كتبت/سميرة سليمان:استضافت قاعة الفنون بالمكتبة الموسيقية بدار الأوبرا المصرية معرض التشكيلية الشابة رهام محمود الذي تحمل لوحاته الـ32 رؤية معاصرة لواحة سيوة المصرية.المعرض افتتح يوم الأحد الماضي ويستمر حتى الرابع من الشهر القادم، وقد افتتحه د. عبدالمنعم كامل رئيس الهيئة العامة للمركز الثقافي القومي، د. صلاح حماد الفنان التشكيلي، والفنان كمال الجويلي رئيس الجمعية المصرية لنقاد الفن التشكيلي، بحضور فنانين وكتاب .من الأدباء الذين حضروا المعرض الأديب د. أحمد الخميسي و قال إن اللوحات حازت إعجابه، وخاصة لوحتين، واعتبر الأديب أن الأزرق في اللوحات يحمل طعم الحلم وكذا درجاته مثل السماوي الذي يعطي إيحاء بالأمل وهو جانب من نفسية الفنانة المبدعة . وحول علاقة الجمال بالأدب والفن عموماً استشهد الخميسي بما قاله الأديب الروسي ديستوفيسكي (إن الجمال سينقذ العالم)، فهو يخرج العالم من الإحباطات والآمال المنكسرة، إلى الحلم بعالم أفضل.ومهمة الفن تحريك الشعور بالجمال في النفس الإنسانية، وقد نجحت الفنانة رهام في أن تفعل ذلك بحسب رأيه.تحرر وانطلاقيضم المعرض لوحات رسمتها الفنانة من وحي إقامتها في واحة سيوة، منذ عامين ومشاركتها في المراسم التابعة لهيئة قصور الثقافة، وتتناول عبر لوحاتها الحياة اليومية في سيوة برؤيتها الخاصة في إطار التجريد التعبيري، مستخدمة الألوان الأكريليك على توال في جميع اللوحات.وقالت رهام :إنه على الرغم من تأثرها بطبيعة سيوة إلا أنها لم ترسمها كما فعل بعض الفنانين، كما هي، فقد جربت كثيراُ وبأساليب مختلفة حتى رسمت تلك اللوحات المجردة تماماً، وقد قدمت فكرتها عبر علاقات لونية، وخطوط متداخلة، معتبرة أن لوحاتها واقعية لكنها تحمل طابعها الذاتي.وتضيف: استلهمت في أعمالي التكوين اللوني من سيوة، وبعض مشاهدها من أراض ومبان وبحيرات.32 لوحة لم تقتصر فقط على سيوة بل بعضها استوحته الفنانة من قرية (تونس) بالفيوم التي زارتها هذا العام، وترى بها تشابهاً من العمارة في سيوة.تعطي رهام أهمية خاصة للوحتها الأولى في هذا المعرض، فرغم أن أسلوبها في السابق كانت تعتمد فيه على تدريجات اللون، بحيث كان أسلوباً تصميمياً وزخرفياً بشكل اكبر، إلا أن اللوحة الأولى كما تقول جعلتها تجرب كثيراً لدرجة أنها رسمت أكثر من لوحة بعضها فوق بعض، حتى اكتملت اللوحة.ورغم ضيق وقت المعرض إلا أن رهام اكتشفت أن المعرض سيخرج بأسلوب بعيد عن أسلوبها السابق وقريب من اللوحة التي انتهت منها، ومن ثم قررت الاستغناء عن اللوحات العشر اللاتي رسمتهن، وقررت أن تسير على نفس طراز تلك اللوحة التي أصبحت مدينة لها فيما بعد، لأنها أصبحت بمثابة رؤية جديدة للفنانة، جعلتها تقرر التحرر من التفاصيل، وان تنطلق بحثاً عن ذاتها، وهو ما حدث بالفعل.وتشير رهام إلى أن المعرض كان مقرراً إقامته في 6 فبراير الماضي، إلا أنها ارتأت تأجيله نظراً لأحداث ثورة يناير.وأوضحت أنها ترغب في تنمية ذاتها بالنقد والتصوير، مشيرة إلى أنها فصلت بين عملها كصحفية وناقدة وبين عملها الإبداعي، فقد حاولت التحرر من فكرة النقد حتى لا يشغلها ذلك عن الإبداع، وحتى لا تقع في فخ التأثر بإبداعات الآخرين، وتظن أنها نجحت بشهادة أساتذتها في فعل ذلك.نقلة في الفنرغم تبنيه للفنانة منذ اللوحة الأولى إلا أنه فوجئ بالمعرض كما قال الفنان شيخ النقاد التشكيليين كمال الجويلي:( أن الفنانة تغيرت إلى الأفضل، ويصف الناقد معرضها بأنه سيحدث نقلة في مستوى الحركة التشكيلية ككل، لأن لوحاتها مذهلة.ويتذكر الجويلي الذي شارك في افتتاح المعرض أولى لوحات الفنانة منذ خمس سنوات في ساقية الصاوي وكانت عبارة عن منمنمات صغيرة ترسمها من خيالها، وحينها اقترح عليها أن تترك التصميم، إلى التصوير، وهو ما فعلته. وقال: تعتكف الفنانة منذ أكثر من سنة في مرسمها من أجل هذا المعرض، وأرى في لوحاتها إحساساً ذاتياً جداً بالطبيعة، كما أنها تملك رؤية مماثلة لكبار الفنانين رغم صغر سنها، بالإضافة إلى المجموعات اللونية الهادئة والمعبرة في لوحاتها التي تحمل قدراً كبيراً من الانسجام والتناسق فيما بين ألوانها.