض «هيكل»، في آخر حلقة من سلسلة حلقات برنامج «مصر أين.. ومصر إلى أين؟» مع الإعلامية لميس الحديدي، على فضائية «سي.بي.سي»، و أذيعت الخميس الماضي، أزمات مصر بعد ثورة 30 يونيو، والتحديات التي تواجهه في المستقبل، وكيفية التغلب عليها.. ولأهمية ماجاء في الحوار تعيد(14أكتوبر) نص الحوار:> كنت متفائلاً كثيراً بثورة 30 يونيو وقلت عنها إنها بداية معركة تحرير الإرادة.. هل تراجع هذا الحماس بعض الشيء؟> > التفاؤل لم يفارقني، لأن حركة التاريخ دائماً إلى الأمام، لكن علينا أن نعرف أن ثمة فارقاً كبيراً بين القلق والتشاؤم، وأنا متحمس ومازلت، لكن ما دعاني للقلق أن خارطة الطريق ظهرت وأن كل الناس في حالة من الانكشاف، والبلد مخترق بجميع الوسائل. على سبيل المثال، كم عدد أجهزة البث المباشر المسلطة على الأقمار الصناعية؟ وذلك لا يحدث في أي مكان بالعالم، بأن يكون بلد مستباحاً بهذا الشكل، ووسط هذا الزخم والركام نجد أناساً يتحدثون عن الإخوان، والبلد أمامه مهام بناء مستقبل، وهو لم يشرع في هذه المهمة بعد، ونحتاج في هذه اللحظات عندما نفكر في المستقبل أن نسد ثغرات موجودة، فهناك تدخل أجنبي في البلد بشكل كبير، وهناك جبهة في سيناء مفتوحة ومحفوفة بالخطر، وهناك حرب نفسية موجهة من الخارج على هذا البلد، كل هذه الأمور تؤكد أننا نحتاج إلى قيادة رشيدة في تلك اللحظة.> من هي القيادة التي يجب أن تواجه الشارع بالحقيقة؟> > نحتاج في تلك اللحظة إلى 3 أمور رئيسية، أولها أن يكون هناك من يعمل على إزالة الالتباسات، فثورة يوليو هي الأخرى لم يكن لديها برنامج، وكان هدفها وحلمها الأول إزاحة الملكية باعتبارها أصل الفساد، لكن بعد فترة من الحيرة وجدنا من يتحدث عن الإصلاح الزراعي وإلغاء الملكية وإلغاء الألقاب، وإخراج الإنجليز وتأميم القناة، وبالتالي، بشكل ما، استطعنا تحويل بعض الأهداف إلى واقع، لكن في هذه الثورة وحتى هذه اللحظة، لم أجد هذه الترجمة، وكثير من الثورات تقوم بلا أهداف، لكن ثمة حقائق تملي أوضاعها، وأرى أن ثمة إمكانيات في هذا البلد ليس لها حدود، لكن المشكلة حتى هذه اللحظة أني لا أرى أحداً يلوح في الأفق يمسك بهذه الخيوط، ثم يحاول ترجمة الأماني إلى واقع حقيقي وبرنامج عمل، وهذا دور أي قيادة.> ما هي توقعاتك بعد 30 يونيو؟ وماذا كنت تتمنى؟> > التيار الإسلامي لم يقم بثورة 25 يناير ثم استولى عليها، والمشكلة أنه استولى عليها باسم الإسلام، وأعلم أنهم فصيل مهم في المجتمع ولا يمكن إقصاؤه، لكن من الصعب أن يهبط على ثورة ليست من صنعه ثم يحكمها بآراء مبهمة وقاتمة بشكل قد يؤدي إلى كوارث، لأننا لم ننتبه إلى التصاق الإسلام السياسي بالدين، وأعتقد أن من أهم المهام التي أتت بها ثورة 30 يونيو أن يتم تخليص الإسلام الإلهي من الإسلام السياسي، ولا أعتقد أن أمراً كهذا تحله المحاكم، ولكن الأهم أن الناس بدأت تدرك أن الطريق إلى المستقبل يمر بأشياء أخرى، وأن الدين قيمة أساسية في معتقداتنا لكن لا يجب خلطه بالسياسة، وأن أي محاولة لخلطه بالسياسة تعرضنا لمشكلات ليس لها حدود.> فشلت عملية ملء هذا الفراغ في سيناء لكن لماذا فشلت كل محاولات وأوهام التنمية؟