ليس هناك ماهو أبشع وأفظع من أن يقوم الإنسان بأفعال يضاهي بها الحيوان، ظاناً أنه بذلك يبدي مقاومة أو يصد جبروتاً من سلطة أو فئة أو حزب، فيحرق ويكسر ويخرب ثم يدمر في كل شيء، وكأن ذلك هو الرد العملي لأي عمل قد يصدر ضده ويؤدي إلى ردة فعل مضاعفة وهلم جرا..! اليوم بدت البيئة غريبة على هؤلاء، فلا هم ممن يسكنون المدن بحضارتها ومدنيتها، ولا هم ممن يرتدعون بالأخلاق والقيم النبيلة، وصارت البيئة موحشة، وكأننا في غابة تحكمها الحيوانات الكاسرة، لا البشر.. الذين ميزهم الله في خلقهم وسلوكهم، وجعلهم أفضل الخلق.. ولله في خلقه شؤون..! في عدن، تبدو الأمور غريبة وبشعة، فلا تجد موضعاً إلا وتم تشويهه، وكأن الموضوع عبارة عن مشاغبة للإتلاف والمزاج الفج، وما زاد الطين بلة.. أن أتت موجة التغيير، فركبها الجميع، كل يريد إنقاذ ما في نفسه، وتواكل الكل، وضاعت القيم المكتسبة تماماً، وتحول الكل ( سلطة ومواطنين) إلى عبث لا حد له ولا حدود .. وكانت الكارثة عندما لم يتم الاستماع لصوت العقل والتعقل، ونام البشر في منازلهم وكأن ما يجري لا يعنيهم، وصدحت حناجر خطباء المساجد بوعظ فيه استحياء لردع ما يجري، وقد فند بعضهم أشياء معينة، لكنها لم تلامس الوجع.. وهكذا كبرت فاتورة الإتلاف، سواء للبشر الذين ذهبت دماؤهم هدراً، أم للمدينة التي خسرت كثيراً من شبابها وممتلكاتها، وتلوثت بيئتها، وصارت بعض أحياء عدن نهبا لمن في نفوسهم مرض، ويا ليتهم لم يفعلوا، لأن عدن ليست بالمدينة العاقة لأبنائها، حتى تتم معاملتها بهكذا جور وبهتان، ويا لطيف الطف بنا.. أتحسر على شارع مدرم، الذي صار عبثاً وخراباً، وأعذر الشباب المتألم لما صار ولفقدهم أعزاء، هم شهداء عند ربهم يرزقون، لكنني لست مع الذي يجري بحجة أن الذي سيأتي هو الأسوأ .. ما يعني جعل الشارع مغلقاً ومحطماً، لا وألف لا لما يجري، وإن كانت الأخلاق تفرض علينا إصلاح الأمور فعلينا أولاً فتح الشارع وإصلاح ما أصابه من أعمال القوة التي اقتحمته وفعلت فعلتها، بحجة البحث عن نظام واستقرار، لكنها حولت ذلك إلى الضد، ومن حق الناس أن يقاوموا الظلم، لكن ليس بالطرق الهدامة التي نراها ونرى من يقوم بها وهم في زهو .. ولكن على ماذا؟! على خراب أحيائهم.. إنه شيء مؤلم حقاً..!
|
تقارير
إنه لمؤلم حقاً!
أخبار متعلقة