بعد ساعات من وصولهم إلى أرض الوطن
لقاءات وتصوير / بشير الحزميبعد رحلة طويلة من المعانات والعذاب والبعد عن الأهل والأصحاب والوطن استمرت نحو سنتين وتسعة أشهر عاد إلى أرض الوطن البحارة اليمنيون المختطفون من قبل القراصنة الصوماليين بعد أن فقدوا أحد رفاقهم ليرووا لصحيفة 14أكتوبر بعد ساعات من وصولهم أرض الوطن مرارة رحلة المعاناة والتعذيب التي قضوها محتجزين في سفينتهم المختطفة في عرض البحر .. فإلى التفاصيل:-مختصر الرواية سمعناه من القبطان عبد الرزاق علي صالح الذي تحدث وهو على سرير المرض في المستشفى العسكري بصنعاء وآثار معاناته لا تزال ظاهرة على ملامحه وجسمه حيث قال : الحمد لله أننا اليوم في ارض الوطن وحالتنا متحسنة ، فمنذ أن تم تخليصنا من القراصنة وحالتنا الصحية والنفسية تتحسن يوما بعد يوم ، وقد استقبلنا في صنعاء بحفاوة وكرم شديد والتقينا برئيس الجمهورية ورئيس الأمن القومي ونحن نشكر لهم هذه الحفاوة الكريمة والاهتمام الكبير ، وحكايتنا مع القراصنة طويلة تروي فصولاً من المعاناة لن نستطيع في عجالة أن نمر على كل تفاصيلها لكن أقول باختصار أننا اختطفنا ونحن في الباخرة من أمام شواطئ احور قبل عامين وتسعة اشهر ، وبضغط وتوجيه من القراصنة بقينا محتجزين هذه المدة وعانينا فيها كل أشكال العذاب ونقص في الطعام وكانت وجبتنا الوحيدة حبوب الدجرة والفاصوليا والأرز المفور ، وبقينا طوال هذه الفترة ونحن على متن الباخرة من 29 مارس 2010 حتى تحريرنا في 23 ديسمبر 2012.وأضاف : بفضل الله سبحانه وتعالى وجهود قوات ولاية بوتلاند الصومالية التي نفذت عملية نوعية قوية ، تم تحريرنا بعد مواجهة مسلحة استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والثقيلة والطيران المروحي واستمرت 13 يوماً، والحمد لله خرجنا بالسلامة والقراصنة في الأخير سلموا أنفسهم بعد الضربات القوية التي تلقوها .وأوضح أن الباخرة المختطفة كانت في البداية في عمق البحر ولكن بعد أن تقطعت مخاطيف الباخرة (المرساة) وتسرب الماء إلى داخلها وجرفها التيار نحو البر بحوالي 500 متر، استطاعت قوات بوتلاند والطيران قصف القراصنة فوق الباخرة رغم تعنتهم طوال 13 يوماً وتعذيبنا طوال هذه الفترة تعذيباً شديداً ، ونحمد الله ونشكره أننا رجعنا إلى أرض الوطن واستقبلنا هناك بعد تحريرنا من القراصنة من قبل سلطات بوتلاند وتم إعادتنا إلى أرض الوطن بطائرة خاصة وللرئيس عبد ربه منصور هادي كل الشكر والشكر أيضا لرئيس الأمن القومي على الاهتمام الشديد والجهد الذي بذلوه من بداية اختطاف الباخرة حتى تحريرنا وعودتنا إلى أرض الوطن.[c1]قتل و تعذيب[/c]وقال : خلال فترة اختطافنا بقينا داخل الباخرة وكان البعض منا محتجزين في غرف منفصلة ، خاصة نحن اليمنيين عوملنا من قبل القراصنة بقسوة ونحن اليمنيين كنا ثمانية أشخاص وقد استشهد احد زملائنا وهو وجدي أكرم الذي قام القراصنة بقتله في 27أكتوبر 2010م وبقي معنا في الثلاجة داخل السفينة حتى 24فبراير 2011م ، فبعد أن نفد الوقود من الباخرة وتعطلت الثلاجة أعطانا القراصنة تعليمات بأن نرميه في البحر وطبعا نحن لم تكن لدينا الحرية لنقوم بما نريد ولكننا كنا ننفذ تعليمات القراصنة ، ولم تعد لي السلطة في الباخرة باعتباري الربان ولكن أصبح القراصنة هم من يأمروننا ويوجهوننا كيفما يشاءون . وأضاف : ومما واجهناه أن كبير المهندسين في الباخرة تعرض لتعذيب شديد وقطعوا أذنيه نتيجة اتهامه بأنه الذي أخفى الوقود على الباخرة ، لكننا والحمد لله الآن في وضع صحي ونفسي جيد.