تحقيق / أثمار هاشم - ت/ عبدالواحد سيف:يعرف مرض السل في العالم بانه داء الفقراء، وينتشر في الدول النامية اكثر من غيرها وعلى الرغم من كون هذا المرض اصبح من الامراض التي يمكن شفاؤها فإنه لايزال يفتك بحوالي (5000) شخص يومياً على مستوى العالم.وقد انشئت في اليمن عدد من المراكز الاقليمية لمكافحة السل، بدعم من منظمة (جايكا) اليابانية ، كان آخرها المركز الذي انشئ في عدن عام 2003م، صحيفة (14 أكتوبر) التقت عدداً من المسؤولين في المركز..[c1]النشأة والمهام[/c]
في البدء التقينا د. عبدالناصر عياش ، مدير المركز الذي تحدث الينا قائلاً : " انشئ المركز الاقليمي لمكافحة السل في عدن بدعم من حكومة اليابان بغرض توسيع نشاط مكافحة السل في المحافظات الجنوبية والشرقية (عدن، لحج، الضالع، ابين ، شبوة، حضرموت، المهرة) وتم افتتاح المركز في 2003/12/5م وكان الهدف هو الاشراف على نشاط مكافحة السل في تلك المحافظات المذكورة وتدريب الكوادر من مختلف الفئات : أطباء ، فنيو مختبرات منسقو مديريات على نشاط مكافحة السل ، كذلك يقوم المركز بدور مرجعي باجراء فحوصات ضبط العينات حيث يتم تجميع عينات(البصاق) التي اجريت في محافظة عدن وباقي المحافظات التي يشرف عليها المركز ، فيتم اعادة فحص تلك العينات وكذا اجراء فحوصات زراعية للحالات المستعصية ، ومن ضمن نشاط المركز كذلك توزيع الادوية والمستلزمات الخاصة بالسل التي تصلنا من صنعاء على المحافظات وذلك حسب احتياج كل محافظة من الادوية اضافة الى جمع الاحصائيات الخاصة بنشاط مكافحة السل وتحليلها وتقييم العمل فيها ، كما يقوم المركز باجراء الدراسات والبحوث الخاصة بتحسين نشاط مكافحة السل".[c1]اقسام المركز[/c]
وحول اقسام المركز قال :" يتكون المركز من طابقين ، الطابق السفلي منه يضم عدداً من الاقسام الفنية والادارية حيث تشتمل الاقسام الفنية على : التدريب والتأهيل ، التموين والإمداد، المختبر، الاشعة والاحصاء اما الاقسام الادارية فتضم شؤون الموظفين الصيانة والسكرتارية، وفيما يخص الطابق العلوي للمركز فيوجد فيه قاعات المحاضرات وسكن المتدربين ".[c1]السل في اليمن[/c]وفي سياق حديثه عن الفحوصات والمصابين بالسل في بلادنا قال :" في السابق كان الأطباء لايعيرون تشخيص فحص (البصاق) اهمية كبيرة، بل كانوا يعتمدون على الاشعة في تشخيص حالات السل ولكن منذ ان تم افتتاح المركز اصبح لفحص ( البصاق) أهميته حيث يتم بواسطته اكتشاف حالات السل ايجابية (البصاق) اي اكتشاف عصيات السل " الميكروبات" في شريحة الشخص المصاب وهذه الفئة من المرضى هي المستهدفة من البرنامج بوصفها مصدراً للعدوى ، كذلك توجد حالات سل سلبية (البصاق) يتم اكتشافها من فحص شرائح المرضى، بحيث لاتحتوي تلك الشرائح على عصيات السل لذا تعتبر هذه الحالات اقل خطورة.وقد شهدت الجمهورية اليمنية تناقصاً ملحوظاً في اعداد حالات السل ، فقد بلغ عدد حالات السل ايجابية (البصاق) المكتشفة عام 2003م حوالي (4325) حالة وتضاءل العدد في عام 2005م الى (3067) حالة ، وهذا التناقص في عدد الحالات جاء نتيجة التوسع في نشاط مكافحة السل على مستوى المحافظات والمديريات والمناطق الطرفية في وحدات الرعاية الاولية ، والتي تؤدي التنفيذ الفعلي لسياسة البرنامج وجميع تلك الاحصائيات السابقة مأخوذة من واقع سجلات وحالات مرفوعة من المحافظات ، حيث ساهم الاكتشاف المبكر لحالات السل في علاجه وبالتالي السيطرة عليه وتقليل اعداد الحالات المصابة ".