محافظات / سبأ:احتشد ملايين اليمنيين يوم أمس الجمعة في الساحات العامة بأمانة العاصمة وعموم المحافظات لأداء صلاة جمعة «الوفاق».ففي العاصمة صنعاء غطى ساحة ميدان السبعين وساحة التحرير والشوارع والأحياء المحيطة بهما والموصلة إليهما ملايين المواطنين الذين توافدوا منذ يوم أمس الجمعة من مختلف محافظات الجمهورية.. حيث أدوا صلاة الجمعة والصلاة على أرواح الشهداء الذين سقطوا من أبناء قبائل سنحان وبني بهلول وبلاد الروس المشاركين في وفد الوساطة أثناء تواجدهم أمام مقر الفرقة الأولى مدرع يوم الثلاثاء الماضي.وفي خطبتي الجمعة بساحة التحرير، أكد صاحب الفضيلة الشيخ شرف القليصي أهمية تعزيز الاصطفاف والوفاق الوطني لمواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بوطننا اليمني .وقال :«إن المتأمل إلى ما وصل إليه حال اليمن، يمن الإيمان والحكمة من فتن وأزمات يندى لها جبين كل حر ، فتن تدع اللبيب حيران، فتن ترى الناس فيها سكارى وما هم بسكارى من طيش ما يعملون، فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، فتن يرقق بعضها بعضا، كلما جاءت فتنة كانت أعظم من أختها حتى يقول المؤمن هذه مهلكتي، فتن تهلك كل من استشرفها فتستشرفه».وأضاف:«إن هذه الفتن حلت في أوطاننا وبلدنا بسبب الطيش والحقد على منجزاته ومقدراته، فتن أوجدت التوترات والقلق والخوف والهلع بدلا من الأمن والاستقرار والطمأنينة والسكينة، فتن حولت حياة الناس إلى هم وغم ونكد ومعاناة، فترقُب وتوجس وخوف من انفجار الأوضاع في أي وقت».وأشار إلى أن صوت العقل والحكمة غاب عن حل هذه الفتنة،داعياً إلى العودة إلى الحب والتسامح والإيثار والإخوة والوفاق بين أبناء الوطن الواحد.. لافتا إلى أن هذه الفتنة خلقت معاناة للناس وضيق المعيشة نتيجة ارتفاع الأسعار والسلع الغذائية واضطراب الأحوال.وتابع :«لقد أستغل بعض التجار هذه الأزمة لكي يصطادوا في الماء العكر ويحاصروا الناس في أقواتهم وموادهم الغذائية ورفع الأسعار نتيجة شحة العملة الصعبة في الأسواق المحلية والتي سحبت من المصارف والأسواق ضمن مخطط التدمير للوطن ومقدراته، وأصبح المواطن يعيش في معاناة حتى في الحصول على الغاز المنزلي».وأكد خطيب الجمعة أن الاقتصاد يتعرض لخسائر كبيرة نظرا لتفجير أنابيب النفط من قبل عناصر تخريبية غير مسؤولة، ما أدى إلى توقف تصدير النفط، ومنعت تلكم العناصر المهندسين من الوصول إلى إصلاح الأنابيب وإعادة ضخه مرة أخرى.وتساءل: من المسؤول عن هذه الأعمال ولمصلحة من تخريب المنشآت العامة،ومن الذي يستفيد منها، ومن يقف وراءها، من المسؤول عن تفجير أبراج الطاقة ومحطات توليد الكهرباء والمحطة الغازية في مأرب،ومن المسؤول عن محاولة اقتحام المراكز الحكومية والمؤسسات الوطنية والمواقع السيادية والنقاط العسكرية، من المسؤول عن محاولة السطو على البنوك التجارية والبنوك الرسمية، من المسؤول عن محاولة السطو على مقرات المحافظات والوزارات والقصر الجمهوري؟!. وقال الشيخ القليصي :«من المسؤول عن تحريض المعتصمين والمتظاهرين بتدمير المصالح الحكومية والمنشآت الخاصة والعامة، من المسؤول عن إزهاق الأرواح البريئة والدماء المعصومة والأعراض المصانة والزج بالأطفال في معارك سياسية، وجعلهم في فوهة المدفع؟!، أليست تلكم الأحزاب وقياداتها المغامرة التي لم تضع لحياة المواطنين ولا لمصلحة الوطن أي اعتبار و احترام».وأضاف:« أنتم معشر الأحزاب وجودكم بلاء للأوطان، ماذا فعلتم أجيبونا قد انكشفت أعمالكم، ليس بعد اليوم إخفاء خدعتمونا بألقاب منمقة، ».. مشيرا إلى التداعيات الخطيرة للأزمة الراهنة في اليمن والتي أصبحت تمس حياة المواطنين بالدرجة الأولى من خلال قطع الطرقات ونهب الممتلكات العامة والخاصة واستغلال العصابات للفراغ الأمني في بعض المحافظات نظرا لانشغال الدولة وأجهزتها في معالجة الأزمة.