وقال : لقد كان هناك تواصل بيننا وبين السفير اليمنى في مقديشو احمد عمر الذي اتصل بنا أكثر من مرة واتصل بمالك الباخرة محاولاً التوفيق بين القراصنة ومالك الباخرة لكن القراصنة كانوا عنيدين كثيرا وقد طلبوا مبالغ باهظة وطبعا مالك الباخرة لم يستطع أن يدفع المبلغ لان الباخرة نفسها لم تكن تساوي هذا المبلغ ، فظل القراصنة متشددين رافضين الإفراج عنا وحاولوا أيضا استخدام الباخرة المختطفة في القرصنة لخطف بواخر أخرى .موضحا أن جميع المختطفين في الباخرة وصلوا في الأخير إلى حالة من اليأس والإحباط وفقدان الأمل في الإفراج لكن الله سبحانه وتعالى انعم عليهم بالصبر والقوة لان القراصنة كانوا متعنتين ورافضين الإفراج عنا إلا بدفع الفدية التي طالبوا بها وكنا مدركين أن لا أحد سيدفع الفدية التي طلبوها لأن دفع الفدية سيمثل تشجيعاً لهم ليتمادوا في ممارسة القرصنة ، وأي دولة أو منظمة دولية أو فاعل خير يقوم بدفع هذه المبالغ فأنه بذلك يشجعهم .وقال : لقد عانينا من حالة نفسية سيئة وظروف صحية صعبة منذ اللحظات الأولى لاختطافنا ولكن والحمد لله كان الله معنا ، وكما هو واضح من ملامح وجوهنا وأجسادنا فأن معاناتنا كانت كبيرة فنحن لم نكن يوم اختطفنا بهذا الوضع الذي تشاهده .[c1]دور بطولي وقرار شجاع[/c]وأشاد بالدور البطولي لقوات بوتلاند الصومالية التي حاصرت الباخرة المختطفة من قبل القراصنة والتي نتيجة ما واجهته من أضرار بالغة جحبت إلى مقربة من الشاطئ فكان من السهل عليهم أن يقارعوا القراصنة من تاريخ 10ديسمبر حتى 23 ديسمبر 2012 وكانت ضرباتهم من البر قوية إلى جانب الضرب الموجه عليهم من طائرة الهيلوكبتر التي كانت تحوم فوق الباخرة ، وطبعا نحن كنا طوال هذه المواجهة مختبئين داخل الباخرة وقد كانت لدى قوات ولاية بوتلاند الصومالية مهارة عالية بحيث كانوا يصوبون على القراصنة في أماكنهم وكأنهم يعلمون أماكن تواجدهم في داخل الباخرة ، ونحن المختطفين كنا موجودين في غرفة واحدة ما عدا كبير المهندسين الذي كان محتجزاً في غرفة أخرى مقابلة لنا وجاءت بعض الشظايا نحونا مخترقة الغرفة التي يتواجد فيها كبير المهندسين حتى وصلت إلينا وأصيب اثنان من المختطفين احدهما هندي والآخر باكستاني بإصابات طفيفة . واستمرت المواجهة كما قلت 13 يوماً واخترقت أيضا عدة شظايا الغرفة التي نحن بها لكن بحفظ الله سبحانه وتعالى نجونا من هذه الشظايا رغم أن بعضها كانت كبيرة كوننا كنا طوال المواجهة ممددين كل شخص بجانب الآخر والحمد لله لم يصب احد منا بأي أذى وفي 23ديسمبر بعد هذه الضربات القوية اضطر القراصنة بعد أن قتل منهم ثلاثة أن يسلموا أنفسهم وخرجنا نحن والحمد لله بسلام واستقبلنا من قبل قوات بوتلاند استقبالاً حاراً.