الأسواق المحلية تشهد أزمة خانقة في مادة غاز الطبخ
صنعاء / عبدالودود الغيلي- تصوير / هادي الشبوطي :أزمة خانقة تشهدها الأسواق المحلية في مادة الغاز المنزلي ما إن تنتهي حتى تظهر من جديد متزامنة مع حركة أكثر نشاطا للسوق السوداء التي تتوفر فيها أسطوانات الغاز المنزلي بأسعار تتجاوز ما نسبته 120 بالمائة من السعر الرسمي المحدد للأسطوانة الواحدة.المشكلة ليست بسبب عدم وجود مخزون إحتياطي من تلك المادة أو نتيجة تقصير أو إهمال من قبل الشركة اليمنية للغاز.. كما أنها ليست نتيجة إرتفاع الطلب جراء الإستهلاك المشروع، أو بسبب التقطع الذي شهده خط مأرب - صنعاء من قبل بعض أفراد القبائل . المشكلة وبحسب ما كشفه التزول الميداني لوكالة الأنباء اليمنية /سبأ/ إلى مختلف معارض بيع الغاز المنزلي في العاصمة صنعاء ومواقع شركة الغاز اليمنية تكمن في السوق السوداء وضعف عمليات الرقابة على بيع المادة في الأسواق من قبل الجهات ذات العلاقة بقضايا المواطنين.[c1] التقطع والمخزون الإحتياطي[/c] شهد خط مأرب - صنعاء خلال يناير 2009 سبعة تقطعات لعبت دورا كبيرا ليس فقط في إختلاق الأزمة ولكن أيضا في إستنزاف الشركة للمخزون الإحتياطي لأمانة العاصمة فضلا عن حرمان العاصمة من حصتها اليومية من الغاز المنزلي الذي يتم إستقباله يوميا من محطة صافر في مأرب بنحو 46 ألف أسطوانة كون تلك الحصة يعاد حقنها إلى باطن الأرض إذا لم تتسلمها العاصمة.وبحسب شركة الغاز فإن الإحتياطي المخزون من أسطوانات الغاز المتوفر في مواقعها بذهبان وأرتل والصباحة يتجاوز نحو 45 ألف أسطوانة ويتم اللجوء إلى هذا المخزون الإحتياطي عند حدوث أي إختناقات .ويتم تعويض ذلك الإحتياطي كما أفاد مسئولو الشركة خلال الأيام العادية أوعند وصول أي شحنات مساعدة من الدول الشقيقة وخاصة المملكة العربية السعودية ...متوقعين وصول الشحنة الثامنة من المعونة السعودية من مادة الغاز في 31 يناير الجاري وهي تحمل على متنها نحو 250 ألف أسطوانة غاز منزلي. [c1]استمرار الاختناقات واختفاء الكميات[/c] اللافت هذه الأيام أن الشركة وعلى الرغم من لجوئها للمخزون الإحتياطي لرفد السوق المحلية بكميات هائلة من أسطوانات الغاز المنزلي على مدى العشرة الأيام الماضية لم تتمكن من القضاء أوالتخفيف من حدة الأزمة ...الأمر الذي يجعلنا نتساءل .. أين تذهب كل تلك الكميات؟؟؟ توضح بيانات الشركة إنها تقوم خلال هذه الأيام بتغذية الأسواق المحلية بكمية تتجاوز 45 ألف أسطوانة غاز بشكل يومي كما في تقريرها ليوم 25 يناير 2009 والذي تم فيه رفد السوق المحلية في العاصمة صنعاء بـ 45 ألف و987 اسطوانة. وبالنسبة للأيام العادية أوضحت البيانات أن الشركة تقوم بتغذية الأسواق بكميات تصل إلى 38 ألف أسطوانة غاز منزلية كما في تقريرها ليوم الخميس الـ25 ديسمبر 2008 والذي تم فيه رفد السوق بـ 38 ألف و326 أسطوانة.[c1]آلية التغذية للسوق المحلية [/c]تمتلك الشركة 35 معرضا لبيع الغاز المنزلي في أمانة العاصمة تقوم بتغذيتها يوميا إلى جانب معارض البيع التابعة للقطاع الخاص فضلا عن تلبية طلبات أمناء المجالس المحلية في مختلف المديريات بتوفير كميات لأبناء مديرياتهم.