يخيل – لكثيرين – إن اللحظات الأخيرة وحدها الباقية أو كأنها وحدها هي الحدث ولا غيرها , أو كما لو أنه لن يرى مثيلها بعد .إنها اللحظات تمر خاطفة كشهاب , إلا إنها تظل هاجساً لا يفارق المخيلة زمناً طويلاً .ولكن .. إن أخذتنا روعة المشهد أو رعب اللحظة هذه إلا إنها يجب أن تنحو بعيداً عن سحر الكلمة لدى الصحافي لما عليه من واجب الحياد والموضوعية دون الانجراف وراء روعة / رعب الحدث الذي يستهويه .فيركب عليه أحلام الشهرة والمجد ضارباً عرض الحائط بتأثير الكلمة التي تصل إلى العامة حيناً كالشهد وكالنصل أحياناً كثيرة , لهثاً وراء المشهيات الصحفية التي تتراءى للبعض أهم من الحدث / الخبر / المعلومة ذاتها , يحيلها ظاهرة – بجّرة قلم – راسماً عليها أنواعاً من الإثارة بصرف النظر عن رخصها .وقد درج – هذا البعض – ممن يشتهون هذا النوع من الإثارة إلى الغوص عميقاً في جزئية انتقائية محدودة ويذهبون بعيداً إلى التهويل والتضخيم والمبالغة في إضفاء اللمسات الكاريكاتورية بقصد أن يصل الإيحاء قوياً إلى العامة .إنه الزمن البغيض وحظ اللحظة العاثر الذي تنسى فيها الأعراف مما جعل المرور على الأسطر الشائكة مرور كرام عدول دون لحظ متأنّ أو تقدم وتصحيح مما تترك الحبل على الغارب للبعض ممن يغضون الطرف عمداُ عن دقة الصياغة والنقل الأمين للكلمة لتصل إلى مانشيتات عريضة وقد بدت / صورة كظاهرة أخطبوطية .إن الصحافة الحقة مسؤولة عن إعطاء المادة حقها دون الخوض في دلالات مموّهة ومؤشرات غامضة أو استهداف بلا هدف قد تصل بالمتصحفين أن يجدوا في فتح ثغرات أو إيجاد مساحات للصيد الكيدي السهل .إنها الرضعة الديمقراطية التي اشتهاها السواد الأعظم واستشرهها البعض , دون أن يعي مدلولها أو يفقه عظم سحر الكلمة التي تأتي على طبقات , يسلمون تسليماً أعمى بالكلمة المطبوعة وكأنها عين الحقيقة وحدها .ونحن في وسط لم يبلغ درجة كافية من النضج الديمقراطي , يتلقى المعلومة بشتى مصادرها كحقيقة واقعة لا جدال عليها ( نظراً لنسبة الأمية زائداً عليها الأمية النصفية ) .الصحافي منوط به أن يعمل جاهداً وجاداً للتخفيف من وطأة المعلومة وثقل المعنى وبحسبانه الأثر النفسي الذي يضيف به إنسان العصر / مواطن اليوم.لقد أبلت صحف كثيرة في رفعة شأو مجتمعات وقيّدت الحرف بالموضوعية وحسب ، وانساقت أخرى وانجرف صحافيوها خلف أضواء صارخة مثيرة .
أخبار متعلقة