بعكس البداية لم يقل لنا « بوش»في النهاية أن :
«كان قائداً فاشلاً ومتغطرساً ولكنه كان أباً جيداً على ما أظن »!؟!باختصار هذه العبارة الأخيرة التي يفضل الأمريكيون مواساة الرئيس (القديم) نوعاً ما « جورج دبليو بوش» ومواساة أنفسهم فيما يشبه التهنئة المستحقة على رحيل الرجل الأكثر إثارة للنقمة من بين جميع الرؤساء الذين تعاقبوا على البيت الأبيض وربما أيضاً أكثرهم إثارة للشفقة والإحباط!أسرع مما يجب أو يتوقع هو نفسه سوف يصبح «بوش» قديماً وقديماً جداً حتى على بعد أيام من مغادرته البيت الأبيض مفسحاً الطريق للرئيس الأسود الجديد بمعان عدة حتى قبل انتهاء ولايته الثانية بقي له فيها بضع وسبعون يوماً بات أنصار الرئيس بوش ينعتونه بالرئيس السابق !؟ وهي تحية غريبة وثقيلة بالفعل!يبدوا واضحاً في التفاصيل الأمريكية أن الجمهوريين أولاً والديمقراطيين على السواء يفضلون طي صفحة الماضي والرئيس السابق ولم يزل رئيساً بعد ولأسابيع أخرى ولو كان الأمر متاحاً وقابلاً للتنفيذ على المسرح لأزاح هؤلاء وأولئك عن كاهل بلادهم جبلاً من الأزمات والمشاكل والذكريات السيئة، إسمه بكل بساطة « جورج دبليو بوش» ولكن بوش من النوعية التي يصعب معها أو معه النسيان سريعاً لأنه حفر لنفسه مكانة صعبة في المنطقة الخطأ من الذاكرة الأمريكية والعالمية بنفس القدرة أو اسوأ وأفدح . وأختار مكاناً باهضاً في ذاكرة التاريخ والشعوب وليس هو المكان المناسب للراحة!هل خسر « ماكين» الجمهوري شيئاً ؟ يبدو السؤال من شكله عديم الفهم وقليل الحيلة فلم يكن بإمكان « ماكين» العجوز والمراهق أن يفعل أفضل من ذلك وأن يخسر بتلك الطريقة الانتخابية التي تحمله لوحده ومن خلالها نتائج وأوزار ومساوئ الإدارة الجمهورية بقيادة بوش طوال ثماني سنوات مرت على أمريكا وعلى العالم أطول من قرن وأثقل من قهر ومرارة!لم يخسر « ماكين» شيئاً كان يمكن أن يكسبه أو يحصل عليه من دون المرور بمحكمة الشعب والتاريخ .. وقد أصدرت حكمها ليس عليه بل على غريمه وصاحبه اللدود « بوش» فالذي حكم على « ماكين» بالخسارة هو الذي حكم على بوش بأن يصبح الرئيس السابق ولم يزل رئيساً وأن ينعت بالقديم قبل أن يأخذ الجديد مكانه حتى.!من مساوئ الديمقراطية أن يعاقب « بوش» بإقصاء حزبه ومرشحه العجوز المرشحين جميعهم دفعوا العقوبة والضريبة بالنيابة عن الرئيس الذي لم يكن له أن يقول أول ولايته إن « الرب اختارني لقيادة أمريكا» وان الرب كلفني بمهمة مقدسة في العالم ومن دون أن يقول آخر ولايته أن « الرب عاقبني» وان « الرب لم يعد يثق بي مطلقاً بعد أن خيبت ظنه وأمله »؟!!هناك حوالي أو أكثر من سبعين يوماً قبل أن يحزم بوش ( عفشه) وصوره الجدارية ويغادر مكتبه البيضاوي العتيد وخلال هذه الفترة يمكن للرئيس السابق والقديم تجاوزاً أن يراجع الرب نفسه في جميع الكوارث والأخطاء القاتلة والتدميرية التي اقترفها بحق أمريكا أولاً وبحق شعوب العالم ثانياً وبحق دول الجنوب والشرقين الأوسط والعربي والعالمثالثية ثالثاً وبحق نفسه رابعاً وقبل ذلك وبعده بحق الرب؟!هل يستطيع بوش الآن أن يتحرر من ذكريات وصور الدماء والأشلاء الممزقة والمدمرة والملايين المشردة أو الميتة بفعل « المهمة» المزعومة والموكلة إليه من « الرب» وهو يغادر قرقعة وقرقعة حربين أشعلهما ولم ينجح أبدا في إطفائهما ؟! وهو وحده من يملك يقيناً الإجابة المفصلة ونملك المحملة.