[c1]خطط المركز[/c]وفي رده عن خطط المركز قال:((يوجد للمركز خطط للتدريب ، وقد قام منذ افتتاحه بتدريب اكثر من (150) طبيباً من المحافظات الجنوبية والشرقية وكذا (100) فني مختبر ومنسق رعاية والمركز لايكتفي بالتدريب بل يقوم بالنزول الاشرافي لتلك المحافظات وتجميع شرائح فحص ( البصاق) منها لاعادة فحصها هنا بالمركز، وذلك للتأكد من الحالات .. ولقد وجدنا ان اتباع اسلوب العلاج الاشرافي ساهم في التقليل من حالات السل خاصة وانه بالسابق كان مريض السل يأخذ علاجاً لمدة تتراوح بين اسبوعين الى شهر في المنزل وبدون اي اشراف ، ولكننا الآن نصر على العلاج الاشرافي حيث يعطي المريض اقراص مدمجة ، وهي عبارة عن نوعين او ثلاثة من الادوية يتم دمجها في قرص واحد ويأخذها المريض من المواقع الصحية لمعالجة السل، والبالغ عددها (7) في محافظة عدن ما بين مستشفى ومجمع صحي ، وقد واجهتنا معضلة وهي ان بعض المرضى يجدون صعوبة في الوصول لتلك المراكز بشكل يومي لاخذ العلاج .. لذا فنحن لدينا خطة لتدريب الكوادر في مراكز الرعاية الصحية الاولية حينها لن يضطر المريض للذهاب الى المجمعات الصحية اذا كانت بعيدة عنه ، وسيكتفي بالتوجه الى مراكز الرعاية الصحية الاولية بشكل يومي لأخذ العلاج..وأضاف :
كذلك من ضمن خطط المركز تدريب العاملين في القطاع الخاص، لان هناك بعض الاماكن لايوجد فيها مراكز صحية حكومية لذلك سيتم اشراك القطاع الخاص لتطبيق هذه السياسة ، حيث سنقوم بتزويد مراكز القطاع الخاص بكافة الادوية والمستلزمات الخاصة بمكافحة السل ، وسيكون على المريض أخذ العلاج من مراكز القطاع الخاص.لذلك ترون اننا نصر على تطبيق سياسة العلاج المباشر لسببين مهمين هما: تقليل نسبة التخلق من المرضى، وتقليل نسبة المقاومة لادوية السل حيث تنشأ المقاومة نتيجة انقطاع المريض عن العلاج ، وهذه الحالات من المقاومة نقوم باكتشافها عن طريق اجراء الفحوصات الزراعية ، ومستقبلاً سنقوم بعمل فحص الحساسية لمعرفة انواع الادوية التي يمكن تقبلها من عدمها، إلا ان الخطورة الحقيقة التي يمكن ان تواجهنا عندما يكون المريض مقاوماً لكافة انواع الادوية ، ومثل هذه الحالات قليلة في اليمن ويتم علاجها عن طريق الخط الثاني الذي يتم في الخارج.[c1]الايدز والسل[/c]وفي رده عن مرضي الايدز والسل، افاد بالآتي:" الايدز هو نقص مناعة الشخص وعندما تقل مناعة الشخص فانه يصبح عرضة للاصابة بالامراض ومنها السل، واعراض الاصابة بالمرضين معاً تكون واضحة للعيان ويتم العلاج من السل عن طريق اجراء الفحص بشكل روتيني وعلاجهم بنفس الانظمة العلاجية التي يستخدمها مرضى السل .. ونحن هنا في المركز في طور الانتهاء من دراسة قمنا بها على كل مرضى السل الذين اكتشفوا في المحافظة باجراء فحص الايدز لديهم ، وقد وجدنا انه من بين (200) حالة سل هناك (4) حالات تم اكتشاف الايدز، ونود الاشارة هنا الى انه لايوجد تعارض بين ادوية السل وادوية الايدز".[c1]الصعوبات[/c]واضاف الأخ د. عبدالناصر عياش ، مدير المركز الاقليمي لمكافحة السل إن من ابرز الصعوبات التي نواجهها في المركز تلك المتعلقة بالكوادر الفنية المدربة ، فهم غير ثابتين وسريعوالانتقال من هذا المجال وذلك لشعورهم بالخوف من الاصابة بعدوى المرض، لذا فاننا نعمد الى اعادة تدريبهم من جديد مما يحملنا اعباء مالية لذلك فاننا نقوم بأخذ التزام من الفنيين بالعمل معاً مدة لاتقل عن ثلاث سنوات .. ومن ضمن الصعوبات التي تواجهنا كذلك ان بعض المستشفيات في المديريات ليس لديهم امكانيات وتحديداً في وسائل المواصلات لمتابعة الحالات في المديريات خاصة في الارياف، الامر الذي يعوق عملية متابعة المتخلفين عن العلاج ولحل هذه المشكلة سوف يتم توزيع عدد من الدراجات النارية لبعض المديريات للقيام بالاشراف على الحالات".