عدن/ إعداد : مهجة احمد/ الية بجاش / سحر الشعبيلعبت المرأة اليمنية دورا مشرفا في مراحل الكفاح الوطني المسلح ضد الاحتلال البريطاني الذي شهده جزء غالٍ من الوطن، وبفضل نضالها الدؤوب والمضني استطاعت الانسلاخ تدريجيا من عباءة الأعراف والتركة المتخلفة الموروثة من قبل الاستعمار المستبد، لتكون إلى جانب أخيها الرجل في مراحل الكفاح المختلفة ضد هذا الاحتلال. فالمرأة اليمنية عاشت ردحا طويلا من الزمن تعاني أعتى أشكال وأصناف الاضطهاد والاستبداد والظلم حيال واقع اقتصادي واجتماعي مغلوب على أمره بسبب ممارسات قوى الاحتلال الغاصبة لخيرات البلاد وثروات أراضيه. كان نتاجه ثورة الشعب الغاضبة على تلك الانتهاكات والضغوط التي كانت بمثابة سوط للاستغلال والاضطهاد للشعب اليمني في جنوبه الذي سجل من خلالها الشعب منطلقا من قوة إرادته وتصميمه أروع صفحات النضال المسلح الوطني وأقدسها. لقد شاركت المرأة اليمنية بكل ما تمتلك من طاقات وإبداع جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل وقدمت نماذج لذلك الوفاء والإخلاص لقضيتها في عدة مواقف وأحداث كانت بداية طريق قطعته المرأة لتحقيق طموحها ورغبتها في الحصول على الحرية ونيل الاستقلال. وقد اتخذ العمل السياسي للمرأة في الأحزاب أشكالا مختلفة منها تواجدها في منظمات مع الرجال أو تواجدها في منظمات نسائية حزبية بالكامل ضمن الحزب أو تواجدها في منظمة نسائية حول الحزب. فكانت المرأة ممثلة بالقطاع النسوي التابع للجبهه القومية وجبهات التحرير والتنظيم الشعبي لها دورا ملموسا في الدفاع عن أراضيها التي جثم المحتل البريطاني البغيض عليها طوال /129/ عاما حملت فيها السلاح وقادة المسيرات والمظاهرات كما عملت على نقل المؤن العسكرية والفدائية وتوزيع المنشورات وايواء الفدائيين والقيام باعمال فدائية متعددة أججتها مشاعرها الوطنية وولائها لأراضيها الطاهرة .
إن قائمة المشاركات في المسيرة الكفاحية ضد الاستعمار طويلة جداً وإذا عدنا لصفحات تاريخ العمل الوطني لأفضى صور ونماذج لشخصيات نسويه تركن بصمة واضحة وسجلن حضوراً وطنيا في كل المعارك وعلى مختلف الجبهات والأشكال من مسيرة حياتهن النضالية في سلسلة مراحل الثورة اليمنية لذكرى الواحد والاربعين من نيل الاستقلال في ثلاثين نوفمبر عام 1967م تبيض صفحات وضاء من مسيرة مناضلات ومؤسسات الحركة النسائية انذاك. [c1]نجوى مكاوي[/c]كانت نحوى مكاوي قيادية وتنظيمية كبيرة في الجبهة القومية سجلها حافل بالمنجزات والتضحيات التي قامت بها كان لنشأتها وتربيتها في كنف عائلة معروفة من ابرز العائلات في عدن المشهود لها بالعمل الوطني والنضالي الاثر البالغ في تشكيل الوعي والحس الثوري ضد قوات الاحتلال. كانت مكاوي عضوة فاعلة في تنظيم الرابطة التابعة للجبهة القومية مع عدد محدود من زميلاتها, وشهدت مواقف ولحظات صعبة مرت بها خلال مسيرتها اعتقلت على ايدي قوات الاحتلال اثناء توزيع المنشورات وتعرضت للضرب والمطاردات من قبل المخابرات البريطانيا كانت تسند لها مهمة تنظيم الاجتماعات الموسعة للجبهة اثناء مرحلة الكفاح المسلح كما قامت بقيادة احدى الدبابات البريطانية عند سقوط مدينة كريتر في ايدي الفدائيين والاحرار في 20يونيو 67م. [c1]زهرة هبة الله[/c]
