الاشتراكيون يتطلعون لأن تكون سيغولين رويال أول "رئيسة" لفرنسا
باريس/ وكالات:تعهدت مرشحة الحزب الاشتراكي بالانتخابات الرئاسية سيغولين رويال بالقطيعة مع الماضي, قائلة "إن الفرنسيين مستعدون للإصلاحات لكنهم غير مستعدين لرؤية العبء يقع على عاتق الناس ذاتهم دائما".وأوضحت رويال (53 عاما) في تجمع في ميل غرب فرنسا أن "العالم تغير وفرنسا تغيرت وكذلك يجب أن تتغير السياسة, وأنا أريد أن أجسد هذا التغير العميق معكم".. وهزمت رويال بأغلبية 60% مرشحي الحزب الاشتراكي الآخرين وزير الاقتصاد الأسبق دومينيك ستراوس كان ورئيس الوزراء الأسبق لوران فابيوس, متجنبة دورا ثانيا, ومعززة بذلك حظوظها في أن تصبح أول رئيسة لفرنسا.وقد قرر المرشحان المهزومان منح تأييدهما الكامل لرويال بعد فوزها "المستحق".. ويتوقع أن تواجه رويال بالانتخابات، التي يجري دورها الأول يوم 22 أبريل القادم، وزير الداخلية نيكولا ساركوزي عن الحزب الحاكم (الاتحاد من أجل حركة شعبية). . ولم يعلن ساركوزي ترشيحه بعد, لكن كل المؤشرات تدل على أنه يهيئ له, وقد وصفه وزير التنمية الجهوية من الحزب الحاكم كريستيان إيستروزي بـ "المرشح الطبيعي" للحزب الحاكم.وأظهرت استطلاعات الرأي تقاربا شديدا بين المرشحين, لكن عكس ساركوزي الذي أعلن بوضوح مواقفه من قضايا كثيرة, بقيت رويال في دائرة العموميات ولم تخض في تفاصيل لا السياسة الخارجية أو الداخلية.. ويعتقد أن خبرة رويال القليلة وشبابها ساعداها في الفوز بثقة جمهور تعب من السياسيين التقليديين, لكنهما أيضا عاملان قد يضران بها في حملتها ضد يمين متمرس بالسياسة.ومن بين القضايا القليلة التي أعلنت رويال موقفها منها بصراحة رفض دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وتبني سياسات متشددة مع الجريمة, وهي المواقف ذاتها التي دعا إليها ساركوزي.وقد أبرز اختيار الحزب الاشتراكي الفرنسي لسيغولين رويال باغلبية ساحقة لخوض انتخابات الرئاسة الفرنسية تعطش فرنسا لإحداث تغيير، واصبحت رويال تجسد التجديد لكثيرين. كما ان حقيقة انها امرأة ساعدت على بروزها وسط الصفوة الحاكمة في فرنسا التي ترى ان قصر الاليزيه حكر على الرجال، بينما لمس اسلوب حديثها البسيط وترا حساسا لدى الناخب العادي الذي مل المصطلحات السياسية. . وقال المعلق المخضرم بيير لوك سيغويلون عقب فوز رويال بترشيح الحزب الاشتراكي: "نجاحها نتيجة انفصال اجتماعي وزمني وسياسي وثقافي وايديولوجي عن الماضي". وصرح لتلفزيون "ال.سي.اي": "اصبحت سيغولين رويال الشخصية الطبيعية للتغيير الذي يتوق اليه كثير من اعضاء الحزب الاشتراكي وعدد كبير من المواطنين من خارج الحزب". وفازت رويال بنحو 60% من الأصوات يوم الخميس الماضي لتحصل على تفويض قوي يجعل الزعيمة المحلية التي تبلغ من العمر 53 عاما في اعين الكثيرين ابرز المرشحين للفوز في الانتخابات التي تجري العام المقبل لتصبح أول سيدة تتقلد منصب الرئاسة في فرنسا. . ولكن نفس المزايا التي ساعدتها على نيل اعجاب الراي العام وهي افتقارها للخبرة وصغر سنها نسبيا ربما تتحول لنقاط ضعف حين تبدأ حملة الانتخابات الجادة في مواجهة اليمين المخضرم. . وقال بول جودت استاذ العلوم السياسية في الجامعة الامريكية في باريس "نقطة ضعفها لسانها لانها سريعة الانفعال، وستواجه ضغوطا هائلة". وذكر عدد من المحللين السياسيين والاقتصاديين ان فرنسا مستعدة تماما للتغيير في ضوء الوتيرة البطيئة للاصلاح الاقتصادي وتنامي الادراك بتراجعها أمام الاقتصاديات المتقدمة الاخرى والاسواق الناشئة. وفشلت محاولات الحكومة تنفيذ بعض الاصلاحات ومن بينها عقد يهدف الى تسهيل اجراءات توظيف وفصل العاملين من الشبان وذلك بعد احتجاجات واسعة النطاق. وانتخب الرئيس الحالي جاك شيراك وسلفه الاشتراكي فرانسوا ميتران في محاولتهما الثالثة لاحتلال مقعد الرئاسة. وجعل هذا بعض المحللين يقول إن فرنسا تفضل أن يقاسي المرشحون قبل فوزهم بمنصب رئيس الدولة. وفي عام 2007م من المرجح ان يكون المنافس الرئيسي لرويال هو وزير الداخلية نيكولا ساركوزي الذي يخوض أول محاولة لدخول قصر الاليزيه. ويقول معاونو ساركوزي في الجلسات الخاصة انه كان يفضل ان يواجه رجلا. وتبدو فرنسا أكثر استعدادا لقبول تولي سيدة منصب الرئيس وستستغل رويال ذلك في الاشهر المقبلة. وكتبت صحيفة ليبراسيون التي تميل نحو اليسار الجمعة: "أخيرا اصبحت امرأة في وضع يؤهلها للفوز بانتخابات الرئاسة". وكتبت الصحيفة في مقال افتتاحي: "قيل لها ان تعود الى المطبخ فحولت نقطة ضعفها الى نقطة قوة". واثبتت رويال انها لا تعتمد على انوثتها فحسب فقد اشار كثيرون ممن ينتقدونها لضعف شعبيتها ولكنها كشفت عن امتلاكها موهبة نادرة وهي القدرة على الوصول للناخبين واستخدام لغة يفهمونها.. وقال مارييت سينو مديرة مركز الابحاث السياسية في فرنسا: "يحبها المواطنون ليس لانها "امرأة" بل لانها "امراة" أيضا، تتحدث باسلوب يشبه أسلوب المعلم كثيرا. تتحدث ببطء وتستخدم كلمات بسيطة ولا تخشى تناول الموضوعات المحظورة بالنسبة لليسار".