في ندوة "ماذا بعد مؤتمر المانحين "
[c1]الأرحبي : القطاعات الإنتاجية غير النفطية الضمانة لتحسين مصادر الدخل القومي العسلي : الأفضل عدم تشتيت دعم المانحين على استثمارات صغيرة يمكن تمويلها محليا [/c]
صنعاء / سبأ :انعقدت أمس بصنعاء ندوة موسعة تحت عنوان : "ماذا بعد مؤتمر المانحين .. النتائج وآليات التنفيذ " نظمتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي بالتعاون مع صحيفة 26سبتمبر ، بحضور الأخ عبد القادر باجمال ، رئيس مجلس الوزراء ، ومشاركة عدد من الوزراء وأعضاء مجلسي النواب والشورى ونخبة من الأكاديميين والمختصين بوزارة التخطيط ورجال المال والأعمال وعدة جهات مختصة أخري.وفي مستهل الندوة ألقى عبد القادر باجمال ، رئيس مجلس الوزراء ، كلمة استعرض فيها الخلفيات التاريخية لنشوء منظومة التعاون الدولي وتقاليد عقد مؤتمرات للمانحين بهدف حشد مصادر التمويل من قبل الدول الغنية لدعم توجهات التنمية في الدول الفقيرة كحق مشروع أقرته منظومة العلاقات الدولية والإنسانية.وأشار رئيس الوزراء إلى انه في أثناء الحرب الباردة واحتدام الصراع الذي كان يدور على جناحي هذا الكوكب بين الاشتراكية والرأسمالية والجغرافية الشمالية والجنوبية حيث دارت المعارك فوق قلوب الناس وعقولهم واضلعتهم ليضحي الإنسان هو الميدان الحقيقي والواسع لعملية الصراع بغض النظر عن كون هذا الصراع تحت أيدلوجية اشتراكية أو أيدلوجية رأسمالية ".وأوضح أن ثمة جدل قد تولد وأثير على نطاق واسع حول أحقية الدول الفقيرة في الحصول على دعم الدول الغنية وأن مباراة كلامية موجودة في أروقة الأمم المتحدة وعلى وجه الخصوص نجدها في اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي السنوية تنعكس بهذا القدر او ذاك على هذه الحرب التي اطلق عليها باردة.وقال " تماوجت الأشياء وتلاطمت الأمواج في ذات الوقت كان خطابا يقول إن على الدول أن تخصص جزءا من موازناتها السنوية أو من مواردها أو من إجمالي الناتج القومي لصالح البلدان الأقل نموا ثم لصالح البلدان النامية ، كانت مباراة كلامية لكن في نهاية المطاف العطاء الحقيقي في المساعدات التنموية لا يذهب إلا على قواعد سياسية و أيدلوجية ولا يذهب على قواعد إنسانية بالمطلق وينبغي أن ندرك هذه المسالة إدراكا جيدا وان لا نتعامل مع الأشياء بعواطفنا ولا نفكر فيها بعقول ساخنة لان العقول الساخنة لا ينتج عنها إلا كل حماقة ذلك إننا إذا فكرنا في الأشياء بعقل بارد وقلب دافئ ويد نظيفة سوف نقترب من الحقيقة ونصل إليها لكنها ليست كل الحقيقة ولن يدعي احد انه يمتلك الحقيقة"واضاف باجمال " نحن عشنا ظروف الحرب الباردة وانتقلنا من شطرية إلى وحدوية ومن اشتراكية إلى شمولية ومن شمولية إلى مقاربة مع الرأسمالية ، لكننا مضينا في هذا الأمر رغم كل الصعوبات ولم يكن الاقتصاد الوطني في اليمن بالاقتصاد الذي يستطيع أن يبرهن على أي شي لا أيدلوجية باتجاه الاشتراكية أو الرأسمالية ولا ماديه باتجاه أن يكون قريبا بعض الشيء من جيرانه". وتطرق رئيس الوزراء إلى ما قطعته اليمن من أشواط لإعادة ترميم علاقاتها مع محيطها العربي والدولي وبخاصة بعد تداعيات حرب الخليج الثانية التي اندلعت في العام 1990م ، وقال : " عندما بدأنا برنامجنا الاقتصادي كانت علاقاتنا مع البنك الدولي تكاد تكون مقطوعة ومع الصندوق العربي ومع صندوق الكويت وأبو ظبي بسبب التداعيات التي نجمت عن حرب ما بعد 1990م وليس صدفة أن تنشا بعد حرب باردة حرب أخرى لان الحرب تلد أخرى كما يقول احد الكتاب".