تحقيق/عبدالله بخاشمازالت مشكلة علاج الاورام السرطانية في اليمن تمثل تحدياً صعباً لكل الجهود الرسمية والاهلية في سبيل المواجهة مع السرطان فأعداد المرضى تفوق بكثير الإمكانات المتاحة للمركز الوطني للأورام وتكاليف علاج السرطان عبء ثقيل لاتقوى أسر المرضى على تحمله ، ومعظم الحالات المريضة إسعافية لاتحتمل التأخير أو الانتظار ، وكل يوم يمر تتجدد فيه الاحزان وتضيق خيارات الممكن ، وتتبدد فرص الامل وتتضاءل بتقادم الزمن.وعذابات تزايد أعداد مرضى السرطان حقيقة ملحوظة لاتحتاج الى من يثبتها إذ تشير سجلات الإحصاء الطبي إلى أن (873) حالة ترددت على المركز خلال شهر إبريل الماضي في حين كان العدد الكلي خلال العام 2002م لايتجاوز (117) حالة وفقاً لإحصائية صادرة عن وحدة التسجيل الطبي للأورام آنذاك فيما يؤكد الاطباء أنهم يستقبلون يومياً مابين (50-60) مريضاً ويدفعون بنحو (7) مرضى للعلاج الإشعاعي كل يوم. أطباء الاورام يجمعون على أن الاعداد تتزايد بشكل مخيف وأن معظم الحالات تصل إليهم في وقت متأخر ، لكن لا أحد يستطيع مع ذلك تحديد العدد او حجم المشكلة وأماكن الانتشار والسبب كما علمنا هو عدم وجود مراكز رسمية لتسجيل السرطان مشيرين الى أن إفتتاح وتشغيل مركز الاورام قد ساهم في كشف جزء من جوانب المشكلة ويرى الدكتور / محمد القدسي - أختصاصي الاورام والعلاج بالاشعاع أن تكوين معلومة كاملة عن حالات السرطان تتطلب إنشاء مركز وطني لتسجيل مر السرطان وتوسيع الرعاية الصحية الاولية لكافة أنحاء الوطن ويقول الحالات التي تأتينا تقريباً هي من نسبة (20) من السكان الذين يحصلون على الرعاية الصحية الاولية ما نسبة (80) التي تحدث عندهم هذه الحالات فهي لاتسجل ولاتعالج وممكن تنتهي بدون أن يعرف عنها شيء .ويصنف الاطباء أربعة أنواع من الاورام الخبيثة ، تأتي في المقدمة من بين أثني عشر نوعاً سرطانياً وهي الاكثر إنتشاراً بين المرضى اليمنيين وهي أورام الجهاز الهضمي والرأس والرقبة والثدي والليمفوما وإن كانوا يبدون استغرابهم من إرتفاع نصيب سرطان الرأس والرقبة وتصدره خارج السرطان في اليمن وخصوصاً صغار السن ، وهو الامر الذي يعتبر غريباً وغير متوقعاً بالنسبة لبعثه بلدان العالم.ويذهب الاطباء الى التأكيد على وجود علاقة طردية إيجابية بين الاصابة بالسرطان وبعض الامراض الوبائية المنتشرة بكثرة في بلادنا وهو ماأكدته عالمياً بعض الدراسات والابحاث فإرتفاع الاصابة بالملاريا مثلاً لها علاقة وثيقة بنوع خبيث من أنواع سرطان الغدد اللمفاوية والاصابة بفيروس الكبد لها صلة بسرطان الكبد ، أما البلهارسيا فذات علاقة أكيدة بسرطان المثانة علي وجه التحديد ، فيما يشكل التدخين السبب الرئيسي للإصابة بنحو (30) من كل الانواع السرطانية ويحتوي التبغ على أكثر من أربعة آلاف عنصر كيماوي منها (55) عنصراً مسرطناً وأكدوا أن مكافحة هذه الاوبئة والآفات ستكون علي صلة وثيقة بالوقاية من السرطان الخطير . ونبه الدكتور / يحيى مجلي إستشاري أمراض وجراحة الاورام الى قضية الاستخدام العشوائي للأسمدة والمبيدات والسموم الكيماوية التي تدخل حياتنا كل يوم بأكثر من طريقة ، مشدداً على أهمية ضبط وتقنين بيع واستخدام هذه السموم الكيماوية وعدم صرفها أو استخدامها إلاّ بإشراف المهندسين الزراعيين المختصين .