> > لدينا بعض الاهتمام السطحي ببعض الشواطئ في الجنوب، لكن بسبب الدائرة المفرغة التي تتحدث عن أنه لا أمن دون تنمية ولا تنمية دون أمن، فكيف سيذهب أحدهم ليستثمر خارج هذه الدوائر الرسمية السياحية في طابا وشرم الشيخ ودهب، بعد أن تم ترك قلب سيناء، خاصة شمالها كفراغ؟! فأصبحت ملجأ لعناصر بعينها يقدرون بنحو 6 - 12 ألفا، من عناصر احتلت هذه البقعة، قادمين من أفغانستان ومن عفي عنهم.> من سمح لهؤلاء بأن يستقروا في سيناء؟> > كل رواسب القضية الفلسطينية هناك، وكل البقايا المطرودة من الضفة الغربية، ومن لم يستطع الإقامة في غزة، وكل من جاء من دول مثل باكستان وأفغانستان، هؤلاء جميعاً لم يجدوا مأوى سوى هذه المنطقة في الفراغ، فضلاً عمن تم العفو عنهم.> لكن كل هذا تضاعف بعد 25 يناير وحكم مرسي على وجه الخصوص.> > كان هناك ثلاثي يتمثل فى: الرئيس والقوات المسلحة ومكتب الإرشاد، ومرسي كان يحاول اللعب بين القوات المسلحة ومكتب الإرشاد، وفي المقابل كان الرئيس المعزول ومكتب الإرشاد يعتمدان على عنصر تأمين يضمنان به أن ينشغل الجيش في سيناء، وهذه هي المهمة الصعبة، وهي خلق جبهة قوية وصعبة مخصصة لاستنزاف قدرة الجيش، وذلك كان مقصوداً.> مقصود مِمَن؟> > مقصود من الإخوان ومن غيرهم، ليس فقط لأن تكون سيناء رهينة، بل لتكون بمثابة مسدس موجه للوادي، والقوات المسلحة هي حارس الوادي، والجيش له وضع خاص جغرافياً وتاريخياً، فالبلد كله عبارة عن شريط رفيع حوله الصحارى من كل جانب، والمياه القادمة من منبع بعيد ذاهبة إلى بحر الظلمات، وبالتالي هؤلاء الناس الذين يعيشون في الواحة على ضفاف النيل، من المهم أن تتوفر لهم الحماية، وهنا قيمة الجيش في الحياة المصرية، وأرى أن الجيش في مصر مهم جداً، لأننا في واحة وسط صحارى معرضة للغارات، ونحن في موقع هجرات مستمرة، وهو ما يلزم وجود الجيش حتى يطمئن المصريون ويتمكنوا من النوم مستريحين.> هل نتجه إلى الفوضى؟> > نتجه إلى ما هو أسوأ من الفوضى، فالحرية في تعريفها هي التصرف في إطار واقع يدرك الشخص أبعاده، لكن مع عدم وجود ذلك، تقودنا إلى الفوضى، فمثلما يموت بعضهم من الحب، يموت البعض الآخر من الحرية.> كيف نخرج من الضغوط الدولية؟> > على كل الناس أن تدرك أن هناك مراحل عاجلة وضرورية ومراحل أخرى غير ضرورية، من الممكن أن تؤجل، فالعاجل هو الشأن الاقتصادي، وترميم أوضاعنا الاقتصادية ومعالجة أوضاعنا الاجتماعية بقدر ما هو ممكن، وترميم علاقاتنا العربية والدولية، ولا يجوز أن نطالب بالكمال في تلك اللحظة، ولكن نطلب ما نستطيع من خلاله سد الثغرات، خاصة ثغرات التدخل الخارجي.> ما أكثر ما شغلك في خطاب أوباما؟> > أكثر ما يعنيني هنا ما يجرى بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، وأنا أعرف أننا للأسف أثبتنا كعرب أننا أناس لا يمكن الاعتماد علينا، وما زلنا نفكر بالعقلية القبلية، وما زلنا نترك الفرصة للنعرات للتحكم بنا، فإيران قوة رئيسية، وأمامي الآن في هذه المنطقة ثلاث قوى رئيسية، هي إسرائيل ثم تركيا ثم إيران، وقد أختلف مع تركيا لكن لا أتخيل أن أحدهم يقول في إذاعة مصرية على «أردوغان» «المدعو أردوغان»، فالمشكلة أننا لا نعرف حدودنا في غرامنا أو كراهيتنا، ولا نعلم حدودنا وأين يجب أن نقف، فمثلاً سمعت في إحدى الفقرات الإذاعية بالمصادفة، أحد الضيوف يقول على رئيس الوزراء «إذا لم يستطع أن يجد حلاً في وزارة كذا وكذا عليه أن يذهب لبيته وينقي رز مع مراته».