الدكتور المهندس ثابت سالم العزب المتخصص في البناء الطيني لـ 14أكتوبر : 4-3
التقاه: عبد الرؤوف هزاع[c1]ممكن أن تعطينا لمحة مبسطة عن البناء في حضرموت وما هي أبرز معالم تريم الإسلامية والسياحية؟ [/c] - إن حضرموت سميت نسبة لأحد أبناء قحطان بن عامر بن سام بن نوح كان اسمه حضرموت وكتب التاريخ مجمعة على أن حضرموت كانت مهد حضارات متعددة كحضارة عاد الأولى لعلها أقدم الحضارات الإنسانية التي لا تزال آثارها باقية حتى يومنا هذا متمثلة في بقايا مدنهم ومعابدهم وقبور أنبيائهم ومنهم النبي هود والنبي صالح عليهما السلام. (رونالد ليوكوك).قال تعالى : (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً، فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين) صدق الله العظيم (الأعراف آية 74) ,أن أبناء عائلة عاد أول من سكن وادي حضرموت وكان النبي هود عليه السلام الذي لا يزال قبره قائماً هناك احد أبناء عاد والذي ينسب إلى نبي الله نوح عليه السلام - حيث يقع قبر نبي الله هود عليه السلام في مركز السوم شمال شرق مدينة سيئون بمسافة (140كم) .خلال التاريخ الإنساني ارتبطت العمارة وعمليات بنائها بالبيئة واستطاع إنسان حضرموت احترام بيئته والتكيف معها، وما نلحظه اليوم في نظم البناء منذ قرون عديدة وبالذات في وادي حضرموت هي حضارة تستوعب البيئة والمناخ وتتجلى في روحانية الديانة الإسلامية منذ ظهورها في شبه الجزيرة العربية، وأضحى الفن الإسلامي أكثر تميزا في مدينة تريم لا من خلال المساجد العديدة التي بنيت بل وفي فنها المعماري المتميز وتطوره من مقرصنات وزخرفات بديعة، وأبدع في وضع المعالجات الفنية للإضاءة والتهوية، وتلبي كل طقوس العبادة وعادات المسلم في تنفيذ مخطط البيت والمسجد والمدينة الإسلامية بشكل عام.من لا يعرف منارة المحضار في مدينة تريم؟ ليس على مستوى اليمن والوطن العربي فحسب بل على مستوى العالم، إنها بحق تحفة معمارية جميلة، صنعت من طين تريم، ومن قش تريم وأعواد أشجاره، وتعد أطول مئذنة صنعت من الطين في العالم، ونحن اليوم ننظر إليها بفخر ولكننا نتردد أن نقيم مئذنة مماثلة من الطين؟ لماذا نخاف بالرغم من توفر وسائل عمل متطورة، نستطيع أن نضع لها إطارا، ونصنع لها هيكلا من القوالب الخشبية أو الحديدية، بل نستخدم رافعات وآليات لم تكن متوفرة حينها، ولكننا نخاف؟ فمتى نستفيد من تجربتنا في مجال البناء الطيني؟ زميلي المهندس اليمني إنها خسارة كبيرة إذا لم تكن تفهم شيئاً عن البناء بالطين؟ بل عيب كبير علينا أن نتجاهل هذا الإرث الكبير مدن عظيمة، ومآذن، وقصور وقلاع وأسوار وأبراج، يأتي إليها العالم مندهشين، ونحن لا نعير هذا الإرث ولو بعضا من اهتمامنا! ودعونا نلقي بعضا من المعلومات الموجزة عن هذا الفن الراقي.بنى مسجد المحضار، عمر المحضار بن عبد الرحمن السقاف - أول نقيب للعلويين والمتوفى عام 1429م، وهو بمقاس 63x93 قدما، وقد وسع المسجد وجدد في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، وبلغت مساحة المسجد (142 في 126) قدما. وله منارة فاقت شهرتها العالم القديم والحديث، كونها تعد دليلا على تقدم الفن المعماري المبني من مادة الطين والمطلي بالنورة وروعة من الروائع الفنية النادرة، حيث بلغ ارتفاع المنارة 175 