وتكشف إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن نحو مليون شخص يتأثرون بالكيماويات سنوياً فيما يموت كل عام عشرون ألف شخص نتيجة الجهل بمخاطر المبيدات وتقدر التقارير عدد المركبات الكيميائية الموجودة بأكثر من (11) مليون مركب وأن أكثر من (100) ألف مركب كيميائي يتم تصنيعها في العالم سنوياً ولهذا فقد أعادت الوكالة العالمية للأبحاث السرطانية النظر في حوالي (45) مبيداً حشرياً وفطرياً وللآفات الزراعية بعد وجود أحد عشر صنفاً منها ذات فعل سرطاني وهو مايدعونا للحد من استخدام السموم الكيماوية وإحكام الرقابة عليها ، أما في اليمن فيجري استخدام نحو (700) مبيد حشري بعضها محرم دولياً في زراعة القات وإنضاج الفواكه بدون أي رقابة تذكر .وبعيداً عن الاستطراد فإن المعضلة الاساسية أما أطباء الاورام - اليوم- هي تأخر إكتشاف الاورام السرطانية لدى المرضى وبالتالي عدم وصولهم الى المشافي المتخصصة إلاّ بعد تقدم المرض وفوات الاوان وتتداخل في هذه المعضلة عدة عوامل جوهرية كالجهل والفقر وتعدد مصادر التلوث البيئي فضلاً عن ندرة الاطباء المتخصصين في مجال الاورام وتركزهم في العاصمة ومحدودية الوسائل التشخيصية والمخبرية للسرطان والتي يتسبب غيابها في معظم الاحيان الوقوع في أخطاء تشخيصية وعلاجية يضيع معها الكثير من الوقت والجهد .الكشف المبكر يساعد على النجاح.ويرى المختصون في المركز الوطني للأورام بأن الكشف المبكر للسرطان يساعد على نجاح العلاج فكلما كان الاكتشاف مبكراً أمكن السيطرة على الورم السرطاني والتخلص منه في المراحل الاولى ، ويقول الدكتور / عبدالله الرقاص - المتخصص في طب وعلاج الاورام بأن قضية الاورام تحتاج بالدرجة الاساسية الى وعي جماهيري واسع وإهتمام بالفحص الدوري إذ ينبغي عند الاشتباه بوجود أي تورم في أي منطقة من الجسم سرعة التوجه لإجراء الكشف المبكر للورام .يضاف الى المعضلات السابقة الكلفة المادية الضخمة لعلاج السرطان سواءً كانت للمرضى اسرهم المنكوبة او للجهات والمؤسسات الصحية وهو ما استدعى الحكومة اليمنية لإتخاذ الاجراءات الكفيلة بتيسير فرص العلاج الاشعاعي أن تشغيل المركز بحاجة الى دعم سخي وضخم لايتوقف عند حدود ما يقول المتعارف عليه عالمياً أم مراكز الاورام تحظى بدعم سياسي وحكومي وشعبي من جميع الاطراف ولايمكن أن تعمل ويكتب لها الاستمرارية بدون هذا الدعم مشيراً بأن سياسة المركز تهدف الى تحقيق مجانية العلاج والحد من السفر للعلاج في الخارج وذلك من خلال توفير وزارة المالية مائتي منحة علاجية شهرية للعلاج بالمركز واعتماد وزارة الصحة توفير بعض الادوية الكيماوية مجاناً للمرضى - وإن كانت بحاجة الى التحديث واستيعاب الجديد من الدواء منوهاً بأن المركز سيعمل على توفير بعض الادوية الكيماوية مجاناً للمرضى - وإن كانت بحاجة الى التحديث وساتيعاب الجديد من الدواء منوهاً بأن المركز سيعمل على توفير الاحتياجات من الدواء الكيماوي مجاناً للمرضى وعموماً فإن المركز الوطني للأورام - وهو الوحيد في اليمن يمثل في الوقت الراهن أقرب الحلول الممكنة لمواجهة إنتشار السرطان وإعادة الامل لشفاة المرضى ، وسيكون من المفيد خلال السنوات القادمة إستكمال الاقسام الضرورية المتبقية كمختبر الانسجة وقسم جراحة الاورام وقسم الطب النووي والعلاج بالنظائر المشعة .لكن تبقى الحلول الاستراتيجية لمعالجة المشكلة ماثلة في إعداد وتأهيل كتيبة من الاطباء في مجال طب وعلاج الاورام وإنشاء وحدات علاجية وبحثية في المحافظات وإيجاد رديف آخر لمركز الاورام وتنفيذ حملات الكشف المبكر والاهتمام بالوعي الصحي والوقائي وتبني دعوة للعودة الى الطبيعة والحد من الملوثات البيئية المسئولة عن كل هذه المخاطر .
|
محليات
شبح السرطان في اليمن وتحديات المواجهة
أخبار متعلقة