> ما الحقيقة الغائبة حول المعونة الأمريكية لمصر والعسكرية بالذات ولماذا التلويح المستمر بقطعها أو تعليقها.. وهل يجب أن يقلقنا ذلك؟> > أنا شخصياً يقلقني ذلك، وعندما أنظر إلى القائمين على قيادة الجيش أشعر بالقلق عليهم، في ظل وجود واجبات عسكرية في سيناء وواجبات أمنية موجودة في جميع أنحاء البلاد، ومصدر السلاح من الولايات المتحدة الأمريكية، وقد نصنع بعضاً منها وقد يكون من الصحي أن يتم تنويع المصادر، لكن السؤال: أين المتسع المسموح لتنويع هذه المصادر؟ وهناك ما يقلقني أيضاً، وهو الشك المستحكم من كل القوى في كل القوى.> ما الحقيقة الغائبة في وضع القوى السياسية، ونبدأ بالإخوان باعتبارهم الأكثر جدلاً في الشارع المصري بعد الحظر القضائي والحظر الشعبي.. فهل ما زال لهم مكان في المستقبل؟> > المشكلة ومنذ زمن طويل جداً أننا سمحنا لهم باحتكار التحدث باسم الإسلام، وأنا أعتقد أن ذلك أخطر ما حدث، وهم يتمسكون بذلك حتى يبدو أنهم شهداء من أجل الإسلام، وضحايا دفاعاً عن الدين، لكن هذا ليس صحيحاً، فهم وصلوا للسلطة بالقفز على ثورة 25 يناير، وحتى مع تواجدهم في جمعة الغضب، كان لديهم الرغبة في عقد مزيد من الصفقات، ولكن الأخطر احتكار الخطاب الديني في التأثير، وأرى أن دور الأزهر هنا يحتاج إلى إعادة تنشيط ومراجعة، وسلامة الدين في مصر تقتضي أن يكون له مرجعية واضحة، أما بقية القوى السياسية، ومع الأسف الشديد دون تسمية، تحتاج إلى إعادة دراسة العصر، فكل القوى والأحزاب السياسية في مصر ترجع إلى نصوص سابقة في عهود سابقة مع تغير الظروف العالمية، وأعتقد أن هذا جزء من المأزق، وبالتالي الإخوان يأخذون الدين والبقية تأخذ الماضي، فكل الفرقاء لا يمثلون رؤية للمستقبل.> بمناسبة العمل السري، هل صحيح ما تردد أن ثمة مؤامرة ضلع فيها مرسي مع إسرائيل والأمريكان بخصوص سيناء؟> > تقصدين توطين فلسطين، أريد أن أقول إنه من ضمن الأسباب التي جعلت سيناء فارغة إلى الآن هو ذلك الموضوع، لكن علينا أن نكون واضحين، فمنذ بداية المشروع الصهيوني، وعندما تم إرسال اثنين من الحاخامات لرؤية فلسطين، أرسلوا خطاباً قالوا فيه «العروسة جميلة ولكنها متزوجة»، فبدأوا يفكرون في أين يذهب هؤلاء؟ وكيف سيتم طردهم، وبالتالي طرحوا مسألة توطينهم في سيناء من قبل القرن العشرين، فقضية توطين اللاجئين في سيناء بدأ منذ عام 1948 من خلال لجنة يرأسها عضو في مجلس الشيوخ، جاءت لكي تبحث وتدرس توطين الفلسطينيين اللاجئين في سيناء، ومشكلة الإخوان أن فكرة الدولة غير موجودة، وتحل محلها الخلافة، وأنا لا أطعن في وطنية أحد، لكن أحدهم تحدث عن عدم وجود دواع لإنشاء الحدود أصلاً، وجزء من التصور حتى الآن لدى الأمريكان في خضم فراغ سيناء، أن ثمة فراغاً هنا وازدحاماً في فلسطين.> هل أنت مع احتضان النور أم الصدام معه في الدستور؟