قدما، حوالي(47م) تقريبا، وقام ببناء المسجد ومنارته أبو المهندسين والمعالمة عوض سلمان عفيف وإخوانه من معالمة تريم. [c1]القصور:[/c] خلال فترة دراستي وعملي في وادي حضرموت، كنت متعلقا بمدينة شبام التاريخية، وعماراتها الشاهقة باعتبارها أقدم ناطحات السحاب في العالم، وبالرغم من زياراتي المتكررة إلى مدينة تريم وتعرفي على بعض قصورها، ومساجدها إلا أني لم أبحث يوما مخططات تلك القصور، ومساقط أدوارها، ولكن خلال زيارتي الأخيرة في مطلع 2010م، كانت هناك ترميمات لتلك القصور، من قبل إدارة صندوق إعادة الأعمار بالتنسيق مع وزارة الثقافة وبعض الجهات المشرفة على مدينة تريم بمناسبة إعلان تريم عاصمة للثقافة الإسلامية 2010م، وقد اطلعت على مساقط تلك القصور، وأذهلني دقة التوزيع المعماري والإنشائي لغرف وصالات وجدران الأدوار المختلفة، ناهيك عن الزخرفة والمنمقات في واجهات الأسوار والواجهات، الحلول الفنية للتهوية والإضاءة، ناهيك عن جمال التخطيط وأسلوب التوزيع للفراغات واستخداماتها الحية، كان المعلم يمتاز بالدقة والذكاء، وكانت مقاساته اليدوية، تنسجم تماما مع قياسات الهندسة المدنية والمعمارية الحديثة، فقصور تريم مبنية بشكل عصري بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مكتملة الشروط والمواصفات وحتى في تحديد متطلبات سماكة الجدران، وسلالم الطوارئ، ومنافذ التهوية وأسلوب تجديده، بل ولم أشك مطلقا في إن تلك المساقط تعد هندسيا من أفضل الرسومات الحديثة معماريا وإنشائيا، بل استوعبت تلك القصور الحياة العصرية الحديثة من التمديدات الصحية والتسليك الكهربائي وغيرها من متطلبات الحياة العصرية. ومن تلك القصور الجميلة نذكر: قصر عشة، قصر التواهي، قصرالكاف، وغيرها من القصور الجميلة، أما أهم القصور التاريخية نذكر منها:(حصن الرناد) وهوحصن قديم كان مقرا للحكام ويرجع بناء الحصن إلى عهد قديم قبل الميلاد وقد عثر فيه أخيرا على رأس حيوان من الرخام الأبيض وعليه بعض الكتابة المسندة، اتخذت الدول المتعاقبة على تريم الحصن مقرا للحكم من عهد ما قبل الإسلام وما بعده فمنذ عام 818 م، وفي عهد الزياديين والحصن مقراَ للحكم، وفي عهد الحسين بن سلامة كان حصن الرناد مقرا للحكم حتى عام 1011م، وبقي مقرا للحكم .ولقد جدد بناء الحصن عبد الله بن راشد القحطاني عام 1203م، كما بنا سور تريم عام 1204م، وكان له ثلاثة أبواب. وهناك قصور أخرى تاريخية مثل: (قصر القبة، حصن النجير، حصن العر) وغيرها.[c1]دراسة لأبناء الوادي الحضرمي أثناء دراستك العلمية في رسالة الدكتوراه ما هي النتائج العلمية التي تقدمها لأبناء الوادي ومهندسيهم؟[/c]- عندما قمت بدراسة البناء بالطين في الوادي منذ مطلع 2001م لم يدر بخلدي، أن المعلم لديه خبرات كبيرة في مجال معرفة الطين وخصائصه، والمعلم لفظة يستخدمها أبناء الوادي تقديرا للبناء المتمكن الذي يصل إلى مصاف معلم الأجيال، وهناك احترام كبير، حيث يتعامل العمال مع المعلم تعامل الأبناء مع الأب وهذه حقيقة استشعرتها حينما كنت أقوم بتدريب فرق العمال التابعين لجمعية الحفاظ على الموروث في عام 2005م، تحت دعم منظمة GTZ الألمانية، وكانت الفرقة متكاملة تتكون من معلم ومساعد معلم وسبعة عمال، حيث تم تأهيل أكثر من 200 شخص في مديرية شبام على إسناد الجدران الطينية، وتنفيذ شبكة المجاري الداخلية والخارجية.