وأضاف "كان التحدي كيف نبدأ ونحن مقطوعين بهذا الشكل انقطاع سياسي واقتصادي وتنظيمي.. وأدركنا أن المفاتيح كلها تبدا بالسياسة وبدأنا بالمفاوضات مع السعودية لإنهاء مشكلة الحدود ووقعت مذكرة تفاهم عام 95م وبدأنا بالتفاهم وصولا إلى التوقيع على اتفاقية الترسيم النهائية للحدود بجده في العام 2000م لتنفتح لنا عوامل أخرى ساهمت في استتباب الأوضاع بيننا مع الأخوان في الخليج ".واستعرض رئيس الوزراء تطورات ومتغيرات الأوضاع ما بين أول مؤتمر للمانحين في لاهاي ومؤتمر لندن قائلا "في مؤتمر لاهاي كان /كوب فايزر/ نائب رئيس البنك الدولي قد جاء إلى اليمن بصعوبة بالغة وأعلن أنه لن يتعامل مع هذه الحكومة إذا لم يكون هناك انقلاب كلي ، وحاولنا إعادة التوازن في علاقاتنا مع البنك الدولي لاسيما أن عملية القدرة الاستيعابية من البنك لم تتجاوز الـ 28مليون دولار فقط ،وبادرنا بإلغاء حوالي 36 مليون دولار من المشروعات الزراعية في المناطق المختلفة من الجمهورية ، وقرأنا ماذا يريد البنك الدولي وتوصلنا إلى أنهم يريدون ثلاث مراحل .. الأولى التوازن والثانية التوازن وإعادة الهيكلة والثالثة إصلاحات شاملة .وأضاف : " وبدأنا نتحرك من 28 مليون إلى 60 مليون ثم إلى 80 مليون مع البنك الدولي وحينها تحرك معنا صندوق النقد ودفع حوالي 180 مليون والوضع في الخزانة العامة مفلس وليست لدينا قطع أجنبية لدعم الموازنة العامة وحصلنا على 70 مليون دولار كقرض من صندوق النقد العربي بدأنا نرمم الوضع الاقتصادي تدريجيا والذي سبقه بالضرورة ترميم سياسي وهذا بديهي لأنه لا احد يعطيك إن لم يكن مرتبط معك بعلاقات سياسية جيدة"وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى الفوارق الكبيرة من حيث حجم التوسع الذي شهدته علاقات اليمن بمحيطها العربي والخارجي ، في الفترة مابين أول مؤتمر للمانحين عقد في لاهاي وبين المؤتمر الأخير في لندن ، وقال : " أرى إن حجم التطور الذي حصل في علاقاتنا بالآخر والتطور في بنية الاقتصاد اليمني الذي انتقل من أن لا يكون لديه أكثر من 90 مليون دولار في البنك المركزي إلى 7.3 مليار دولار احتياطي نقدي ،إنما هي صورة كبيرة ليست عادية ولا للمزايدة اوالمناقصة وإنما للتمعن والبحث الحقيقي" وأضاف " تعرضنا في لاهاي لنفس الموجة من الاعتراضات على المانحين وحصلنا على 510 مليون دولار لتغطية العجز الموجود لكن الهدف الأساسي كان ترميم الجسور بيننا وبين العالم وهو مهم لكن اليوم هدفنا آخر نريد المال لأن لدينا مشاريع جاهزة ومدروسة ".وأوضح باجمال أن ثمة أجواء مفعمة بالايجابية مثلت الإرهاصات الايجابية السابقة لعقد مؤتمر لندن للمانحين الذي عقد بعد حوارات طويلة ومثمرة بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي ، وقال : " توالت مؤتمرات المانحين ..لكن ما هو الشكل الجديد والمنحى الجديد والمزاج الجديد الذي انعقد في أجواءه مؤتمر المانحين بلندن ؟ أن المؤتمر الأخير جاء بعد حوارات طويلة بين اليمن و مجلس التعاون الخليجي الذي تجاوز مسالة معينة في مفهومه للموقف اليمني من جهة ومن جهة أخرى في قدرته على استيعاب اليمن ضمن منظومته .وأضاف : " إننا اليوم لا نتحدث عن مانحين بالنسبة للخليج لأنهم شركاء ، والشراكة أصبحت اليوم هي اللغة المعتمدة بين الجانبين" . وأشاد رئيس الوزراء بجهود قمة الدبلوماسية اليمنية ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية في إعادة الاعتبار لعلاقات اليمن بجيرانها والعالم .وقال " إن نجاح الرئيس علي عبد الله صالح في إقامة جسور قويه مع جيرته والعالم أسهم في التسريع بعملية ترميم علاقات اليمن بمحيطها الإقليمي والدولي كما استطاعت اليمن في تعاملها الديمقراطي أن تحقق نقاط ممتازة في العملية الانتخابية الأخيرة والتي جاءت متزامنة مع موعد عقد مؤتمر لندن للمانحين باعتبارها جزء من الانجاز اليمني على صعيد تحقيق علامات متقدمة في الشفافية والإصلاحات وحرية الصحافة ."