أضواء
حكمت جمهوريات الاتحاد السوفيتي بالقبضة الحديدية، فطمس الشيوعيون المعتقدات الدينية وهجروا الشعوب من أراضيهم إلى جمهوريات أخرى، سجنوا وعذبوا كل من يمارس لغة أو يعلن قوميته، وبعد الانفصال جاء التوجه لإعادة الأصول الثقافية والدينية والتحرر من دولة اللاقانون سهلاً وبلا تعقيدات أو أزمات.لم تحدث التحولات بعد حكم سبعين عاماً دموية، أو تسببت في انشقاقات وحروب أقلية مع أكثرية، وهي الدول التي تضم جماعات مختلفة عرقياً وقومياً، لدرجة أن السلوفاك انفصلوا عن التشيك من دون ردات فعل حادة، وتستغرب كيف أن النضج وصل إلى حد قبول الارتحال من حكم شيوعي إلى وطني دون هزات هائلة..!الوطن العربي معظمه حكم بالاستعمار، واختلفت مستويات علاقته بكل دولة، وقد ناضلت الجماعات الوطنية ودفعت أثماناً كبيرة للتحرر، وكانت النتيجة رائعة، فقد تسلمت قيادات وطنية الحكم وسنت قوانين تبشر ببدايات لديموقراطيات وليدة وبالفعل حدثت تغيرات اجتماعية واقتصادية تبشر بهامش جيد للحرية، فتشكلت الأحزاب واستقل القضاء وعولجت نواقص ما خلفه الاستعمار، فكانت العواصم مزدهرة لأن طبقة من «التكنوقراط» تولت تأسيس قاعدة التنظيمات المختلفة غير أن سحر الاشتراكية وما قالته عن عدالة تختلف عن مظالم الرأسمالية والقضاء على الاحتكار وإنهاء الإقطاع، جاء مغرياً لضبط الجيوش العربية الناشئة، فبدأت سلسلة الانقلابات من سوريا ولم تنته إلا بميلاد الثورات الحديثة التي قادها شباب خارج التصنيف الإيديولوجي والشعارات الحزبية، لكننا، ونحن في البدايات الأولى لنجاح أو إخفاق هذه الثورات، بدأت ظواهر سلبية في الانتشار، كالمناوشات الدينية وبروز قوى تريد تصفية حساباتها مع عناصر حكومية أو أقليات عرقية وقبلية، ومع افتراض أن كل الثورات في العالم خلقت فوضى وتناقضات رافقت مرحلة التغيير، لكن ما لم تحسم الأمور بإطلاق الإصلاحات وأهمها ضبط فوضى الشارع، فإن الأرقام المتسارعة في الخسائر الاقتصادية، الصادرات والواردات والسياحة، واستهلاك الاحتياطيات النقدية، سيزيد من أعباء الدولة، ويثير تذمر المواطنين عندما تؤخر رواتبهم وتقل مدخراتهم، ليأتي من يطرح سلبيات الثورات، وهي مشكلة بدأت معالمها تشاهد في تلك الدول ما ينذر بمخاطر على تلك الثورات من الانقلاب عليها.السؤال: لماذا غيرنا؟؟، سواء من خرجوا من الشيوعية، أو الاستعمار الغربي والأمريكي في كل القارات لم يدخلوا مراحل الأزمات سواء بحكومات دكتاتورية استطاعوا إزاحتها بكلفة أقل، أو التحرر من الهيمنة والبدء في منظومة إصلاحات حتى إن دولتين ناشئتين تستعدان لغرز نفسيهما في مواقع التأثير العالمي (الهند والبرازيل) وجدناهما يسيران بالاتجاه التنموي المتقدم، والادارة السياسية الواعية رغم وجود الفقر والتباينات الدينية والثقافية، بينما في الوطن العربي جميع مؤهلات التكامل الاقتصادي والثقافي متوفرة، لكن العلة مستمرة بأننا نتفق على ألا نتفق.[c1]عن/ صحيفة ( الرياض ) السعودية [/c]