وقال إن المواجهة التي جرت بين القوات الصومالية والقراصنة والتي تم تحريرهم على أثرها كانت تشكل خطرا كبيرا على حياتهم لكن الله سلم . مثمنا اتخاذ ذلك القرار الشجاع بالمواجهة لان الأمل كان قد ضاع وطالت المعاناة وكان هو المخرج الوحيد للإفراج عنا ، وقد حاول القراصنة أن يطلبوا منا الاتصال ببلداننا لكي توقف القوات الصومالية التابعة لولاية بوتلاند القصف عليهم وهم على متن الباخرة المختطفة التي نحن محتجزون فيها وحاول الهنود والغانيون الاتصال ولم يجد ذلك نفعا لان القرار كان قد اتخذ بالمواجهة ولابد من تنفيذ العملية ولابد من إلقاء القبض على القراصنة. وأشار إلى أن عدد المحررين ممن كانوا على متن الباخرة المختطفة من قبل القراصنة الصوماليين 22 شخصاً منهم 7 يمنيين وذلك بعد أن كان العدد عند الاختطاف 24 شخصاً استشهد منهم اليمنى وجدي أكرم الذي قتله القراصنة، فيما اختفى من الباخرة شخص آخر وهو هندي ولم نعلم أين ذهب قد يكون قفز من الباخرة وسبح وأصبح مصيره مجهولاً وكان ذلك في 9 سبتمبر 2011م.[c1]كسر في الرجل وقطع الأذنين[/c]من جانبه تحدث كبير المهندسين في الباخرة المختطفة من قبل القراصنة الصوماليين محمد عبد الله علي خان وقال : لقد عانيت خلال فترة الخطف معاناة شديدة لم يعانها شخص آخر في الباخرة مثلي لأن القراصنة كانوا مركزين علي على أساس أنني من المدبرين بتغييب الباخرة وأيش بتحمل فتم عزلي في غرفة انفرادية لمدة سنة وستة أشهر حتى يوم تحريري لم أر خلالها أشعة الشمس ولم أر أي شخص من أصحابي المختطفين ولا ادري ما الذي يدور حولي ،وقد تم تعذيبي بقسوة كبيرة حيث تم كما ترى كسر رجلي وقطع أذني ، أضف إلى ذلك ما عانيته من سوء تغذية ووضع صحي سيئ . وعندما كنت أنام كان القراصنة يتعمدون ضرب الحديد على الحائط كنوع من التعذيب النفسي الذي مورس ضدي ولكن ربنا سبحانه وتعالى أعطاني القوة وبقيت صامدا طوال هذه الفترة . وعندما بدأت المواجهة بين قوات ولاية بوتلاند والقراصنة قبل تحريرنا كانت الغرفة التي كنت فيها في واجهة الضرب وكانت القذائف والرصاص والشظايا تخترقها وكان وضعي صعباً وحالتي يرثى لها .وأضاف بالقول والدموع تترقرق في عينيه : عندما تم تحريرنا لم نكن مصدقين وعندما كنت اسمع إطلاق النار وأصوات الرصاص لم أكن على ثقة بأننا سنخرج سالمين من هذه المواجهة . خصوصا وأننا كنا نسمع في اليومين الأخيرين أصوات الأسلحة الثقيلة التي أجبرت القراصنة على الاستسلام.وقال :عندما خرجنا من الباخرة ووصلنا البر شهدنا وكبرنا وصلينا لله حمداً وشكراً ، وتم أخذنا إلى المعسكر التابع لقوات ولاية بوتلاند وأجريت لنا الفحوصات وقدم لنا الغذاء والدواء وجلسنا عندهم يومين ثم نقلونا إلى مدينة أخرى وجلسنا في الفندق يومين لكي نرتاح ثم أخذنا إلى بوسوسه وتواصلنا من هناك بأهالينا وكانت الفرحة كبيرة جدا لا توصف ثم تم نقلنا بطائرة خاصة إلى اليمن.[c1]ظروف سيئة ومعاناة لم تحتمل[/c]من جهته قال البحار أحمد فايز أحمد: لقد عانينا خلال فترة احتجازنا في السفينة طوال الفترة الماضية معاناة لا توصف من التعذيب والضرب والإهانة وربطنا من أرجلنا بالحبال وتعليقنا ووضع بلاستيك في الرأس وضربنا بعصي النخل وربط حبل على الرقبة ورمينا إلى البحر ثم سحبنا الى سفينة واطلاق الرصاص بشكل عشوائي حولنا لإرعابنا وبصراحة لم نتوقع أو نتخيل انه سيحدث لنا ذلك .وأضاف : لقد مررنا بظروف سيئة للغاية وعشنا معاناة لا يمكن وصفها وكانت حالتنا الصحية والنفسية تتدهور يوماً بعد يوم .