> > أنا مذهول من أن يتحدث أحد عن الصدام معه، فالتيار الإسلامي موجود، ولابد من إشراكهم، ولكن في الوقت نفسه نعطى له الفرصة لكي يرى مثيله في العالم الذي أدرك أن الدين هداية وليس سياسة، وأن السياسة تأخذ منه بمقدار ما تتأثر به من أفكار معنوية، فالتعبد شيء والسياسة شيء آخر، فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان رسولاً في الدين وكان حاكماً وتصرف بما اقتضته شؤون المدينة كحاكم عليها.> هل ترى أن تسير خارطة الطريق كما هي: الدستور أولاً ثم البرلمان ثم الرئاسة أم العكس؟> > نحن التزمنا أمام العالم بهذه الخارطة، والشكوك في الداخل مستحكمة، إذاً ليس هناك داع للتغيير، وإذا كان هناك من يتصور أن الحياة لا تسير إلا بالدستور، فعليهم أن يعلموا أن النصوص إذا لم تكن تعبر عن حياة فهي ميتة، فقيمة النصوص في تعبيرها عن ضرورات مجتمع معين، والجدول الزمني ضيق، ولا يمكن أن نخلق بعض المعارك الجانبية وتصويرها على أنها حياة أو موت، فالوقت ضيق ولا داعي للتعسف، ونحن أمامنا الفرصة للتغيير والنقاش، وتعلمنا في عهد مرسي أن الدساتير لا تضع الحلول الدائمة، ولا يمكن الحديث عن الدائم في أوقات القلق.> نحن الآن أمام مجموعة من الحقائق اقتصادية وسياسية لها علاقة بالضغوط الدولية ولكن من يلقي بيان هذه الحقائق؟> > نحن نتحدث دون معرفة، وأنا طوال الوقت أنتقد زملاءنا الصحفيين، وأقول لهم إن الخبر غاب تماماً عن الصحف، فجعلنا الرأي يستغني عن الحقيقة الراهنة الموضوعية، فعندما نطالع الصحف الرئيسية سنجد بها 500 رأي في العدد الواحد، فهناك موضوعات «إنشاء» أكثر منها مواضيع ذات قيمة صحفية، وذلك لا يحدث في «نيويورك تايمز» ولا «واشنطن بوست»، فهناك كثرة للعواميد، لأنه في غياب الحقيقة يتحدث الجميع، وذلك تشوش كبير.> من عليه مهمة بيان الحقيقة أو إبلاغ الناس بها؟> > من يستطيع أن يواجه الحقيقة هو من يملك أن يصنع مخرجاً لها، بل يملك أن يضع حلولاً مؤقتة لها ودائمة أيضاً، وعلينا أن نضع نصب أعيننا أن الجيوش في العالم هي حامية الحدود والنظام الاجتماعي، والجيش المصري تدخل في أكثر من موضع منذ 25 يناير، ولولاه لماكانت المسائل اختلفت، فالقوة الحقيقية موجودة في يد القوات المسلحة، لكن قوة السياسة حتى هذه اللحظة لا تزال هامشية.> ماذا عن انتخابات الرئاسة خاصة أن أسماء المرشحين بدأت تتواتر؟> > ليس ضرورياً أن يكون الجيش هو القوة الحقيقية الوحيدة، فهناك التيار الشعبي، وهناك المستقلون الذين ترشحوا للرئاسة من قبل، ولكن مع الأسف الشديد، الظروف التي جرت تقلل من فرصهم، لكنهم بإمكانهم أن يدعموا بعضهم البعض بالدخول في شكل معين.> هناك أسماء على الساحة مثل مراد موافي وسامي عنان وأحمد شفيق والثلاثة لهم خلفية عسكرية؟> > واحد من هؤلاء الأسماء زارني، وقال لي: «أنا عليا ضغوط جماهيرية لترشيح نفسي» وأنا متفهم ذلك في ظل غياب الحقيقة أو الإجماع الوطني أو الرأي الغالب، فكل شخص يتصور في نفسه أهلية معينة، فحق الوهم متاح لكل الناس. وقلت له: أريد أن أحدثك بصراحة، بصفة عامة الرأي العام المصري لا يريد عسكرياً، رغم كوني ليس لدي مشكلة تجاه العسكر، ويقلقني شعار العسكر، وكثير جداً عبر التاريخ حدث أن لجأت الأمم إلى العسكريين، مثل ديجول وأيزنهاور، وقلت له: حتى لو سلمنا أن هذا البلد سلم برئيس عسكري، فالعسكري لن يكون أنت، فهناك عسكري آخر موجود صنع شيئاً، وأرجوك لا تتحدث في هذا الموضوع لأن هناك رأى أغلبية يشير إلى عدم وجود رغبة في رئيس عسكري وإذا حدث فلن تكون أنت.