وكان المعلم هو الأكثر استيعابا من الآخرين، بل لم يتجرأ العامل على فعل شئ دون إذن من المعلم، ولم يصل العامل إلى مصاف المعلم إلا بعد حين من العمل الشاق، والمتقن وشهود المعلم له بالكفاءة بل تكليفه بالنيابة عنه في بعض الأمور البسيطة، متدرجاً نحو الأصعب منها إلى أن يصل إلى الإتقان التام للمهنة.إن مدينة شبام بكل مبانيها والتي تصل إلى أكثر من 500 مبنى (6 - 8) أدوار لم توجد بها طوبة واحدة محروقة، إلا مسجد هارون الرشيد حسبما يقال بأنه مبني من الطوب المحروق، ولكن هل تم حرق الطوب في الوادي أم تم جلب الطوب المحروق من أماكن أخرى؟ وكذلك حسبما أعتقد إن مدينة تريم أيضا لم تشهد حرق الطين، لماذا إذا؟ هل لم يختبروا الحرق؟ هل تم الاختبار ولم ينجحوا فيه؟ اسئلة لم أكن قد سألتها من السابق، ولكن عرفت الجواب عندما قمت بالاختبارات لعينات التربة المجلوبة من الوادي. طلبت من بعض أصدقائي أن يجلبوا لي عينات من محافر الطين المستخدم في الوادي (وخاصة في تريم وشبام)، فأخبرني المعلم علي من منطقة سحيل شبام بأنه يوجد نوعين من الطين في الوادي: الطين الحار والطين البارد، وحينما كنت أتهيأ للسفر إلى روسيا الاتحادية زودني بالنوعين بما يزن 5 - 7كجم لكل نوع، وكذا عينات من التبن والنورة. فأخذت تلك العينات إلى جانب عينات أخرى من صنعاء ولحج، وكانت المفاجأة، حينما عرفت بأن النوعين المجلوبين من حضرموت، فعلا مختلفتين ربما لم يكن اختلافا كبيرا ولكنهما في كل شيء مختلفان في التكوين، في الخصائص الفيزيائية والميكانيكية، وحتى في الخواص الكيميائية، وكانت المفاجأة الكبرى بعد الحرق، حيث قلت القوة ومن المفترض أن تزيد، وكبر الحجم ومن المفترض أن يقل، وأفادنا البروفيسور ليسافيك ف. س. العالم في مجال مواد البناء، في جامعة بالجراد الحكومية بأن هذه التربة غير صالحة للحرق نتيجة لزيادة المواد المذابة، وكثرة نسبة الجير، وقلة نسبة أكسيد السيلكون (الرمل)، وحينها أيقنت إن خبرة الأجداد، خبرة لا يستهان بها، وان خبرتهم العلمية في مجال التخمير والمقدرة بـ 24 ساعة صحيحة، وان إضافة التبن بعد التخمر وخلطه جيدا ثم قولبة الطوب أيضا صحيحة، بحسب نتائج المختبر.تحققت نتائج تبيانا للاستفادة منها للمهتمين في هذا المجال، حيث التربة أيضاً في الساحل غير صالحة للحرق إلا أن المعالجات التي تتم مثل إضافة الرمل وغسل التربة للتقليل من تأثير المواد المذابة، ربما تعطي نتائج مقبولة في هذا المجال، إن أكثر المحافر دراسة تقع بالقرب من المدن: صنعاء، لحج، وكذا تريم و شبام حضرموت والتي تحتوي على نوعين من التربة بما يسمى محليا بالبارد والحار وقد رمز له في الرسالة (شبام - 1، وشبام - 2).للمقارنة مع الآخر وللتأكد من صحة النتائج للتربة المدروسة في الجمهورية اليمنية، تم أخذ عينات لتربة مدروسة من مناطق روسيا الاتحادية (كورسك، КМА)، وأسقطنا تلك النتائج جنبا إلى جنب مع نتائج التربة في اليمن لغرض المقارنة، ومعرفة مناطق الائتلاف والاختلاف في تطبيقات الكود الروسي والطريقة المتبعة في الأبحاث العلمية لتحديد مدى صلاحية التربة للحرق وإنتاج الطوب الطيني وفيما يلي النتائج الكيميائية:إن مكونات SiO2 لعينات لحج وصنعاء أكبر من عينات شبام حضرموت بنسبة كبيرة، أماAI2O3فنجد أيضا نسبتها أقل في عينات شبام، أما بالنسبة لأكسيد الكالسيوم (CaO) فان النسبة في عينات شبام تفوق كثيرا عينات صنعاء ولحج، كما تفوق أيضا النسبة المقررة في الكود الروسي، ما يحظر استخدامه في عمليات الحرق.