تبدأ عملية توزيع مادة الغاز منذ الساعة السادسة من صباح كل يوم حيث تخرج الشحنات من مواقع شركة الغاز في كل من ذهبان وأرتل والصباحة محملة بكميات هائلة من أسطوانات الغاز المنزلي ليتم توزيعها على جميع المعارض العامة والخاصة.يقول عبدالله بادي مدير إدارة موقع ذهبان نقوم يوميا بتجهيز 4 - 5 شاحنات بكميات من اسطوانات الغاز المنزلي لتغذية معارض الشركة المتواجدة في نطاق المديريات المحددة للموقع وفي الأيام العادية فإننا نقوم بتجهيز شاحنتين الى ثلاث شاحنات فقط كل يومين أو ثلاثة أيام .ويضيف وإلى جانب تغذيتنا لمعارض الشركة والمعارض الخاصة فإننا نتلقى التوجيهات من عمليات الشركة بتجهيز شاحنة إلى شاحنتين وإيصالها إلى بعض المديريات وذلك بناء على طلب مسئولي المجلس المحلي فيها.وقال « نحن لا نقوم بشكل متواصل بعملية الرقابة على بيع ما تتضمنه تلك الشاحنات من أسطوانات غاز أو حتى على عملية البيع في معارضنا لأن الشركة منحت مسئولي المجالس المحلية في جميع المديريات صلاحيات واسعة كتغيير أمناء معارضنا بعد التواصل مع الشركة أو طلب كميات إضافية من أسطوانات الغاز بحيث يكونون هم المسئولين عن عملية البيع والرقابة». من جانبه يقول مدير إدارة مخزون الغاز بموقع أرتل بجنوب أمانة العاصمة إبراهيم سعيد غالب «يبلغ حجم المخزون الإحتياطي في الموقع نحو عشرة الآف أسطوانة ويوميا تصل إلينا مقطورة إلى مقطورتين من حصة الأمانة، واستهلاكنا في الأيام العادية لايتجاوز 3 الآف أسطوانة غاز».ويضيف لدينا معرضان نقوم بتغذيتهما بأسطوانات الغاز المنزلي وأحيانا يتم الاستعانة بنا في تغذية عدد من المعارض الأخرى يصل عددها إلى 11 معرض خاصة أثناء الإختناقات، ويغذي الموقع السوق يوميا ما بين 200 - 300 أسطوانة في الأيام العادية ولكن في هذه الأيام إرتفعت الكمية إلى 600 أسطوانة غاز خاصة للمعارض المزدحمة .وفيما يشير إلى أن عملية التوزيع اليومية من الموقع تبدأ من الساعة السادسة صباحا .. يؤكد غالب أن جميع المعارض تكون وبحلول الساعة التاسعة صباحا معبأة بأسطوانات الغاز .وقال « وبين حين وآخر نقوم بعملية تفقد لتلك المعارض ومعرفة مدى الإزدحام القائم واحتياجاتها وان تطلب الأمر نقوم بتعزيز المعارض مرة ثانية بكمية إضافية من أسطوانات الغاز،وبعد الظهر نقوم بعملية البيع المباشر عبر خطط يتم وضعها وبعد اتصالات نتلقاها من أمناء المجالس المحلية في المديريات» .وأضاف .. وفضلا عن ذلك نقوم بعملية البيع المباشر لضمان وصول أسطوانة الغاز المنزلي إلى يد المستهلك.ولفت مدير موقع أرتل إلى دور المجالس المحلية في مديريات الأمانة في تحقيق الإستقرار التمويني ... وقال « دور المجالس المحلية غائب تماما إلى حد كبير جدا في محاربة السوق السوداء التي تتسبب كثيرا في حدوث الإختناقات التموينية».[c1]غرفة العمليات وتلبية الطلبات المحلية[/c]تتلقى غرفة العمليات بشركة الغاز العديد من الإتصالات من مسئولي وأعضاء المجالس المحلية في مديريات أمانة العاصمة تتعلق بطلب توفير كميات من أسطوانات الغاز المنزلي .