[c1]نصيحة[/c]واختتم حديثه معنا قائلاً :"وفي الاخير أحب ان اوجه نصيحة لمخالطي المرضى انه إذا تم اكتشاف حالات سل في اي موقع اوبيت فان عليهم الحضور للفحص وذلك بغرض الاكتشاف المبكر للحالات ، وكذ على مرضى السل عدم الانقطاع عن العلاج الا بأمر الطبيب المختص ، واخذ العلاج بشكل يومي للتخلص من المرض"..[c1]مختبر مرجعي[/c]
واثناء جولتنا في المركز التقينا الاخت شهيرة حامد احمد، مشرفة مختبرات سل بمحافظة عدن، التي تحدثث الينا قائلة:" يعتبر مختبر المركز مختبراً مرجعياً لضبط العينات لشرائح السل والبحث الزراعي، حيث تصلنا حالات من مستشفى الجمهورية ومجمعات الميدان، المعلا، البريقه، دارسعد، الشيخ عثمان والمنصورة،ونقوم بعمل فحص لـ (60) شريحة لكل مجمع (30) حالة ( بصاق) ايجابي و( 30) حالة ( بصاق) سلبي ، ويبلغ اجمالي عدد الشرائح التي نقوم بفحصها (400) شريحة ربعية واكثر الحالات التي تصادفنا من النساء والشباب الذين تتراوح اعمارهم بين (18-25) سنة ، ونلاحظ ان التثقيف الصحي للأطباء بدأ يعطي ثماره من حيث شرحهم للمريض عن : طبيعة المرض ، فترة العلاج ، الادوية المطلوب أخذها ، الاعراض الجانبية ، فكلما كان اسلوب الطبيب لطيفاً في اخبار المريض بمرضه كان تقبل المريض له بصورة افضل، خاصة وان مرض السل من الامراض التي يمكن شفاؤها بينما هناك امراض فيروسية اخرى ليس لها علاج حتى الان "..[c1]الاستفادة من الدورات[/c]
كما نزلت (14 اكتوبر) الى مجمع المنصورة الصحي، والتقت الاخت ام بدر عبداللاه ،منسقة صيدلية الصدر بالمجمع ، التي تحدثت الينا قائلة:" أعمل في صيدلية الصدر منذ حوالي (16) سنة، وقد استفدنا كثيراً من الدورات التي نظمها المركز الاقليمي لمكافحة السل وعرفنا كيف نثقف المريض صحياً وكيفية اعطائه الادوية وكتابة التقارير المتعلقة بالمرضى ، وفي احيان كثيرة لايأتي الينا المريض بنفسه بل يأتي اهله ونخبرهم بأن المريض يعاني من التهابات بالصدر لاننا نريد اخبار المريض بمرضه، اما عندما يحضر الينا المريض شخصياً فنقوم باخباره بصورة منفردة عن مرضه والطريقة التي سنتبعها بالعلاج ، فمثلاً في مرض فحص (البصاق) الايجابي للسل يتعالج المريض لمدة شهرين متواصلين ثم نطلب منه عمل فحوصات جديدة ( للبصاق) ونكمل بعدها العلاج لمدة ستة اشهر ، وقد وجدنا ان هناك انتظاماً كبيراً من قبل المرضى في الفترة الاخيرة على أخذ العلاج واتباع الارشادات التي اعطيناها له لتجنب نقل العدوى للآخرين))..[c1]تحسن المرضى[/c]كما تحدثت الأخت ام احمد الخضر ، والدة احدى المصابات بالسل التي اخبرتنا قائلة :((في حقيقة الامر عندما اخبروني بمرض ابنتي شعرت بصدمة لاصابتها بهذا المرض وقد تأثرت جداً، ولكن الاخوات هنا في صيدلية الصدر هذأنا كثيراً من مخاوفي عن مرض السل واعطينني ارشادات نتبعها في البيت .. وفي الحقيقة منذ ان بدأت ابنتي بأخذ العلاج تحسنت حالتها كثيراً ويمكن القول الان انها شفيت..[c1]كلمة اخيرة[/c]نشدد على ضرورة نشر الوعي حول مكافحة مرض السل على نطاق واسع ، وذلك للتقليل من خطر الاصابة بهذا المرض او العدوى منه، خاصة وانه اصاب واعاق اشخاصاً من فئات عمرية قادرة على العمل والانتاج .. ونتطلع الى اليوم الذي يأتي وتخلو فيه اليمن من هذا المرض..