وتابع:« هل آن للحكمة اليوم أن تنتصر، وللعقل أن يسود ولروح المسؤولية أن تتغلب على هذه التأزمات والاحتقانات التي لا تخدم إلا أعداء الوطن، وتنذر بكوارث على الوطن والمواطنين ».. مشيراً إلى أنه إذا اختل الأمن وزعزعت أركانه فستكون وراءه فتن وفساد كبير باعتبار أن الأمن والإيمان قرينان، فإذا ضاع الإيمان فلا أمان ولا دنيا ومن رضي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء له قرينا فكيف تقوم الحياة بدون أمن واستقرار، وكيف تكون عبادة الله وارتياد المساجد بدون أمن واستقرار،و كيف تقوم الحضارة وتنهض الشعوب وتتقدم دون أمن واستقرار؟!.وبين أن أي بلد تثار فيه الفتن والمظاهرات والخروج على ولي الأمر يتزعزع أمنه واستقراره وتنتشر الفوضى والشغب الذي يؤدي إلى قتل وسفك الدماء وانتهاك الأعراض ونهب الأموال وقطع الطرق ويطمع أعداء الأمة للتدخل في شؤونها الداخلية وفرض أجندة خارجية على المجتمعات المتناحرة. وقال :« يا لها من فتنة تحصل للعباد إذا وكلوا أمورهم لذوي الفتنة وأصحاب الأهواء الذين يقومون بتغرير جهلاء الناس فيفسدون في الأرض ويسفكون الدماء، فلا هم للإسلام ناصرون ولا للحق مظهرون .وأضاف :«أين عقول كثير ممن يدعون الإسلام والانتساب للعلم، أين عقول كثير ممن يدعون إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أين خوفهم من الله وهم يعلمون أن الدماء محرمة والنفوس معصومة بآيات في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟».واعتبر الشيخ القليصي الخروج على ولاة الأمر رأس الفتنة وأساس الشر والبلاء، وتفرق المجتمعات المسلمة.وحذر من الانجرار وراء مؤججي الفتنة ومشعلي نار العداوة من أصحاب الأفكار المنحرفة والمطامع الدنيوية، كما حذر من مظلات الفتن وتكالب الأعداء على الأمة.. مؤكدا حاجة الأمة إلى وحدة الصف واجتماع الكلمة.لافتاً إلى أن الوطن يتعرض اليوم لأزمة وتهديدات خطيرة في أمنه واستقراره فمشاريع الانفصال والدولة الإمامية والحوثية ومخططات الأعداء ظهرت جليا على ألسنتهم وتصريحاتهم وأقوالهم».وتطرق خطيب الجمعة إلى مجزرة الثلاثاء الماضي التي حدثت أمام الفرقة الأولى مدرع وقتل فيها عدد من الوسطاء وأصحاب الراية البيضاء والصدور المفتوحة والمجردين من السلاح .. واصفا إياها بأنها جريمة نكراء وعيب اسود بكل المعايير الدينية والإنسانية والقانونية والوطنية.وأكد الشيخ القليصي ضرورة أن يعلم شباب الأمة بالمخططات التي يستخدمها البعض للوصول إلى أغراض ومآرب ومطامع ذاتية .. منبهاً الشباب من مخاطر الانجرار وراء المخططات التمزيقية للوطن وزعزعة أمنه واستقراره وسلمه الاجتماعي .وتساءل الخطيب: كيف نضمن التداول السلمي للسلطة؟، كيف تصل إلى أيد أمينة، كيف نحافظ على أمننا واستقرارنا والطرق الشرعية والدستورية حتى لا ينهار الوطن والدستور والقيم التي توافق عليها المجتمع .. مؤكداً أن الحوار ولغة المنطق والعقل والحكمة حل لكل معضلة ومشكلة وكل أزمة.وأشار إلى المبادرات التي قدمها فخامة رئيس الجمهورية والحلول التي قدمت من قبل الحكماء والعقلاء إلا أنها وجدت أبواباً مقفلة ووجدت عقولاً جامدة وتصلبا في الموقف وإصرارا وتعنتا. لافتا إلى مبادرة الأشقاء بمجلس التعاون الخليجي والتي تأتي من دوافع حبهم ونصحهم وحرصهم على وحدة اليمن وأمنه واستقراره وحرصهم على حقن دماء الأبرياء ودرء الفتنة .. منوها بالدور والجهد المثمر لدول مجلس التعاون الخليجي وحرصهم على دعوة الحكومة اليمنية وأحزاب المعارضة للاجتماع في الرياض والجلوس على طاولة الحوار وتدارس الوضع القائم.وقال :«نحن مع كافة المبادرات والحلول في إطار الشرعية الدستورية والسيادة الوطنية، وقيمنا ومبادئنا وأعرافنا والحفاظ على وحدتنا ولحمتنا الوطنية».. مشيراً إلى أن هذه الملايين الحاضرة في جمعة الوفاق تطالب الجهات الراعية والمساندة للحوار ان يكون لهم من يمثلهم في الحوار دفاعا عن حقهم الدستوري والشرعي الذي لم يعد ملكاً لرئيس الدولة ولا للحكومة ولا للحزب الحاكم، إنما ملك للشعب ولهذه الأغلبية الصامتة.ودعا دولة قطر إلى أن يكونوا محضر خير لا دعاة فتنة، مؤكداً في هذا السياق رفض اليمن لأي تدخل في شؤونه الداخلية أو إثارة الفتن والنعرات فاليمن ليس ليبيا ولا العراق إنما هو بلد الإيمان والحكمة وشعب الحضارة والجهاد وأبناء الفاتحين والشعب اليمني شعب حر أبي يأبى الوصاية والأدعياء عليه مهما كان الثمن.