وفي هذا الصدد يقول مدير إدارة العمليات بالشركة محمد غالب أن الغرفة تقوم بتوجيه مواقع الشركة بتجهيز شاحنة وإرسالها إلى المديرية التي تم التنسيق مع مسئوليها، لتلبية إحتياجات مديريتهم من مادة الغاز المنزلي.. مبينا ان غرفة عمليات الشركة تعمل على مدار الساعة وتتلقى الشكاوى من اي مواطن عبر الاتصال على الرقم 533303 .ويضيف ولضمان وصول الشاحنة إلى المنطقة أو المديرية المحددة تم إعداد قسيمة إستلام وتسليم يتم التوقيع عليها من قبل سائق الشاحنة محددين فيها عدد الكمية والمنطقة المستهدفة وأسم مسئول المجلس المحلي الذي سيتولى عملية الإستلام الذي بدوره يقوم بالتوقيع على القسيمة .وقال « وفي حال تسلم مسئول المجلس المحلي للشحنة فإنها تكون تحت مسئوليته ليشرف عليها ويراقب عملية البيع المباشر لأبناء مديريته إلى حين الإنتهاء من بيع أخر أسطوانة في الشحنة». ويشير إلى أن الشركة تعمل على تلبية الإحتياجات للمديريات بحسب طلب مسؤولي المجالس المحلية فيها وبالتالي فإنه / وكما يقول / من غير المعقول أن تتولى الشركة عملية الرقابة على البيع.وأضاف نحن نقوم بالرقابة على أمناء معارض الشركة من حين إلى أخر للتأكد من عدم وجود أي تلاعب من قبلهم.. ومن جهة ثانية منحت الشركة أمناء المجالس المحلية في مختلف مديريات العاصمة صلاحيات واسعة منها تغيير أمناء المعارض في مديرياتهم وذلك بالطبع عبر مذكرة رسمية من قبلهم إلى الشركة بهذا الشأن وتقوم الشركة على الفور بتغيير أمين المعرض في أي حي أو مديرية كانت» .[c1] مشاهد حية من السوق السوداء [/c]في حي مسيك بمديرية نقم وبجوار معرض بيع الغاز المنزلي رقم // 10 // توجد بقالة صغيرة تصطف امامها عدد من اسطوانات الغاز معروضة للبيع بسعر ألف ريال للأسطوانة ، ومن بين الزحام الشديد على المعرض عرض علينا أحد المواطنين خدمة توفير أي عدد من الأسطوانات الغازية ولكن بشرط دفع ألف ريال مقابل كل أسطوانة .وفي نفس المديرية وبجوار معرض الغاز رقم //5// بجانب جامع الصادق أحد المواطنين يقوم ببيع أسطوانات غاز بعد شرائها من المعرض، وبسعر اعلى من السابق يصل الى 1200 ريال للاسطوانة الواحدة .وتتكرر نفس المشاهد في عدد من احياء الامانة ففي حي المصلي بمديرية السبعين وبالقرب من المعرض رقم //29// يوجد مركز إتصالات بداخله أسطوانات غاز منزلي معروضة للبيع وبسعر السوق السوداء والتي تتراوح بين الف الى الف ومائتين ريال..وفي حي الجراف مديرية الثورة أصطف العشرات من الأطفال لشراء أسطوانات الغاز بسعر 500 ريال لصالح بائع متجول يمتلك دباب نقل صغيراً، يقوم بتسويقها بطريقته الخاصة.هذه مشاهد حية للسوق السوداء التي غزت مختلف مديريات العاصمة في ظل الإهمال والتقصير من قبل الجهات الرقابية المعنية وأمناء وأعضاء المجالس المحلية الذين يمتلكون صلاحيات واسعة من شركة الغاز، في ايقاف هذا العبث بمادة الغاز ومنع استغلال احتياجات الاسر لهذه المادة الحيوية والهامة.