تعد زهرة هبة الله من المؤسسات الأوائل لتنظيم القطاع النسائي بالجبهة القومية عرفت بالانضباط والالتزام وتحمل المسؤولية والجدية بالعمل والاطلاع الثقافي والمعرفي.. وكانت عضوة في الشعبة التي تتولى مسؤولية الرابطة في توزيع المهام المناطة بها وأوكلت إليها مهمات سرية في إطارها التنظيمي للقطاع النسوي وكانت تقوم بتوزيع المنشورات وإذاعة البيانات العسكرية من المساجد بعدن. أما أنيسة الصائغ وهي إحدى الوطنيات البارزات فقد برزت مشاركتها بين صفوف طالبات المدارس في المظاهرات المنددة ضد السياسة التعليمية البريطانية والممارسات التعسفية ضد الشعب, أظهرت اهتمامات وتحديات كبيرة أثناء انخراطها في الجبهة القومية التنظيم السري للتحرر من براثن المحتل وتجلى ذلك من خلال تدرجها في العمل التنظيمي من عضو حلقة ثم خلية فخلية قيادية الى عضوة رابطة التي تتحمل مسؤولية العمل التنظيمي في جميع المناطق الداخلية بمدينة عدن. شاركت الصائغ في المظاهرات الشعبية التي تنطلق في الشوارع ضد الوجود الأجنبي الى جانب عقد الاجتماعات السرية في البيوت لقراءة التعميمات والقرارات وحوصرت في احد المساجد برفقة زميلتين اثناء اذاعة منشور بالعمليات الفدائية لكنها تمكنت من الفرار بمساعدة المصلين بالمسجد. ولم تتوقف الحركة النسائية المناضلة ضد المحتل عند عدد محدود من النساء بل كان هناك عدد كبير منهن في مختلف الميادين فهذه رضية احسان الله وهي إحدى المناضلات اللائي عرفها سجل المنظمات والمشاركات بالمسيرات العمالية التي شهدتها مدينة عدن ابان الحقبة الاستعمارية ، وأسست رضية جمعية المرأة العربية في العام 1956م ولعبت من خلالها دورا سياسيا مشهودا في فترة النضال الذي خاضه الشعب اليمني ضد المحتل البريطاني مع التنظيم الطلابي والعمالي .. وقد تمكنت الجمعية بعد إنشائها من إقامة علاقات ثنائية مشتركة مع اتحاد نساء مصر العربية العام 1958م وشاركت في عدد من الفعاليات النسوية العربية وكان لها دورا كبيرا في حث النساء بالمطالبة عن حقوقهن التعليمية والعملية وتوعية المرأة والمجتمع بأهمية التحرر والاستقلال ودفعها للانخراط في صفوف للتعليم والعمل.
وسجلت رقية محمد ناصر كواحدة من الرعيل الاول التي سخرت حياتها لخدمة قضية المرأة في الخمسينيات وتعتبر أول رائدات الحركة النسوية في عدن .. حيث قامت بتأسيس اول جمعية خاصة بشؤون وقضايا المرأة عرفت باسم (جمعية المرأة العدانية) بمساعدة عدد من النساء اللواتي قدن نشاط وعمل الجمعية وفق معطيات الواقع انذاك. كسرت الجمعية من خلال نشاطها هذا طوق العزلة ووضعت معالم لنشاطها الاجتماعي في محو امية المرأة وفتح صفوف التعليم لتقوية الطالبات والتدبير المنزلي والتطريز والاشغال اليدوية وكانت تمثل متنفسا للعديد من الشابات اللواتي اخذن اماكهن وطموحهن تتشكل في ظل معطيات المد الثوري والتحرري وتبلور الحس الوطني. [c1]الفدائية نورية طيب[/c]لم تكن الفدائية نورية الطيب إمراة عادية بل كانت مناضلة صنعت الكثير من العجائب ، لعبت دورا هاما في الستينيات حيث سهلت عمل الفدائيين ونقلت الذخائر واخفت المنشورات وكان لها يد بيضاء في خدمة الثورة من خلال نشاطها الفدائي المتمثل بإخفاء الذخائر وتسليمها للفدائيين المرابطين على خطوط التماس خلال أحداث تحرير عدن في 20يونيو. يبدو مما سبق ان الحركة النسائية شكلت آنذاك إطارا واضح المعالم والأبعاد في مسيرة النضال من خلال الأدوار البارزة والملموسة التي لعبتها في تفعيل الحركة السياسية والوطنية التي خاضها الشعب اليمني ضد المحتل البريطاني كما كان لها أدوار مشهودة في الدفاع عن أهداف ومبادئ الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ومكاسب وانجازات الوحدة اليمنية واثبت قدرتها وطموحها للإطلالة على العالم والانفتاح نحو مظاهر الحياة المختلفة.