وفي الرسم البياني تم ترميز التربة المدروسة وتموضعها في مساحات التصنيع المقررة بناء على نتائج المكونات الكيميائية للتربة. ففي 1، 2 ترمز إلى التربة الطينية في روسيا الاتحادية منطقة كورسك الصناعية، حيث تقع في وسط المساحة المقررة لصناعة الطوب الأحمر، إذا فهي صالحة للحرق وإنتاج الطوب المحروق، كما إنها تصلح أيضا لإنتاج طوب القرميد. أما التربة الطينية في اليمن وخاصة طين محافظتي صنعاء ولحج (في النقاط 3،4 من الرسم البياني لافجوستينيكي) تقع أيضا في طرف المساحة المخصصة لإنتاج الطوب الأحمر للجدران ولكنها غير صالحة لإنتاج الأنواع الأخرى المحددة في الرسم البياني.أما الطين الخاص بعينات شبام حضرموت والواقعة في النقطة 5 لعينة شبام حضرموت- 1 والنقطة 6 لعينة شبام حضرموت - 2 في الرسم البياني وبسبب احتوائها على نسبة كبيرة من المواد المذابة فإنها تقع خارج الإطار المحدد لمساحات إنتاج الطوب المحروق بجميع أنواعه.إن نتائج صلاحية استخدام الطين لإنتاج الطوب الأحمر المحروق استندت على أساس التحليل العلمي للرسم البياني المرتكز على محتوى النظام الثلاثي لمركبات CaO-Al2O3-SiO2وكذلك النتائج المتوافقة والمؤكدة لتلك النتائج العلمية من خلال استخدام طريقة الرسم البياني للعالم الروسي افجوستينيكا، كما تتناسب مع النتائج العلمية المخبرية للتجارب الفيزيائية والميكانيكية للمكعبات المعمولة من تلك العينات للتربة الطينية في اليمن، تحت 950 درجة مئوية. الخواص الفيزيائية - الميكانيكية للمكعبات، المحروقة تحت درجة حرارة 950 درجة مئويةالخصائص الفيزا - ميكانيكية للمواد المركبة على أساس التربة الطينية والألياف نباتية المنشأ. يهدف البحث إلى الوصول إلى القوة الفيزا - ميكانيكية المثلى لطبيعة الائتلاف على أساس التربة الطينية لمختلف مواقع الطين في اليمن. وفي هذا البحث تم استخدام الطين من المناطق التالية: صنعاء، لحج، وشبام حضرموت - وقد تم دراسة الخصائص الكيميائية، والفيزيائية ، التركيب المعدني، والتركيب الحبي وغيره.قوة الكسر عند الضغط وعلاقتها بنسبة الرطوبة عند قولبة المكعبات الطينية:عند زيادة نسبة الرطوبة (الماء) لخلط الطين الرملي من 18 إلى 26 % فان قوة الكسر عند الضغط قلت من 4,5 إلى МPа 1,2 وعليه فان زيادة الماء تؤثر سلبا على قوة الكسر للمكعبات الطينية، ومنه على طوب الطين. إن كمية الماء لخلط الطين تساعد على إبراز خاصية اللدونة البلاستيكية المطلوبة لتشكيل الطوب الطيني ومن خلال هذه التجربة فان الماء اللازم يشكل نسبة 18 %. إن خاصية التجربة المحلية في محافظة حضرموت (شبام) استخدام التبن كمادة مضافة، وفي محافظة لحج يستخدم الهدي (الأثل) كمادة مضافة لخلطات الطين، وقد تم استخدام طريقتين لإنتاج الطوب بتقييس المادة المضافة إلى نسب 0,5، 1,0، 1,5 % من وزن الطين الجاف، وتمثل الطريقة الأولى بمزج الطين والماء وإضافة المادة المثبتة ثم يترك 24 ساعة يتخمر وبعدها يتم الخلط حتى الوصول إلى التجانس التام، ثم تتم القولبة للمكعبات الطينية، إما الطريقة الثانية يتم تخمير الطين والماء فقط لفترة 24 ساعة وبعدها تضاف المادة المثبتة ويتم الخلط حتى الوصول إلى التجانس التام، ثم تتم قولبة المكعبات مباشرة، وبعد الانتهاء يتم التجفيف في الظروف العادية لفترة 28 يوما، وقد تم اختبار المكعبات على قوة الكسر عند الضغط والانحناء عند العزوم.