وأضاف : " وفي الجانب الآخر استطاعت اليمن أن تسجل علامات بارزة في مواجهة الإرهاب الذي برز كظاهرة عالمية كانت اليمن من أوائل الدول المتأثرة بأخطار هذه الظاهرة باعتبارها ظاهرة دولية ".وتطرق رئيس الوزراء إلى متطلبات ما بعد مؤتمر لندن وكيفية جعله مؤتمرا دائما وليس موسميا وبحيث لا يكون مجرد ظاهرة سياسية أو صحفية أو دعائية ، وقال " المسالة الآن ما دام موجود شركاء فيجب أن تخبر الشريك وتشركه في ترتيب أوضاعك " مؤكدا أن استعانة الدول الفقيرة بالدول الغنية لدعم مقدراتها التنموية لا يمكن أن يكون نوعا من الاستجداء وإنما استعادة حق من هذه الدول والتي استعمرت واستفادت من خيرات شعوبنا على مدى مئات السنين .. مبينا انه وفيما يتعلق بتنفيذ المشاريع الممولة خارجيا فان هناك تجارب سابقة يمكن الاستفادة منها مثل مكتب الكويت والمكتب السعودي ومكتب المنظومة الأوروبية وهي تجارب يمكن أن نضيف إليها ما نستطيع مستفيدين من العوامل الجديدة بما في ذلك استقدام الخبرات الدولية من الشركات المتخصصة لعمل الدراسات والاستشارات لافتا إلى انه قد تم الاستعانة بشركتين بريطانية وأمريكية لمراجعة قانون المناقصات الجديد ...مؤكدا إن هذا ليس فرضا استعماريا بل حاجة لكي تطور قوانينك أو تشريعاتك وتلبي الرغبة لدى الأخر الذي نرغب في الشراكة معه. قال " ما دمنا نريد هذه الشراكة فيجب أن تكون شروطها متناسبة بين الشركاء دون فرض من احد بل نتوازن ونتفاهم ونتوافق .. ونحن منفتحون على كافة الحوارات والقضايا الجديدة والمستجدة". من جهته اعتبر عبد الكريم إسماعيل الارحبي ، وزير التخطيط والتعاون الدولي أن نجاح مؤتمر لندن للمانحين يؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة بين اليمن ومجتمع المانحين مشيرا إلى أن هناك هدفين أساسيين من وراء عقد مؤتمر لندن التشاوري مع المانحين يتمثلان في توسيع قاعدة المانحين التقليدين لليمن وتعزيز الشراكة والاستفادة من خبراتهم إضافة إلى توفير الدعم اللازم لسد الفجوة التمويلية لتمويل مصفوفة المشاريع التنموية التي تضمنها البرنامج الاستثماري لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة .وأكد الوزير الارحبي أن صورة اليمن في المحافل الخارجية تحسنت كثيرا نتيجة الجهود المبذولة على صعيد تنفيذ الأجندة الوطنية للإصلاحات وتوسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار وضمان الحقوق المشروعة لحرية الصحافة مطالبا بتضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص لضمان مناخات أفضل للاستثمارات وتنشيطها بما يمكن مكن توفير بدائل ملائمة للنفط الذي تعتمد علية موازنة الدولة بنسبة 70بالمائة والمهدد بتناقض الإنتاج كونه من مصادر الطاقة الغير مستدامة .وأشار إلى أن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة ركزت على القطاعات الانتاجية غير النفطية بشكل كبير باعتبار هذه القطاعات هي الضمانة الأمثل لتحسين مصادر الدخل القومي .فيما قدم الدكتور سيف العسلي وزير المالية مقترح بالاستخدامات المناسبة للدعم المتوقع من المانحين لليمن ، مشيرا إلى أن اليمن تحتاج إلى عدد من المشاريع الإستراتيجية لتحديث اقتصادها ليكون قادرا على خلق وظائف جديدة ومصادر دخل جديدة كبديل للنقص المحتمل في إنتاج النفطوقال " من أهم هذه المشاريع توليد ما لا يقل عن 2000 ميجاوات من الكهرباء باستخدام الغاز وتعليم مالا يقل عن مليون شخص في التعليم الفني والتدريب المهني خلال الخمس السنوات القادمة ، وكذا تطوير المنطقة الحرة بعدن خلال الثلاثة سنوات القادمة وتكرير ما تحتاجه البلاد من المشتقات النفطية والقضاء على التهريب وتطوير الجزر لاستغلالها سياحيا"..