موضحا أن أسوأ موقف تعرض له هو يوم جُحب المركب نحو الشاطئ بعد أن تعرض لأضرار كبير وقال لقد توقعنا يومها أننا لن ننجو لأن المركب تضرر ودخل إليه الماء بكميات كبيرة وطلب منا إخراج الماء من المركب وظللنا حوالي 12 يوماً ونحن نعمل على إخراج الماء من المركب وبدون أكل مع تعرضنا للضرب والتعذيب وهذه كانت أسوأ المواقف التي تعرضنا لها خلال فترة الخطف.مؤكداً أن يوم تحريرهم من القراصنة كان بمثابة حياة جديدة بالنسبة لهم وكل شخص منهم كتب له عمر جديد .وعبر عن حزنه الشديد على زميلهم الراحل وجدي أكرم الذي قتله القراصنة بعد أن تعرض للتعذيب والمعاناة النفسية حيث كان القراصنة يهددونه بإخراج أمعائه من بطنه وقد أصيب بحالة نفسية سيئة قبل مقتله .وأعرب عن سعادته البالغة لتحريره مع رفاقه البحارة وعودته إلى أرض الوطن وهو ما لم يكن متوقعا لا منهم ولا من أفراد أسرتهم الذين فقدوا الأمل في عودتهم.وعبر عن شكره وتقديره لرئيس الجمهورية ولكل من بذل جهداً للإفراج عنهم وتحريرهم من قبضة القراصنة وإعادتهم إلى أرض الوطن.[c1]تعذيب جسدي ونفسي[/c]بدوره قال البحار معمر عبده صالح : لقد واجهنا تعذيباً شديداً وعانينا معاناة لا توصف من قبل القراصنة الصوماليين حيث تم ربطنا بحبال وضربنا بعصي وسحبنا وتم حرماننا من الأكل والشرب لأيام وحرمنا من النوم وهددونا بالرصاص الحي واستخدموا ضدنا كل أشكال التعذيب الجسدي والنفسي .وأضاف : الحمد لله الذي بفضله وبجهود قوات البوتلاند وجهود الحكومة اليمنية تم تحريرنا والحمد لله كأننا خلقنا من جديد .موضحا أن أسوأ موقف تعرض له خلال فترة الحجز كان يوم جحفت الباخرة حيث تعرضوا للتعذيب وظلوا يعملون أياماً لإخراج الماء من الباخرة حتى لا تغرق بدون أكل أو شرب.[c1]معاناة ومحاولات للانتحار[/c]أما فني الميكانيك في الباخرة عبده عمر محمد فقد تحدث عن معاناته بمرارة وألم قائلا : أول ما تعرضنا للخطف من قبل القراصنة تعرضنا لشتى أنواع التعذيب والتهديد بالقتل وطبعا نحن مدنيون وأول مرة نتعرض لهكذا موقف وقد خفت كثيرا وقد كنت اسمع منهم تهديداً يومياً، يوم يهددوننا بالقتل ويوماً بالتقطيع ومن شدة المعاناة حاولت أكثر من مرة الانتحار حيث كان معي عدة كبسولات أدوية وقد شربتها جميعا محاولا قتل نفسي لأتخلص من المعاناة ومن تعذيبهم لي ولكن لم يشأ الله أن أموت ومرة حاولت اشنق نفسي بحبل في الحمام لكن الحبل انقطع وسقطت على الأرض مغمى علي وبعد أن أفقت وجدت نفسي ممدداً في الحمام فقمت وذهبت إلى الغرفة وتمددت ونمت وكان الحبل لا يزال مربوطاً على رقبتي وعندما رآني زملائي وعلموا بمحاولاتي في الانتحار وبخوني على ذلك.وأضاف بالقول : بصراحة لقد مررنا بظروف صعبة وواجهت أشكالاً من التعذيب وكسروا أسناني وضربوني بقسوة وقد متنا ألف مرة وعشنا ألف مرة ولم يكن أمامنا أي فرصة للنجاة لأننا كنا في عرض البحر وحتى لو حاول شخص الفرار وتمكن من السباحة حتى الشاطئ فإلى أين سيذهب وقد يواجه الموت على أيدي آخرين لذلك استسلمنا للقدر والحمد لله على كل حال وبفضل الله ودعوات الصالحين كتبت لنا النجاة و تحررنا وعدنا إلى أرض الوطن .واصفا لحظة تحريرهم بالحلم الذي تحقق . معبرا عن شكره وتقديره لكل من وقف إلى جانبهم في محنتهم وعمل على تحريرهم .