فاللون الأخضر مثلا تضع به بقعة لونية تسمى منذ عصر النهضة بقع قرمزية، حيث هناك في المركز نقطة ساخنة تعطي تكاملاً للألوان، تجتذب عين المشاهد إليها، ومن ثم فهو معرض نادر.لم يستطع شيخ النقاد الجويلي أن يحدد أي اللوحات اجتذبته أكثر من غيرها، فكلما يرسو على لوحة يجد ما بعدها أفضل، وهكذا حتى نهاية اللوحات، قائلاً: كل لوحاتها مدهشة، على عكس ما رأيته بمعرض الفنانة في قاعة الدبلوماسيين الأجانب بالزمالك، فقد انبهرت بلوحة بارعة الجمال ووقفت أمامها مشدوهاً، وحين انتقلت لغيرها من لوحات الفنانة وجدت هبوطاً كبيراً، ما جعلني أغادر المعرض على الفور، لأكتشف بعدها أن من درس لها الفن هو من رسم لها تلك اللوحة البديعة.ويعود الجويلي إلى معرض الفنانة رهام، ويرى أنه مختلف عما رسمه بعض الفنانين عن سيوة، التي تعد ملهمة لكثير من الفنانين، نظراً لمشاهدها البديعة، وطبيعتها الرملية والصخرية، والاكتشافات الحجرية هناك، فهي منطقة ملهمة وجاذبة للسياح والفنانين، واستطاعت رهام بفضلها أن تكتشف ذاتها هناك، فقد فجر المكان طاقتها الكامنة وساعدها على الظهور، لتخرج كل لوحة بها مذاق متكامل وانسجام في التكوين.وينصح الجويلي الفنانة أن تستمر وتنطلق وتركز على الفن، لأن طاقتها الإبداعية تحتاج إلى أن تنشغل بها أكثر من أي شيء آخر، فالكنز الذي بداخلها عليها الإمساك به، ويلفت نظرها إلى ضرورة أن تعرض بالخارج لأن لوحاتها فيها تقارب كبير مع الحركات التشكيلية في أوروبا وأمريكا.وأشار الجويلي أيضاً للفنان أحمد صبري حين عرض في صالون باريس وكان متخوفاً من رأي النقاد بلوحته (الراهبة) وقبل الافتتاح بليلة تسحب ليسمع تهامس النقاد على لوحته ووجدها حازت إعجابهم، لكنه سمع تمنياتهم أن يضيف الفنان إلى خلفية اللوحة لوناً أزرقاً ليزيد ذلك من جمالها، وبالفعل قام بذلك، وأصبحت لوحة عالمية موجودة الآن في مقر السفير المصري بأمريكا حيث اعتبرتها الولايات المتحدة الأمريكية ضمن أملاكها نظراً لروعتها.انسجام لونيأثنى د.صلاح حماد الذي شارك أيضاً في افتتاح معرض الفنانة على أسلوبها الجديد، وتوزيع الألوان والمساحات في لوحاتها، فقد تركت الفنانة أسلوبها القديم وانطلقت نحو المدرسة اللاموضوعية.واهم ما يميز المعرض برأيه هو ألوانه الجريئة، فالحركة على السطح سريعة جداً، كما أن اختياراتها اللونية موفقة للغاية، والتمازج بين اللوحات شديد، وكأنها على خط واحد، قائلا: هناك استرسال في التصوير لديها أثناء العمل، فبداخلها شحنة قوية تجعلها تعمل بشكل أسرع، ما أدى إلى تتابع اللوحات. وينصح حماد صاحبة المعرض بالاستمرار، والإطلاع على رواد هذه المدرسة في العالم ومصر، ويعد أبرز روادها في مصر كما يقول فاروق حسني، ومحمد رزق. الفنانة في سطورالفنانة رهام محمود نظمت عدة معارض شخصية منها معرض خاص بقاعة (الأرض) في ساقية الصاوي سنة 2005، ومعرض (مخيلة اللون) في اتيليه القاهرة عام 2007، إلى جانب مشاركتها في عدد من المعارض الجماعية. شاركت في ورشة فنانات مراسم (سيوة) عام 2009، وورشة ليلتين وفنان بمحكى القلعة عام 2010، إضافة لمشاركتها في كتاب “ملتقى الأقصر الدولي للتصوير عام 2008 بكتابة دراسات نقدية عن نصف فناني الملتقى الذين حضروا من عدة بلدان.مارست الكتابة عن الفن التشكيلي منذ عام 2006 في شبكة الإعلام العربية (محيط) كمسئولة صفحة أتيليه الفن، وجريدة (روز اليوسف)، كما أن لها موضوعات نشرت في عدة صحف ومجلات مثل: (القاهرة)، التعاون، الحوار، المحيط الثقافي في مجلة (دبي الثقافية)، عملت كمدير تحرير لجريدة (بورتريه) لمدة ستة أشهر.وقد حصدت عدة جوائز منها المركز الأول في مسابقة الفنون التشكيلية الأول لمدينة دمنهور سنة 1999، والمسابقة القومية للفنون الجميلة للكليات المتخصصة سنة 2002، ولها مقتنيات بمتحف الفن المصري الحديث.
|
رياضة
معرض سيوة لرهام محمود مفاجأة لعشاق الجمال
أخبار متعلقة