أضواء
قصة نقل مجموعة من “التربويين” إلى خارج وزارة التربية والتعليم لدوافع إدارية ارتأتها الوزارة للمصلحة العامة أخذت أبعاداً أكبر من حجمها، وخرجت عن نطاق الرأي والرأي الآخر، بل وصل بالبعض إلى رفع شكاوى ضد الوطن من خلال الاتصال بالمنظمات التي لا علاقة لها بهذا الإجراء الإداري الذي يتخذه أي مسؤول في مؤسسته وفق المصلحة المرعية. فالأمر كله يؤخذ في إطار مؤسسي عام، وهذا الإجراء نافذ على مدار العقود الماضية وليس شيئاً يخص الإمارات دون غيرها من المجتمعات.إذا كان بعض مربيي الأجيال لم يرتقوا بأنفسهم تربوياً وينحوا بأنفسهم عن الجانب الشخصي الذي فسره البعض بمحاكمة فكر هؤلاء إدارياً، فلو كان الأمر كذلك، فإن وجود هذه المجموعة في أي مؤسسة أخرى لا يخدم المصلحة العامة للوطن.كمتابع للشأن المحلي يقرأ يومياً قرارات سيادية أو إدارية في بعض الدرجات العليا من الوظائف لنقل هذا الموظف مهما كان شأنه إلى ذلك المكان وإحالة آخر إلى التقاعد وغيرها من الإجراءات الفنية والإدارية، فلم نسمع من أحدهم شكوى يرفع بها صوته عن ظلم ناله أو حيف أصابه، فلماذا هذه المجموعة التربوية وجدت نفسها في خانة أخرى ولم تدع باباً إلا وطرقته، علماً بأن ما جرى في التربية قد يحدث في أي مؤسسة أخرى، ولكن دون أن نسمع عويلاً أو صراخاً لا يمت إلى أصل التربية بصلة، فهؤلاء أولى بحفظ ماء وجه الوطن وعدم إهداره بأبخس الأثمان.آن لهذا البعض أن يعيد للوطن حقه في التعامل مع الداخل وإلا فإنهم يفتحون بذلك باباً على أنفسهم لا قبل لهم بغلقه ويدخلون عوامل غير موضوعية إلى قضيتهم الإدارية دون مبرر يسمح لهم بحقوق يلوحون بها للخارج، وهذا أخطر ما في الأمر عندما تتداخل مسارات التعامل مع شأن محلي والاستقواء بالآخرين من خارج الوطن، فلمصلحة من يشكو هؤلاء “الوطن” كله إلى من لا يملك فيه فرضاً ولا حقاً لمحاكمته من الخارج.ولا ينكر أحدٌ يملك نزراً يسيراً من الإنصاف على أننا نعيش في دولة يتمتع قادتها بالعقل الرشيد والرأي السديد، فلم يغلقوا يوماً باباً على أحد، ويحضرنا هنا مقولة نائب رئيس الدولة في إحدى مقابلاته الصحفية عندما سُئل عن رقم هاتفه المتحرك كي يقوم أي مواطن برفع حاجته إليه، فرد قائلاً: بأن رقم الهاتف لديه لم يتغير منذ أكثر من عقد، وذلك حتى لا يصعِّب على الناس سبل الاتصال به في أي وقت شاءوا.فمن كانت قيادته بهذا المستوى من التواضع والتواصل مع المواطن، فهل يستحق من هذه الفئة أن ترفع سماعة الشكوى إلى غير قيادته للشكاية المضادة، أهذه السلوكيات غير التربوية تليق بمن هذا شأنه في تربية الأجيال من أجل رفع شأن هذا الوطن المعطاء بدلاً من تعرضه للقيل والقال في المسارب الخارجية التي لا علاقة لها بترقية موظف في دائرة أو وقف علاوته الدورية لأسباب فنية متعلقة بالعمل.فهل هذا التصرف جزء رصين من العمل التربوي الذي يتم دسه في عقول أبنائنا الصغار الذين لا يدركون حقيقة بعض الإجراءات الإدارية التي لا علاقة لها بالتدريس أو التعليم، فهلا يبعد هؤلاء تلك الآلية عن أجندة التربية الحقة؟!إن للوطن علينا حقوقاً جمة وليس من ضمنها “العقوق” التي نالت من شأن الوطن بتصرفات غير مدروسة لشريحة يُفترض أن تكون أرفع من ذلك بكثير، فهم من المفترض القدوة لغيرهم، ولكن من الناحية العملية فالاقتداء بمثل ما قاموا به لا يسر إلا العدو. وبما أن الدولة ليس لها أعداء يتربصون بها، فلماذا يريد هؤلاء خلقها لأسباب واهية لا تستدعي ذلك ولأجندة مَنْ؟![c1]* صحيفة(الاتحاد) الاماراتية[/c]