> ماذا عن المرشحين السابقين وهناك اسمان مطروحان على الساحة: حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح؟> > حمدين صباحي رجل ذو اتجاه سليم، فأنا رجل مؤمن جداً بتجربة عبد الناصر لكن عندما يقال إن الناصريين عائدون، فهذا شعار مثله مثل «يسقط يسقط حكم العسكر»، وصباحي صديق وهو رجل مخلص، وأعتقد أنه مؤهل، لكن السؤال: لهذه اللحظة أم للحظة أخرى؟ لست متأكداً، أما بالنسبة لعبد المنعم أبو الفتوح، فهو صديق ولكن لا أظن أنه سواء بتجربته أو بآرائه، رجل مناسب، فبعد ثورة يناير لم يكن لدي مانع من تأييد أبو الفتوح، لكن بدا لي أنه أقرب ما يكون للتيار الإسلامي.> وهذا يعيدنا إلى الاسم الأكثر تداولاً، وهو في حقيقة الأمر معضلة، الفريق أول عبد الفتاح السيسي؟> > عندما تتحدثين عن هذا، أعود إلى بيت شعر: «كفارس تحت الغبار لا يستطيع الانتصار ولا يطيق الانكسار» فالقوة الحقيقية موجودة في القوات المسلحة، وهناك معضلة حقيقية موجودة أمامنا، فنحن لا نريد أن نرى مرة ثانية اللقب في مكان، والقوة في مكان آخر.> هل يعني ذلك ازدواجية السلطة؟> > نعم ازدواجية السلطة، فهناك مشكلة بين شرعية ظاهرة وشرعية قوة أو حق، هذه مشكلة لابد أن ننظر إليها، عندما رأيت السيسي بدا أن عليه ضغوطاً كثيرة من الناس، وهو في الوقت ذاته يرى المحظورات أمامه وضغوطاً داخلية وخارجية، وأنا أعتقد أنه ضمن المهام الموجودة أمام القوى السياسية في هذه اللحظة الاتفاق على صيغة لوضع رئاسي في الدستور يضمن عدم ازدواجية السلطة مع اللقب، لكن المشكلة كيف يمكن لهذا البلد أن يجد صيغة للتوفيق بشكل ما، لأني لا أريد شكوك العالم، ولا شكوكنا في أنفسنا.> في ختام تلك السلسة كيف تنظر إلى المستقبل؟> > هناك فارق بين أن يموت فرد وتموت أمة، فالأمم لا تموت، موجودة في الحياة داخل حركة التاريخ وفي الجغرافيا، والأمم غير قادرة على التشاؤم أو الفشل، من الممكن أن تواجه، وقد حدث في أوقات سابقة عقبات وتحديات، وأذكر أنني عندما شب حريق القاهرة كنت أنظر حولي وأقول «كل شيء انتهى والقاهرة أصبحت أطلالاً»، ثم رأيت أزمة 56 والعدوان الثلاثي، ورأيت عام النكسة ورأيت بعد ذلك وقت وفاة عبد الناصر، كنت وزيراً للخارجية والإعلام، وكانت آخر مهمة قمت بها هي نقل حائط الصواريخ، حيث قمت بمهمة تغطيتها دبلوماسياً وإعلامياً، فعندما نكون في قلب المشكلة لا نرى الأفق، بل نرى الحطام والأزمة والمهزوز والآيل للسقوط، وأتصور أن هذا البلد يحتاج إلى خطاب ممن يعرف الحقيقة ويثق فيه، وأعتقد أن الخلاص الحقيقي هو المعرفة وليس الحماس فقط، وأنا متفائل بالمستقبل وأنا في آخر عمري، هذا بلد غير قابل للموت أو التهميش، غير قابل للتخلف والخروج من حركة التغيير، وأظن أنه سيجد طريق المستقبل لكن في اللحظة الراهنة نحن نحتاج إلى تجميع كل القوة وكل الأفكار وتخفيف الشكوك حتى نستطيع أن نخطو للأمام.