غضون
* لم يعد في هذا الزمان شيء يدعى « إنسان جاهل».. فالذي لا يقرأ ولا يكتب ولا يحسب وكذلك الأبكم والاصنج جميعهم يتلقون المعلومات والمعارف بسهولة بفضل شيوع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والوسائل الأخرى في هذا الفضاء المفتوح وفي ظل الكوكبة أو العولمة التي تجعل الإنسان على اطلاع مستمر بما يدور في الدنيا.إذا سلمنا بوجود «جاهل» فهو اليوم ذلك الذي يحمل أو يزود بمعلومات ومعارف مغلوطة ومغشوشة أو «جهلية» إن صحت الكلمة.. مع ذلك فيجب أن تعترف «النخبة» أن «العامة» أو معظم العامة - بحكم هذه الظروف - صار بوسع أفرادها الفرز والتمييز والحكم واتخاذ القرار الأقرب إلى الصواب.. كنا نقول إن نخبة رجال الدين عليهم أن يرشدوا الناس إلى الصواب. صار الناس «العوام» الآن قادرين على التمييز بين رجل دين حقيقي مرشد وآخر مضل، بين المستقل الذي يعمل لوجه الله ورجل الدين المسيس الذي يعمل من أجل حزبه أو جماعته ويسخر طاقاته وذكاءه وحيله وثقافته لجعل الدين مطواعاً للأهواء السياسية.* في الفترة الأخيرة قابلت عشرات الرجال والنساء جميعهم من «العوام» وليسوا «نخباً».. قابلتهم في أماكن ومواقف مختلفة.. أثناء مهرجان.. في السوق.. في مقيل.. على الحافلات.. في بوفية.. منزل.. سيارة تاكسي.. في الشارع العام ومحطة الانتظار.. ومحل بيع الدجاج وفي أماكن أخرى.. وأثناء كلام عابر أو رداً على سؤال وتعليق سريع.. لاحظت أن هؤلاء الذين نسميهم «عوام» يرتقون إلى مرتبة «الخواص» على سبيل المثال فيما يتعلق بالشيخ الزنداني الذي يفترض أنه «مرشد» للعوام.. فهم يكشفون أنهم على دراية جيدة بالدور الذي يقوم به في هذه الأزمة ومعه رجال دين من أمثاله أقل شأناً منه.. فاسم الزنداني اقترن في أذهانهم بأوصاف وألقاب من قبيل : ماكر .. محتال.. دجال.. مخادع.. كذاب... معجب بنفسه.. إرهابي.. وأوصاف أخرى مشينة بحقه تدل على مستوى انحطاط مكانته.* المهم في الأمر.. أن هؤلاء توصلوا الى هذا الاكتشاف في هذا الوقت المتأخر.. يقول بعضهم إنهم من قبل كانوا يجلونه.. كانوا يعتبرونه كذا وكذا.. كان شيئاً مختلفاً ومحلاً للاحترام.. و.. و ... ولكنه في هذه المرحلة انقلب الى الضد لذلك لم يعد بنظرنا ذلك الشيء المحترم.قلت لهؤلاء : الزنداني هو هو لم يختلف.. لم يتغير.. لا أمس ولا اليوم.. هو هذا الذي اكتشفتم حقيقته مؤخراً.. كان ولا يزال هو هو دائماً.. الأمر الايجابي هو أنكم أزلتم الغشاوة عن أعينكم ليس غير.. هذا ليس شأناً خاصاً مع الزنداني اقتضته التجربة وهذه الأزمة .. بل يفترض بالناس أن ينظروا الى الزنداني وغيره من رجال الدين المسيسين كما هم وفي كل الأوقات نظرة الناقد.