وتوجب الإشارة إلى انه قد تم تخمير الطين مع الماء لفترة تصل إلى 30 يوما، إلا إن قوة الكسر عند الضغط للمكعبات لم يطرأ عليها فوارق تستحق الذكر فلذا تم الاتفاق بان تكون فترة 24 ساعة تخمر للتربة الطينية كافية لإحداث تفكك محتويات الطين وتخمرها لغرض تسهيل التفاعلات اللازمة بين مركبات الطين والمواد المضافة.[c1]مواد حديثة للاستخداماستخدام مواد أخرى حديثة مثل ألبلك الخراساني والمسلح ما ضرره؟[/c]- يقول الزعيم السياسي نهرو: (من المؤكد أن المباني الكبيرة تكلف كثيرا من المال ولكن لمس الجمال أو الإحساس به لا يحتاج إلى مال وفير بل إلى قليل منه وفي الحقيقة لا يحتاج إلا إلى قليل من الخيال وحب الجمال من الذين يبنون، كما يمكن بناء بيوت متواضعة ساحرة وجميلة حتى لو كانت بيوتا من طين، ويمكن بناء قصور كبيرة تثير الاشمئزاز والرعب). إن ما نلحظه اليوم من غزو للمواد المستحدثة غير المتجانسة مع النسيج العمراني للمدن التاريخية، يشكل تشوها كبيرا لتلك المباني التاريخية بصورة خاصة وللمدن القديمة بشكل عام، إن المواد المستخدمة من الخرسانة المسلحة ومواد ألبلك من الخرسانة العادية، لا تتناسب شكلا ومضمونا مع مواد البناء المستخدمة في وادي حضرموت وغير صالحة لظروف المناخ في الوادي، كون توصيلها الحراري يصل إلى 80%، بينما الطين لا يتجاوز 20 % في كثير من الأحوال. التشوه البصري في عدم تجانس النسيج العمراني للمبنى أو للمدينة من خلال استخدام ألبلك الخراساني، من ناحية ومن الناحية الثانية فان البناء بالخرسانة بمثابة جهنم من الحرارة لا يستطيع معها الساكن تحملها.إذا بمناسبة اختيار تريم عاصمة للثقافة الإسلامية، وبمناسبة الاحتفاء بكل تلك القصور والحصون البديعة، نقول لجهات الاختصاص وللهيئات والمنظمات ذات العلاقة ابذلوا كل ما في وسعكم لإيقاف الزحف الشرس على ثقافتنا وكنوزنا الوطنية في مدينة تريم، إن ثقافة الوادي استوعبت منذ قرون أهمية البناء بالطين، وصنعوا منه معجزات كبيرة أبهرت العالم من قصور ومآذن وآيات في الجمال يعجز عنها التطور العمراني في عصرنا الراهن فلماذا نشوه تلك الكنوز بمواد لا تتناسب مع البيئة، وتشكل عائقاً نفسياً وفكرياً لمستخدميه، حيث ترتفع حرارة الوادي إلى درجة لايستطيع الجسم البشري تحملها، بل تؤثر عليه تأثيراً سلبياً كبيراً، لولا استخدام الطاقة المفرط في تكيف الجو لكي يطيقه جسم الانسان.إني اصرخ هنا لا للمواد الحديثة غير المتجانسة والتي لاتنسجم مع البيئة والمناخ ولا مع صحة الإنسان وراحته. نعم لاستخدامات الطين، ولنا فيه أسوة وتاريخ عريق، أما سلبياته فممكن التغلب عليها وحل معضلاتها، فإذا كان الماء هو المشكلة، فلنعمل حلولا للماء وللكوارث، ولكن لاتوجد مادة تضاهي مادة الطين تتناسب مع جسم الانسان وبيئة الوادي، أن الطين في وادي حضرموت هو هبة المولى لعباده، وهم أولى من غيرهم في صناعة الطوب والتفنن في بناء أروع المباني وأفضلها.