موضحا إن من الأفضلية لليمن تركيز معظم الدعم المتوقع من المانحين لهذه المجالات وعدم تشتيتها على استثمارات صغيرة يمكن تمويلها محليا.واقترح وزير المالية تخصيص المنحة السعودية بكاملها لقطاع الكهرباء والدعم القطري لقطاع التعليم الفني والمنحة الإماراتية لتنمية المنطقة الحرة بعدن، والقروض الكويتية لإقامة مصافي لتكرير النفط الخام والمعونة العمانية لمكافحة التهريب.وأشار إلى أن الدعم المقدم من المانحين الآخرين والمنظمات الدولية يتم تخصيصه وفقا لما هو جاري حاليا في مجالات التعليم الأساسي والثانوي والعالي والطرق والمياه والصحة وغيرها من المجالات. ومن جهته قدم احمد محمد صوفان عضو مجلس النواب مداخلة ركز فيها على تقديم عرض تحليلي لنتائج اللقاء التشاوري للمانحين بلندن وأهميته بالنسبة للاقتصاد اليمني والمساعي الرامية للانضمام إلى منظومة دول مجلس التعاون الخليجي ...مشيرا إلى أن اليمن نجحت بفضل تطبيقها للأجندة الوطنية للإصلاحات في توسيع نطاق شراكتها مع مجتمع المانحين ولفت صوفان إلى أن اليمن كانت تعتمد وبشكل رئيسي على المعونات الخارجية في تسيير دفة اقتصادها الوطني إلا أنها تمكنت من تقليل اعتمادها على ذلك بفضل إيجاد مصادر تمويل محلية بالاعتماد على عائدات النفط ...منتقدا سلبية المعارضة في التعاطي مع القضايا المتعلقة بمقدرات التنمية وعدم استجابتها للدعوات الحكومية المتكررة في المشاركة في إعداد الخطة الخمسية الثالثة وغيرها من الخطط التنموية الحكومية.من جهته أكد الدكتور يحيى المتوكل نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي إن الإعداد الجيد لمؤتمر المانحين كان وراء النتائج الايجابية التي خرج بها .. مشددا على أهمية تعزيز الشراكة بين اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي وبما يكفل تحقيق الهدف المنشود بالانضمام الكامل إلى دول مجلس التعاون الخليجي لتحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة .ولفت المتوكل إلى حرص الحكومة اليمنية على استغلال موارد التمويل التي حصلتعليها اليمن من المانحين بتنفيذ مقررات الخطة الخمسية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية .وكلاء وزارة التخطيط والتعاون الدولي من جانبهم استعرضوا في مداخلات متفرقة نتائج مؤتمر المانحين والآليات المتعلقة بتنفيذ مقرراته ، وتطرقوا إلى مصفوفة المهام والآليات للتسريع في تنفيذ المشاريع واستيعاب المساعدات والقروض الجديدةوالفترات الزمنية المحددة للتنفيذ.وابرز الوكلاء كلا في مجال اختصاصه الجهود التي قامت بها الوزارة بعد مؤتمر المانحين للتنسيق مع الجهات المعنية لتطبيق مقررات المؤتمر وفق الآليات المعدة.. منوهين إلى ضرورة التقيد بالبرنامج الاستثماري المعد وفقا لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية .وتخلل الندوة تقديم عدد من المداخلات من قبل الإخوة ياسر العواضي عضو مجلس النواب واحمد الاصبحي ومحمد الطيب وحسين المسوري اعضاء مجلس الشورى ونبيل شيبان مدير عام التعاون الدولي مع اوروبا والأمريكيتين وعبد السلام الاثوري أمين عام المجلس اليمني لرجال الأعمال والمستثمرين تمحورت حول مناقشة بعض الجوانب المتعلقة بتنفيذ مقررات مؤتمر لندن للمانحين وبما يكفل تحقيق الأهداف الإنمائية للخطة الخمسية وتعزيز اطر الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني من جهة واليمن ومجتمع المانحين من جهة أخرى.